إيران الإرهابية حينما تصف غيرها بالإرهاب!!
هوية بريس – السيد أبو داود
الأربعاء 22 يونيو 2016
من عجائب الدهر أن تملأ إيران الإرهابية الدنيا حديثًا وصياحًا عن الإرهاب والإرهابيين والتكفيريين، فكل المنظمات الإسلامية المنضوية تحت فصائل الثورة السورية، والتي تعمل لإسقاط نظام بشار الدموي، كلها منظمات إرهابية، بل أكثر من ذلك فحسب رؤية إيران فإن الجيش السوري الحر منظمة إرهابية، وحسب الرؤية الإيرانية أيضًا فإن كل من يحمل السلاح ضد بشار الأسد إرهابي يجب قتله. أما أهل السنة جميعًا، الذين تطلق عليهم “النواصب” فهم كفار ووهابيون وتكفيريون!
نفس الشيء طبقته إيران في العراق ووصفت الفلوجة والرمادي وتكريت والموصل وديالى .. وكل مدن وقرى السنة بأنها تجمعات إرهابية يجب نسفها وإبادتها.
ولأن إيران موجودة سلبيًا وبكثافة في سوريا والعراق ولبنان واليمن، فإن الدور الإيراني في المنطقة أصبح أكثر خطورة، فقد أشعلت إيران النار في العالم العربي، وأعلنتها حربًا طائفية شاملة، كما وقفت ضد الثورات العربية التاريخية، وانحازت إلى أنظمة الحكم الديكتاتورية الفاسدة.
لقد أصبح العالم كله على يقين، بعد 13 سنة من الاحتلال الأمريكي للعراق، أن الميليشيات الشيعية المسلحة التي تنشر القتل والدمار والإرهاب يوميًا في العراق هي في الأساس صناعة أمنية للحرس الثوري الإيراني، ومعظمها يخضع بطريقة أو بأخرى له وتقوم بتنفيذ أوامره وتوجيهاته، ويعاني الشعب العراقي من المشاکل والأزمات التي تختلقها ولاسيما من حيث حوادث الخطف والاغتيال والتصفيات وحملات التهجير وجرف البساتين وتغيير ديموغرافية المدن على أساس طائفي، وکل هذا يترك آثارًا بالغة السلبية على الواقع الاجتماعي العراقي و يمزقه شر تمزيق وهذا مايهدد الشعب العراقي برمته ولهذا ليس بغريب أن يکون في مقدمة العراقيين الذين يطالبون بحل هذه الميليشيات كثير من الشيعة أنفسهم، والذين لايعتبرون هذه الميليشيات محسوبة عليهم.
لقد كان من المفترض أن تضم قوات “الحشد الشعبي العراقي” جميع مكونات المجتمع العراقي لمساندة الجيش ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، تحت مظلة “الحرب على الإرهاب”، لكن ما أن قامت المعركة حتى انكشفت بواطن “التقيّة الفارسية”، وتمثّلت بـ “جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات “الحشد الشعبي العراقي” بحق “السنّة” المدنيين في المناطق التي كانت تتبع لسيطرة “الدولة الإسلامية”، إضافة لذلك، تزعّم قاسم سليماني لتلك المعركة، في ظل تخبّط حكومي عراقي حيال ذلك الأمر، والذي قابله تأييد شديد لوجود سليماني في العراق من قبل شخصيات تابعة للحكومة العراقية الطائفية، كأمثال هادي العامري رئيس منظمة “بدر” التي تقاتل ضمن ذلك الحشد العراقي المزعوم والذي لم يضم إلا العناصر الإيرانية، والمتطرفين من شيعة العراق.
التقارير اليومية تتحدث عن الانتهاكات التي ترتكبها مليشيات “الحشد الشعبي العراقي”، المدعومة من إيران، بحق المدنيين السنّة، فإضافة إلى تقارير منظمات حقوق الإنسان التي تتحدث عن التهجير الجماعي للسنّة المدنيين، ومنعهم من العودة إلى بيوتهم والتنكيل بهم في ديالى وتكريت ومدن وقرى محافظة الأنبار، ترتكب هذه الميليشيات أبشع الجرائم بما فيها عمليات الذبح والتمثيل بجثث الضحايا، كنحر راعي أغنام في بلدة “الجلام” التابعة لمدينة العوجة قرب تكريت، وكإعدام سبعة عشر من أبناء بلدة الكرمة الواقعة شمال شرق الفلوجة بتهمة الانتماء إلى تنظيم الدولة الإسلامية من بين العشرات الذين تم اختطافهم بعد السيطرة على المدينة.
لو بقيت إيران آلافًا قادمة من السنين، تنكر علاقتها بتفجير الحرب الطائفية في العراق، فلن يمحو هذا من أثر شهادة كبار جنرالات قوة الاحتلال الكبرى التي غزت العراق ومهّدت للتغلغل الإيراني في أراضيه ومجتمعه.
فهذا جورج وليام كيسي الابن، الذي وصل إلى منصب رئيس أركان الجيش الأميركي حتى العام 2011، قال في أكثر من مناسبة إن القوات الأميركية كانت قد ألقت القبض في مرات عدّة على عناصر من فيلق القدس الإيراني، ثم ما لبثت أن أطلقت سراحهم بتعليمات عليا، وذلك أثناء تلقيهم تدريبات عسكرية في مناطق مختلفة من العراق، كما أن عمليات خطف وسرقة واغتيالات تمّ تنفيذها بمعرفة القوات الأميركية التي لم تتدخل لوقف تلك الممارسات.
قال كيسي: “إن إيران تستخدم الإرهاب كوسيلة من أجل الوصول إلى أهدافها في العراق”، واتهم النظام الإيراني بدعم ميليشيات تعمل على إشعال الطابع الطائفي في العراق، متهما إيران “بالمسؤولية عن مقتل الآلاف من العراقيين”.
وأكد كيسي أن إيران “هي المسئولة عن التفجير الذي تعرض له مقام الإمامين العسكريين في سامراء في عام 2006، وذلك من خلال ضبط مواد متفجرة إيرانية الصنع استخدمت في تفجير المرقد آنذاك، وقد تم إبلاغ رئيس الحكومة نوري المالكي عن مسؤولية فيلق القدس والميليشيات المرتبطة به عن إثارة العنف والنعرات الطائفية في العراق”.
واتبعت إيران نفس السياسة الإرهابية في سوريا، واعتمدت في إعلانها الظاهر على أساطير كاذبة، كان أبرزها إعلان ما سمي بـ “المعادلة الصعبة”، أي (إيران – سورية – حزب الله) التي برزت بعد الحرب مع إسرائيل عام 2006م – كبطولات أسطورية لتعزيز دور الوكيل الإيراني “حزب الله” في تغليف وتلميع الأهداف الإيرانية الخبيثة ضمن أكاذيب “المقاومة، وتحرير فلسطين” لدى الداخل السوري، مستغلين التسامح الطائفي الذي يتمتع به الشعب السوري، ونصره للقضايا العربية والقومية.
كما روجت إيران لوجود “حزب الله” والمليشيات الإيرانية في سوريا بعد قيام الثورة فيها، بأنه يهدف لحماية المقدّسات الشيعية كـ”مقام السيدة زينب” الكائن في ريف دمشق وغيره، ثم تمّ تحويل مسارها لمحاربة الإرهاب في سوريا بعد أن لم تعد تستطيع ميلشياته تبرير وجود جثثها ضمن المناطق المحررة في سوريا.
وروجت إيران أيضًا إلى أن سقوط “بشار الأسد” خط أحمر، وهكذا فعندما نتحدث اليوم عن المناطق التابعة لسيطرة النظام السوري، فإننا نعني بذلك النقاط المحتلة من قبل القوات الإيرانية وأدواتها في سورية، حيث إن اليقين الإيراني من عدم إمكانية صمود مفوّضها السامي “نظام بشار” أمام الثورة السورية، هو ما استدعاها لاستقطاب الكثير من الميلشيات الفارسية إلى جانب “حزب الله”، والتي تكلفها عشرات الملايين من الدولارات يوميًا. وهكذا فعن طريق وكيلها “بشار الأسد” وإبقائه في السلطة، شرعنت إيران وجودها في سوريا ضمن إطار “التعاون المشترك” في الحرب ضد الإرهاب “داعش”.
ونتيجة للدور السلبي والإرهابي لـ”حزب الله اللبناني”، الذي هو باكورة الصناعة الإيرانية وابنها المدلل في أماكن كثيرة من العالم العربي، فقد قرر مجلس جامعة الدول العربية، في ختام أعمال دورته الـ 145على مستوى وزراء الخارجية العرب بالقاهرة، اعتبار حزب الله اللبناني “منظمة إرهابية”.
ولعل هذا ما دفع وزير العدل اللبناني المستقيل أشرف ريفي، إلى القول إنه سيبقى يقاتل “حزب الله” سياسيا وحضاريا وإعلاميا، طالما بقي الأخير “مشروعا إيرانيا فارسيا”، مشددا على عدم السماح بأن يكون لبنان “إيرانيا”.
ويبدأ السجل الإيراني مع الإرهاب منذ استلام نظام ولاية الفقيه الحكم في إيران عام 1979، اعتمد مبدأ تصدير الثورة ونشر الفتن والقلاقل والاضطرابات في دول المنطقة، بهدف زعزعة أمنها واستقرارها، والضرب بعرض الحائط بكافة القوانين والاتفاقات والمعاهدات الدولية، والمبادئ الأخلاقية.
وقد أسست إيران العديد من المنظمات الإرهابية في الداخل والخارج منها حزب الله في لبنان، وحزب الله الحجاز، وعصائب أهل الحق في العراق، وغيرهم الكثير، والعديد من الميليشيات الطائفية في عدد من الدول، بما فيها الحوثيون في اليمن، وتم إدانة تلك المنظمات من قبل الأمم المتحدة، وفرضت عليها عقوبات دولية.
ففي العام 1986، قامت إيران بتحريض حجاجها للقيام بأعمال شغب في موسم الحج مما نتج عنه تدافع الحجاج ووفاة 300 شخص.
وتورطت إيران في مجموعة من الاغتيالات للمعارضة الإيرانية، ففي العام 1989 اغتالت في فيينا عبدالرحمن قاسملو زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني ومساعده عبدالله آذر، وفي باريس عام 1991 قام الحرس الثوري الإيراني باغتيال شهابور بختيار آخر رئيس وزراء في إيران تحت حكم الشاه وأودى الهجوم بحياة رجل أمن فرنسي وسيدة فرنسية، وفي برلين عام 1992 اغتالت إيران الأمين العام للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني صادق شرفكندي وثلاثة من مساعديه فتاح عبدلی وهمایون اردلان ونوری دهکردی.
وفي الفترة من 1989-1990 تورط النظام الإيراني في اغتيال 4 دبلوماسيين سعوديين في تايلاند وهم: عبدالله المالكي، وعبدالله البصري، وفهد الباهلي، وأحمد السيف.
وفي العام 1994 تورطت إيران في تفجيرات بيونس آيرس التي نجم عنها مقتل أكثر من 85 شخصًا، وإصابة نحو 300 آخرين، وفي عام 2003 اعتقلت الشرطة البريطانية هادي بور السفير الإيراني السابق في الأرجنتين بتهمة التآمر لتنفيذ الهجوم.
وفي العام 1996 تم تفجير أبراج سكنية في الخبر والذي قام به ما يسمى بـ”حزب الله الحجاز” التابع للنظام الإيراني، ونجم عنه مقتل 120 شخصًا من بينهم (19) من الجنسية الأميركية، وتوفير الحماية لمرتكبيه، بما فيهم المواطن السعودي أحمد المغسل الذي تم القبض عليه في عام 2015، وهو يحمل جواز سفر إيرانيا، وقد أشرف على العملية الإرهابية الملحق العسكري الإيراني لدى البحرين آنذاك، كما تم تدريب مرتكبي الجريمة في كل من لبنان وإيران، وتهريب المتفجرات من لبنان إلى المملكة عبر “حزب الله”، والأدلة على ذلك متوفرة لدى حكومة المملكة وحكومات عدد من الدول الأخرى.
وفي العام 2003 تورط النظام الإيراني في تفجيرات الرياض بأوامر من أحد زعامات “القاعدة” في إيران، وما نجم عنه من مقتل العديد من المواطنين السعوديين، والمقيمين الأجانب.
وفي العام 2003 تم إحباط مخطط إرهابي بدعم إيراني لتنفيذ أعمال تفجير في مملكة البحرين، والقبض على عناصر خلية إرهابية جديدة كانت تتلقى الدعم من الحرس الثوري الإيراني و”حزب الله” اللبناني، وكذلك الحال في الكويت والإمارات العربية المتحدة.
وفي العام 2011 تورط النظام الإيراني في اغتيال الدبلوماسي السعودي حسن القحطاني في مدينة كراتشي.
وفي العام 2011 أحبطت الولايات المتحدة الأميركية محاولة اغتيال السفير السعودي وثبت تورط النظام الإيراني في تلك المحاولة، وحددت الشكوى الجنائية التي كُشف النقاب عنها في المحكمة الاتحادية في نيويورك اسم الشخصين الضالعين في المؤامرة وهما منصور اربابسيار، والذي تم القبض عليه وإصدار حكم بسجنه 25 عامًا، والآخر غلام شكوري وهو ضابط في الحرس الثوري الإيراني موجود في إيران، ومطلوب من القضاء الأميركي.
وفي العام 2016 أصدرت محكمة الجنايات الكويتية حكمًا بإعدام اثنين من المدانين في القضية المعروفة بخلية العبدلي وأحدهما إيراني الجنسية، بتهم ارتكاب أفعال من شأنها المساس بوحدة وسلامة أراضي دولة الكويت والسعي والتخابر مع إيران و”حزب الله” للقيام بأعمال عدائية.
كما ابتكر نظام ولاية الفقيه بدعة “الحج والشعارات السياسية”، والتي صاحبتها أحداث ونشاطات وتصرفات أثارت العجب والدهشة بين الحجيج، وکان واضحا أن الهدف هو تسييس الفريضة وإبعادها عن مقصدها لأهداف وغايات لا علاقة لها بالإسلام، فنظام ولاية الفقيه لديه مشروع فكري – سياسي يسعى لتطبيقه على حساب دول المنطقة من خلال مد نفوذه وهيمنته فيها تحت دعاوى مذهبية وذرائع مظلومية وحجج مختلفة كقضية فلسطين.
(مفكرة الإسلام).