«الحضرة» ورسول الله والشطح حتى الإغماء!!!

22 أبريل 2014 12:40
«الحضرة» ورسول الله والشطح حتى الإغماء!!!

«الحضرة» ورسول الله والشطح حتى الإغماء!!!

د. محمد وراضي

هوية بريس – الثلاثاء 22 أبريل 2014

أحرر هذه المقالة، ولسان حالي يردد باستمرار: الكتابة مسؤولية، وأعرف تمام المعرفة أنني بخصوص ما أكتبه أخضع لرقابة من يحصي حسناتي وسيئاتي، ثم لرقابة نفسي بالمفهوم الديني من باب المتابعة والمحاسبة. ثم أخضع للمراقبة السياسية، ثم لمراقبة قراء ما أكتبه. قبلوا به أو واجهوه بالرفض واللامبلاة. يكفي أنني منهمك في تبليغ الرسالة.

ثم إنني أخضع لمراقبة علماء السلطان المنتظمين في مجالس علمية لأداء أدوار محددة لهم سلفا كمخطط عليهم تنفيذه! ثم إنني لم أسقط من حسابي كون عاهل مملكتنا، هو في الوقت ذاته أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين. ولم أسقط من حسابي مسؤولية الدفاع عما تعلمته من دار الحديث الحسنية التي تخرجت منها منذ ثلاثة عقود. ولم أتخرج منها لنشر المبتدعات أو للسكوت عن السنن!

تكفي الإشارة إلى ما عانيته قبل مناقشة دكتوراه الدولة، وهو ما سوف تأتي مناسبة الحديث عنه للباحثين عن بعض ما يجري في مغرب اليوم. دون أن أنسى المتابعة الضارية لي من طرف الطرقيين والقبوريين، وبيني وبينهم منذ عقود سجال، لا أظن أنه سوف ينقطع من طرفي على الأقل إلا بموتي.

موضوع السجال بيني وبين من دأبت على وصفهم مرة بالضلاليين، ومرة بالظلاميين، لخصته للمشرفين على مناقشة رسالتي المذكورة قبله. إذ كان أن وصل بوضوح إلى آذان من حضروا تلك المناقشة ما لخصته بقولي: أنا متخرج من دار الحديث لا من دار البدعة، فمؤسسها -كما أضفت- لم يؤسسها لرفع راية الفكر الضلالي المنافي لسنن جده المختار صلى الله عليه وسلم!

فلنضع إذن أمام المهتمين بالشأن الديني في الماضي والحاضر والمستقبل، وفي طليعتهم علماء المجالس العلمية كأمناء، أنيطت بهم مسؤولية حفظ الدين الحق من أي تشويه ومن أي تحريف محتملين. معززين بوزير، جزء من المسؤولية تتحمله وزارته.

فلهؤلاء ولأولئك، ولكل مغربي ولكل مغربية، ولكل مسلم ولكل مسلمة أنى وجدوا في العالم، أتوجه بهذه الأسئلة: هل من الدين تنظيم حلقات لأداء الأذكار جماعة جلوسا عند البعض ووقوفا عند البعض الآخر؟ هل هذه الكيفية في التعبد أخذناها عن إمامنا في الفقهيات: مالك بن أنس؟ هل هي من فعل الرسول أو من فعل صحابته، أو من فعل التابعين وكبار الأئمة والعلماء والمحدثين؟ وهل نتصوره صلى الله عليه وسلم واقفا مع صحبه الكرام فيما يعرف بـ”الحضرة” أو “العمارة” وهم يرقصون ويتمايلون يمنة ويسرة، إلى حد أن بعضهم يصاب بالإغماء، بغض النظر عما يصدر عن بعضهم الآخر من الفساء والضراط، بحيث يرغم الحضور على شم روائح كريهة، يفاقم من شدتها العرق الذي يرشح من أجساد، أحوج ما تكون إلى النظافة “ولا ينبئكم مثل خبير”! فقد كنت هناك، وشاركت، وشاهدت، وسمعت؟

إن لم يتقدم أي شيخ من شيوخ الطرق الضلالية بالتعليل الديني المقبول لما يعرف بالحضرة، ولا تقدم أحد المتبجحين من مريديهم المخدوعين به، فإننا نسوق لضلالي شاذلي الانتماء -وهو صاحب كتاب “الإبريز” عبد العزيز الدباغ- مقولة عن “الحضرة” مثيرة حقا للاهتمام، بالرغم من كون الرجل كذابا ضلاليا ظلاميا حتى النخاع! ولم لا، فالحكمة تخرج أحيانا من أفواه الأطفال والمخبولين!

وحتى أؤكد لمن يعنيهم الأمر، كوني لا أنطق عن الهوى، ولا أتعدى حدود الدين ولا حدود العقل. ولا أغرق في الذاتية، وإنما أنشد الموضوعية والنزاهة الفكرية، وأرنو إلى خدمة سنة الحبيب المصطفى ص. أضع بين أيديهم كتاب “الإبريز” المشار إليه، والصادر عن دار الفكر اللبنانية. إنما بدون تاريخ. وبدون رقم الطبعة؛ أهي الأولى أم الثانية. وعليه أحيل الراغبين في التأكد مما سنقدمه، على مبحث في الكتاب تحت عنوان “فصل في الكلام عن الأشياخ الذين ورثهم الشيخ رضي الله عنه”.

قال تلميذه الذي تولى جمع “الإبريز” أحمد بن المبارك: “وسمعته رضي الله عنه يقول في سبب “الحضرة”. إن “الحضرة” لم تكن في القرن الأول، يعني قرن الصحابة، ولا في القرن الثاني، يعني قرن التابعين، ولا في القرن الثالث، يعني قرن تابع التابعين. وهذه القرون الثلاثة، هي خير القرون كما شهد به الحديث الشريف.. (يراجع هذا الحديث: “خير القرون قرني..“)!

وسبب ذكره لهذا الكلام أن سائلا سأله عن الحضرة. قال رضي الله عنه: فكرهت أن أجيبه بصريح الحق وأنا عامي فلا يقبله مني. فقلت له: هذه المسألة يسأل عنها علماؤنا رضي الله عنهم. هل فعلها النبي ص أو لم يفعلها قط؟ فإن قالوا: لم يفعلها قط، سألناهم هل فعلها أبو بكر رضي الله عنه أو لم يفعلها قط؟ فإن قالوا: لم يفعلها قط، سألناهم هل فعلها عمر رضي الله عنه، أو لم يفعلها قط؟ فإن قالوا: لم يفعلها قط، سألناهم: هل فعلها عثمان رضي الله عنه، أو لم يفعلها قط، فإن قالوا: لم يفعلها قط، سألناهم: هل فعلها علي رضي الله عنه أو لم يفعلها قط؟ فإن قالوا: لم يفعلها قط. سألناهم: هل فعلها أحد الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، أو لم يفعلها أحد منهم قط، فإن قالوا: لم تثبت عن واحد منهم، سألناهم: هل فعلها التابعون، أو لم يفعلها أحد منهم قط، فإن قالوا: لم تثبت عن واحد منهم، سألناهم: هل فعلها من أتباع التابعين أحد أو لم يفعلها قط؟ فإن قالوا: لم تثبت عن واحد منهم، علمنا أن ما لم يفعله هؤلاء القرون الثلاثة لا خير فيه“!!!

فإن نحن اعتبرنا الدباغ الشاذلي الطريقة وليا لله، مقبولة آراؤه أو رؤاه (نقصد كشفه الصوفي). فإنه قد أصاب كبد الحقيقة، حيث إنه اهتدى إلى الجواب السليم عما إذا كانت الحضرة من فعل رسول الله أم إنها من البدع المحدثة في الدين؟ فما وصل إليه كنتيجة، أو كاستنتاج، بعد تسلسل منطقي غير صادم للدين ولا للعقل، هو أن “الحضرة” لا خير فيها! وإذا لم يكن فيها خير فمعناه أن الشر هو الذي تحمله في طياتها! وما هو شر منسوب فعله إلى غيره ص، ليس سوى بدعة ضلالة! وكل ضلالة في النار، كما يخبرنا خطباء الجمعة عبر التراب الوطني، وهم فوق منابرهم يقومون بمسمى الإرشاد والوعظ!!!

فهل يوجد عالم واحد، أو شيخ صوفي طرقي واحد، أو متزلف واحد إلى هذا الشيخ يدعي أن ما أوضحه الدباغ خطأ، وأن ما عليه الطرقييون الشطاحون اليوم هو الصحيح! يعني أن الدباغ كذب على الرسول الذي كان فعلا يقيم “الحضرة مع أصحابه؟ هذا ما نريد التأكد منه، بدلا عن ثرثرة الأتباع وسفسطة المتعلقين بأذيال الضالين المضلين، الذين يحاولون الانفلات من مواجهة الحجج الدامغة التي نقدمها لإخبار القراء بأن الطرقيين في غيهم يعمهون! أي يتحيرون ويترددون!  

إن “الحضرة” إذن لم يفعلها ص. بل إنه حذر من سوف يفعلونها كبدعة ضلالة ملعون حتى من رحب بفاعليها!!! ولا فعلها الخلفاء الأربعة، ولا فعلها أحد من الصحابة، ولا فعلها أحد من التابعين اقتداء منهم جميعهم بالرسول ص!!! مما يفسر لنا بوضوح كيف أنها ضلالة، وأن المشتغلين بها بالفعل مبتدعون ضلاليون! ومبدأ “الولاء والبراء”، أي الحب في الله والبغض فيه، يفرض مقاطعتهم ومعارضتهم ومجافاتهم، وهجرهم، وعدم مجالستهم، والابتعاد عن مجاورتهم، وعدم توقيرهم، وترك مكالمتهم والسلام عليهم، وعدم مشاورتهم! وكل هذا عملا بقوله ص: “لعن الله من لعن والديه! ولعن الله من ذبح لغير الله!!! ولعن الله من آوى محدثا!!! ولعن الله من غير منار الأرض“! وقال ص: “من أحدث حدثا (= بدعة) أو آوى محدثا (= مبتدعا) فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين“.

ثم إنه سبحانه لم يقل في كتابه المبين: لقد كان لكم في مشايخ الطرق أسوة حسنة!!! وإنما قال: “لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة“. وقال: “أطيعوا الله وأطيعوا الرسول“. ولم يقل عز وجل: أطيعوا الله وأطيعوا مشايخكم أو أساتذتكم أو مرشديكم! فصح أن نهاجر ونقاطع عقلا ودينا كل المبتدعين الضالين أينما وجدوا! فإذا لم تكن “الحضرة” من سننه ص، حسب الدليل المنطقي العقلاني الذي قدمه الدباغ، فما مصدرها إذن حسب نفس الدليل إن صح إصرار الدباغ على تعليل نظائر الحضرة من أفعال الصوفية ومن أقوالهم بأدلة عقلية.

لتحديد مصدرها، مال الدباغ إلى دليل الكشف الصوفي. وكأنه اعتمد طريقتين للحديث عنها. نقصد دليل العقل، ودليل اللاعقل، فقال: “وإنما ظهرت “الحضرة” في القرن الرابع (ولم لا يقول تم ابتداعها؟). وسببها أن أربعة أو خمسة من أولياء الله تعالى ومن المفتوح عليهم (لم يحدد هويتهم). كان لهم أتباع وأصحاب، وكانوا رضي الله عنهم في بعض الأحيان، ربما شاهدوا عباد الله من الملائكة وغيرهم يذكرون الله تعالى. قال: والملائكة عليهم الصلاة والسلام، منهم من يذكر الله بلسانه وبذاته كلها (من قال لك هذا؟). فترى ذاته تتحرك يمينا وشمالا! وتتحرك أماما وخلفا! فكان الولي من هؤلاء الخمسة إذا شاهد ملكا على هذه الحالة، تعجبه حالته، فتتأثر ذاته بالحالة التي يشاهدها من الملك! ثم تتكيف ذاته بحركة الملك، فتتحرك ذاته كما تتحرك ذات الملك (علوم لم يخبرنا بها ص!!!)، وتحكي ذاته ذات الملك وهو لا شعور له بما يصدر منه لغيبته في مشاهدة الحق سبحانه (كيف نأخذ علومنا عمن فقدوا وعيهم بالكامل؟). ولا شك في ضعف من هذه حالته وعدم قوته (= لم يملك ضبط نفسه). فإذا رآه أتباعه يتحرك تلك الحركة تبعوه، فهو يتحرك لحركة الملك، وهم يتحركون لحركته ويتزيون بزيه الظاهر! ثم هلك الأشياخ الخمسة أهل الباطن والصدق رضي الله عنهم، فاشتغل أهل الزي الظاهر بالحضرة، وزادوا في حركتها، وجعلوا لها آلة -كالبندير والدف- وتكلفوا لها وتوارثتها الأجيال جيلا بعد جيل!!!

فقد علمت أن سببها ضعف من الأشياخ المذكورين، أوجب لهم عدم ضبط ظواهرهم. وأهل القرون الثلاثة رضي الله عنهم، لم تكن في أزمنتهم، ولا سمعت عن أحد منهم والله أعلم”!!!

ولسنا هنا في أمس الحاجة إلى تكرار نفس الملاحظة المتقدمة، نقصد انتقال الرجل المخبول من العقلاني إلى اللاعقلاني! أو من العقلي المنطقي إلى الخرافي أو الوهمي! فقد وضعنا أمام أربعة أو خمسة أولياء مجهولين! رأوا الملائكة يتمايلون يمينا وشمالا وهم يذكرون الله عز وجل! فقلدوهم ليرث عنهم أتباعهم ما تم لهم نقله عن الملائكة! خاصة وأن هؤلاء الأتباع همهم الخضوع الأعمى للأشياخ الضالين الذين كانوا ولا يزالون يرددون: “من قال لشيخه لم، لا يفلح أبدا”!

فالرجل لم يحدد -كما قلنا- هوية الأولياء الذين قلدوا الملائكة، خاصة وأن العلم لا يؤخذ عن مجهولين! مما يعني أن كلام الدباغ لا يعدو أن يكون مجرد هلوسة ورجما بالغيب! عبرهما يريد تمرير الاشتغال ببدعة “الحضرة” أو “العمارة” وكأننا مأمورون باتباع الملائكة بدل الرسول عليه السلام. وأي ملائكة يدعي ظلاميون بلا هوية محددة الوقوف عليهم وهم على ذكر ربهم عاكفون؟

ثم تأخذ ألسنة المغفلين المخدوعين في امتداح شيوخ، هم على سبيل الشياطين سائرون! بينما الحقيقة أن مسى “الحضرة” زيادة في الدين؟ ظهورها يعود إلى مشايخ يزعمون أنها وسيلة ناجعة لإحداث “الأحوال” في نفوس الذاكرين والذاكرات! والأحوال أحاسيس تعبر عن الخشوع أو التواجد لدى المتأثرين الصادقين بما يتلى من آيات الذكر الحكيم، وبما يتم سرده وشرحه من أحاديث سيد المرسلين.

ولما تحجرت القلوب، واتسمت بالغلظة أو القساوة والخشونة، من فرط ثقل الدنيوي عليها! ولما لم تعد مستعدة للتأثر الطبيعي بما يتلى عليها من نصوص الدين الحق، رأى بعض الشيوخ الظلاميين حمل هذه النفوس بكيفية مبتدعة على التأثر! فكانت “الحضرة” من ضمن كيفيات الدفع بها إلى ما يصح وصفه بالتأثر أو بالتفاعل أو حتى بالانفعال الصناعي! مما يعني أن الأحوال التي تعتري الشاطحين أثناء “الحضرة” وبعدها، لم تكن غير مفتعلة خالية من أي خشوع طبيعي حقيقي. مما يفسر تصرفات ممارسيها. فقليل منهم يجره خياله إلى ما لا تحمد عقباه من ادعاءات ومن توهمات فارغة من أي مدلول ديني حقيقي!!! وكثير منهم يعود إلى حاله الطبيعي، ليمارس عمله الذي يحاول تغطيته بادعاء الانتماء إلى الفقراء أو إلى المريدين الصوفيين، وهو ماض في استغلال الانتماء المزعوم لأكل أموال الناس بالباطل!!! فلا عجب إذن أن يقول لنا ابن عقيل: “وهل شيء يزري بالعقل ويخرج عن سمت الحلم والأدب، أقبح من ذي لحية يرقص (كل الصحابة لحاهم مسبلة!!)، وكيف إذا كانت شيبة”!!! حتى إنني أستحيي وأنفر تمام النفور من استحضار صور الرسول والصحب الكرام معه، وهم يذكرون ربهم كما أمروا، بنفس كيفية الشطاحين الطرقيين!!

ويرحم الله مالك بن أنس الذي وصف الشطاحين أولئك بالصبيان وبالمجانين! مع قولته السائرة الواردة في “ترتيب المدارك” للقاضي عياض: “ما سمعت بهذا في الإسلام”؟؟؟ يقصد ما قيل له عن الشطاحين الذين يزعمون ذكرهم لله بتلك الطريقة الموغلة في الضلال والظلام! خاصة وأنها صورة نستحضرها لرجال ينتمون إلى مختلف القبائل الطوطمية في الأدغال الأسيوية والأمريكية والإفريقية!!!

الموقع الإلكتروني: www.islamtinking.blog.com

العنوان الإلكتروني:  [email protected]

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M