«الإرهاب».. التهمة الجاهزة!!!
هوية بريس – أسامة زحل
لا شك أن الإفهام في مختلف اللغات إنما يتم باستخدام ألفاظ ومصطلحات منضبطة تدل على معان محددة، بحيث إذا أطلق أي مصطلح فهم منه سامعه معنا دقيقا يدل عليه ويبعد غيره من المعاني عن دائرة الفهم.
لكن في زمن العولمة طفت على السطح مصطلحات عائمة فضفاضة الدلالة يفهم كل واحد منها معنى يناسب هواه ويخدم مصالحه، من هذه المصطلحات مصطلح الإرهاب.
فمصطلح الإرهاب رغم شيوعه واستخدامه بكثرة داخل دوائر القرار السياسي والعسكري العالمي، ورغم بروزه اللافت إعلاميا إلا أن معناه يتسم بالضبابية واللبس وعدم الوضوح، ولو أردت أن تستخلص لهذا المصطلح تعريفا منضبطا جامعا مانعا لأضناك البحث دون الوصول إلى غاية تذكر، ونتيجة لما ذكرت صار هذا المصطلح يستخدم استخداما مصلحيا براغماتيا بل استخدم كتهمة جاهزة بغرض تصفية الحسابات والنيل من الخصوم.
– فإذا كنت رئيسا انقلابيا وعجزت عن مواجهة جماعة إسلامية سياسيا وانتخابيا فما عليك إلا أن تصنفها جماعة إرهابية لتزيحها عن المشهد وتزج بمنتسبيها في السجون، فمنهم من أخذ حكما بالإعدام ومنهم من كان نصيبه المؤبد ومنهم من ينتظر (مصر السيسي نموذجا) .
– وإذا كنت رئيسا دكتاتوريا وقامت ضدك ثورة سلمية مطالبها الحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية، فرفعت في وجهها السلاح، ودمرت شعبا بأكمله فما عليك لتبرر فعلتك إلا أن تخترع رواية مضمونها أنك تقاوم مجموعات إرهابية وخلايا تكفيرية (سورية الأسد نموذجا).
– وإذا كنت كيانا مغتصبا معاديا، فثارت ضدك حركة مقاومة أصيلة، وذبت عن العرض والأرض ومرغت أنفك في التراب و أذاقتك مرارة الهزائم المتتالية، فما عليك إلا أن تلصق بها وصف الإرهاب لتألب عليها المجتمع الدولي وتشدد عليها الخناق (صراع الكيان الصهيوني مع حماس نموذجا).
– وإذا كنت متملقا تمالئ المغتصب الظالم ضد المظلوم، فما عليك لتحوز رضاه إلا أن تسير في ركابه، فإن قال هذه الحركة المقاومة إرهابية، فقل سمعنا وأطعنا هي إرهابية إرهابية إرهابية (موقف مصر والإمارات والسعودية من حماس نموذجا).
– وإذا كنت دولة متغطرسة تسعى للهيمنة والسيطرة، فما عليك لتطبيق الأجندات التي تخدم بها مصلحتك في مناطق الصراع، إلا أن تزرع فصيلا طفيليا إجراميا تابعا لك، ثم تجعل منه ذريعة للتدخل في النزاع بحجة مقاومة الإرهاب (إيران وأمريكا واستعمالهما لفزاعة داعش نموذجا).
– وإن كنت مستبدا تبجل الكرسي والسلطة وتسعى لوأد دعوات التحرر والانعتاق، وغاظك أن دولة تسعى لضمان استقلالية قرارها السياسي، وتناصر المستضعفين وتقف في صف الشعوب في قضاياها العادلة، وتسعى لإحقاق الحق ونصرة المظلوم، فما عليك إلا أن تصفها بالدولة الداعمة للإرهاب، ليسوغ لك حصارها وفرض الوصاية عليها (أزمة الدول الأربع مع قطر نموذجا).
ويستمر مسلسل استخدام مصطلح الإرهاب حسب الهوى والمصالح..