بين دور القرآن والتعليم العتيق

20 يوليو 2013 15:07

د.عادل رفوش*

هوية بريس – السبت 20 يوليوز 2013م 

توضيحا لمن يهمه الأمر، ودفعاً لشبهة تعنت جمعية دور القرآن أو رفضها قرار الإغلاق تعالياً، أو خروجها عن القانون؛ كتبت المقالة التالية:

 ما هي دار القرآن الكريم؟

هي جمعية مدنية علنية قانونية متعددة الأنشطة؛ ومنها الدينية المنصوص عليها في قانونها الأساسي المصرح به منذ سنة 1976 عند وزارة الداخلية والذي زكته وزارة الأوقاف مرات متعددة منذ عهد الملك الحسن الثاني رحمه الله باعتبارها جهة تعنى بالشؤون الإسلامية وأن بينها وبين الجمعية رحما في العلم والشخصيات؛ مشيخة وتلمذة وتواصلا وتناصحا، فهي داخل القانون ولم تعمل يوما فوقه ولا تحته!!!

أما منجزاتها فبحر لا تكدره الدلاء..

لماذا لم ندخل في التعليم العتيق؟

أولا: التعليم العتيق حديث التقنين والجمعية أكبر من قانونه بحوالي ثلاثين سنة.

ثانيا: الجمعية تعمل تحت قانون الجمعيات المؤطر لها وطبقا لمدونة الحريات العامة ولا يجوز شرعا وقانونا ودستوريا التدخل في اختيارها المظلة التي تعمل تحتها، ما دامت قانونية بإجماع القانونيين والحقوقيين.

وهنا ينتقل السؤال للأوقاف: لماذا التعنت بالإجبار لفرض مظلة معينة؟؟

مع أن الأمر يقبل التكامل ولا يفرض التناقض؟

ثم إن المسئول أولا وأخيرا عن الإغلاق أو الحل هو القضاء، والقضاء وحده وكإجراء تحفظي وفي إطار نقض الثوابت.

فهي قانونا جمعيةٌ وليست كُتَّاباً ولا مدرسة، ولم يسبق لها أن طلبت ترخيصا للتعليم العتيق حتى يسحب منها، فضلا عن أن يغلق لها لعدم طلبه !!!!

بل هي تخضع لواجب التصريح للداخلية فقط، والتشابه والتوافق لا يعني التبعية أبداً.

ثالثا: التعليم العتيق يهتم بفئات مؤهلة بنسبة كبيرة للتخصص في العلوم الشرعية مع اشتراط حفظ القران كاملا متقنا و له بعض مبادئ التجويد ويحفظ متونا في بعض العلوم!!!

وقد أصدرت الأوقاف سنة (2011) مذكرة تنص على أنه لا يمكن أن يصنف الطالب في الطور الابتدائي إلا إذا حفظ 40 حزبا.

والتفرغ للدارسة المنتظمة لحوالي 22 مادة متنوعة وفي سلم دراسي مخطط معلوم: ابتدائي اعدادي ثانوي نهائي رسميون أحرار.

يتقاطع في نقاط كثيرة مع التعليم الأصيل والتعليم العمومي التابعين لوزارة التربية والتعليم، بل هو أشد صرامة في شروط القبول والتطبيق لمن يريد الالتحاق به من عموم المواطنين، مع إمكانية خرق الحواجز العمرية في كافة المراحل، مثاله:يمكن أن يقبل التلميذ في الأول ابتدائي وهو في الثانية عشرة و زميله في السادسة.

وهاك نموذجاً لسؤال في مادة النحو (الثالث ابتدائي / فرض محروس / مدرسة سيدي المستور “ابضر”:

1- أعرب ما يلي: خرق الثوب المسمار مبينا الفاعل والمفعول به (4 نقط).

4- أعرب قولك: جاء من زرت أخاه إعرابا تاما مستخرجا فيه ما يلي:

– حكم جملة زرت في المثال (2ن) الخ.

وفي مادة الصرف للثالث الابتدائي أيضاً:

– كم عدد المصادر الميمية؟؟ (2ن)

فهل يقبلك التعليم العتيق أنت أيها المواطن العادي؟؟؟؟؟

رابعا: تلعب الجمعية دور المكمل لأهداف التعليم العتيق في العناية بالقرآن والعلوم الشرعية، ودور البديل لمن لا يمكنه الالتحاق بالتعليم العتيق المقيد نظرا الالتزامات العملية والمنزلية والمراحل العمرية في الرجال والنساء، بل والأطفال والشباب الذين اختاروا التعليم العمومي اختيارا حياتيا مع رغبتهم الملحة في تعميق العناية بالقرآن والعلوم الشرعية.

بل وحتى المتمدرسين في التعليم الأصيل والعتيق يجدون في الجمعية وأنشطتها مرتعا خصبا للدعم والتقوية بمثابة الدروس الخصوصية والدورات المتخصصة في برامج أكثر ملاءمة واستجابة لمختلف الشرائح الراغبة في الاستفادة تحت إشراف أساتذة وعلماء ودكاترة معروفين وبرسالة تطوعية لا تهدف إلى ربحية ولا انتفاع ولا تكلف الدولة ووزارة الأوقاف عناء المنح المتعثرة والرواتب الهزيلة و”الازدحامات التي تعول دائماً”!!!!

مع أن الجمعية لو خلي بينها وبين عناية جلالة الملك محمد السادس لنالت من كريم أياديه ما يشهد بجميل أثرها على الناس والوطن عنايةً منتظمةً بالقرآن والعلوم الشرعية وتخريجا لكفاآت أمينة قامت وما تزال بأدوار وطنية هامة ساهمت في استقرار البلاد والحفاظ على ثوابته والرقي بمستوى علماء الشريعة إلى مستويات غيرت مفهوم “الفقيه” و”الطالب” الذي عملت ألسن الأيام على ربطه بمعنى قدحي أو صورة متزلف يتعثر في الأبواب أو يحفظ ولا يفهم أو أنه قديم لا يواكب ولا يتجدد أو أنه عالم من الدرجة الثالثة لا شأن له في الحياة العامة.

فالجمعية عملت على كسر هذه الصورة النمطية السلبية.

خامسا: لماذا لا تلتفت الأوقاف للنظر في الإخفاقات التي يعانيها التعليم العتيق وأسباب الضعف والإقبال والإشكالات المنهجية والتربوية والأخلاقية والمادية وآفاق الخريجين وغير ذلك مما اشتكى منه أهل التعليم العتيق والغيورين على أصالته والراغبين في تصفية رسالته من شوائب الحاضر والمستقبل؟

سادسا: لا مانع عند الجمعية من التكامل مع الوزارة في أداء هذه الرسالة النبيلة في أعمال مستقلة ومشاريع أخرى -بعيدا عن التدخل في الجمعية ومقراتها أو تغيير اختيارها أو نسخ تاريخها- ويشهد لذلك امتلاء مساجد المملكة ومراكش خاصة بأساتذة الجمعية وخريجيها وروادها في الإمامة والخطابة ومحاريب التراويح والكتاتيب والوعظ والإرشاد والحج والعمرة ومحو الأمية بل وفي شعب الدراسات الإسلامية في عدد من الجامعات المغربية و يكفي أن نشير إلى أن السيد الفاضل الدكتور أحمد العبادي أمين عام الرابطة المحمدية كان أحد الأساتذة المدرسين فيها والمشاركين في إفادة روادها بدروس ماتعة متنوعة.

سابعا: ترى الجمعية و كثير من الخبراء أن خطة الاستحواذ الوقفية هذه على كل ما هو ديني لا يمكن أن تنجح في زمن العولمة والجامعات المفتوحة والأثير الإلكتروني، بل هي خطة ضرها أكثر من نفعها، ولن تنجح عمليا إلا مع مزيد من التشتت والغموض.

ثامنا: هل عممت الوزارة هذا القانون الملتوي على كل الجمعيات التي لا تخلو من الأنشطة الدينية ولو بنسب مختلفة كمقرات جماعة التبليغ وحركة التوحيد والإصلاح بل وحتى المدارس العامة والخاصة في مادتي القرآن والدين؟ مع التأكيد على أن مسها ظلم خارق..

وهل الجمعيات المدنية الأخرى ستخضع للقوانين التي تتبع لوزاراتها فلا تخرج الرياضية والثقافية إلا بوصايتها؟؟

تاسعا: لماذا كل الفضاءات تكثر وتتوسع وتتنوع إلا العلوم الشرعية يأبون لها ذلك؟؟

{وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاِثم والعدوٰن واتقوا الله}..

إن تشميع الجمعية وفي شعبان المبارك؛ فيه جناية على خدمة القران وبقية الأنشطة التنموية في دستور الحقوق ومغرب الإصلاح..

ثم هذه الجمعية أغلقت ثم فتحت ثم أغلقت ومن نفس الوزير، مع أنه لما استحوذ عليها من قبل مدة خمس سنوات لم يعمر مقراتها إلا العنكبوت والغبار مغلقة محروم من خدماتها ساكنة مراكش.

عاشرا: دعمت الجمعية كثيرا من إخوانها في مدن متنوعة في ارتباطهم بالتعليم العتيق والتعليم الأصيل وممارستهم تجربته وفي الوقت نفسه كانت تستغرب من الاضطراب في ظروف التراخيص الممنوحة لطالبيه!!!

حادي عشر: بل ليس بعيداً عنِ الإنصاف؛ بل هو عينه في دولة الحق والقانون؛ أن تطالبَ الجمعيةُ ومثيلاتُها من جمعياتِ المجتمع المدني والتي لها أنشطةٌ دينيةٌ في تحفيظ القرآن والعلوم الشرعية بممارسة النصيحة ومتابعة الحضور مع الكتاتيب القرآنية و مؤسسة التعليم العتيق؛ من بابِ الرقابةِ المَدَنِيةِ التي تطبقها كثير من الجمعياتِ والحملاتِ على كثيرٍ من القطاعات قد تصلُ إلى قاعات القضاء بل ومساطره وفي العديدِ من الملفات الحقوقية كشؤون المرأة والطفل والأسرة،، فضلاً عن الثقافة والرياضة والفنون.. لِتَرْقى برسالة المؤسسات الحكومية إلى الكمالاتِ المنشودة و درْءاً للتقصير في التطبيق.

والمقصودُ أن المنطقَ المصلحيَّ والعقلَ التكامليَّ، يقتضي أن تراقبَ الجمعيةُ الخيريةُ المؤسسةَ الرسميةَ لأنها معنيةٌ بالاستفسارِ عن تدبيرِ المالِ العام بحكم الشراكة في الوطن.

وليس العكس الذي تطالب به وزارة الأوقاف الموقرة..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* أستاذ مدرس وإطار بدور القرآن الكريم التابعة لجمعية الدعوة إلى القرآن والسنة.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M