وجهة نظر في قضية إغلاق دور القرآن

03 يوليو 2013 18:52

طارق الحمودي

هوية بريس – الأربعاء 03 يوليوز 2013م

 

حينما كنا ندرس التاريخ في المراحل الدراسية الأولى سمعت أستاذ التاريخ يفرق بين نوعين من الأسباب.. حينما وصلنا إلى أسباب الحرب العالمية الأولى.. أسباب حقيقة: وهي أسباب تراكمية عميقة.. وأسباب مباشرة؛ تكون بمثابة الشرارة للنار.. وكذلك حال أسباب الحرب العالمية الأولى.. فلم يكن مقتل الأمير النمساوي إلا شرارة.. وكانت الأسباب الحقيقية وراء هذا كله أكبر وأعمق.

حينما بلغ مسامعي استنكار وزارة الأوقاف على دور القرآن المراكشية إفادتها لمن يرغب في تعلم القراءات العشر.. علمت أن ذلك في الغالب شرارة.. وأن ثم أسبابا أخرى وراء هذا كله.. فراجعت الأحداث القريبة التي شكلت صورة المواجهة بين حكومة العدالة التنمية وبين ما يسميه عبد الإله بنكيران التماسيح والعفاريت.. فظهر لي التالي:

– أبدت دور القرآن تعاطفا سياسيا كبيرا مع مرشحي العدالة والتنمية في مراكش وكذلك في كثير من المدن المغربية.. ولا أحد ينكر أن الصوت السلفي كان له الأثر الكبير في تقوية وتعزيز الصوت المؤيد للحزب.

– أبدت العدالة والتنمية تعاطفا قانونيا وسياسيا أيضا مع دور القرآن فسعت وساعدت في إعادة فتحها.. وكانت زيارة وزير العدل رسالة واضحة.

– أحداث مصر دلت على أن السلفيين قد يكون لهم الأثر البالغ في تحريك دفة البلد إلى جهة غير الجهة التي يريدها من يسميهم بنكيران التماسيح والعفاريت.

– الدفع ببعض من يسميهم الإعلام زورا وتدليسا شيوخ السلفية إلى تصدر التوجه السلفي قصد التعمية.. وإيهام الناس بأن الفكر السلفي كان منحرفا ثم تراجع بعد الدخول إلى السجن.. فهناك من يريد تفصيل كتلة سلفية على مقاس مناسب مسالم لا يشتغل إلا بالسياسة.. مع تقصد تهميش الحديث عن مشايخ الدعوة السلفية في المغرب.

– معاقبة حزب العدالة والتنمية بإحراجها.. فإنها إن لم تستطع الدفاع عن دور القرآن فستفقد حلفاء لهم ثقل تصويتي في صناديق الانتخاب.

– انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة.

– توقيف خطيب بسبب حديثه عن موازين.

– وصول الفكر السلفي إلى المؤسسات الوطنية.

– ظهور نخبة سلفية حاملة للشهادات العليا في الطب والهندسة والخدمات والشريعة والفلسفة والتراث؛ فضلا عن تمكنهم من المنابر والمحاريب مما يثير قلق صناع الفكر المستغرب في بلادنا..

تأملت طبيعة تعامل هؤلاء التماسيح مع المدن التاريخية والتي تشكل العمق التراثي الأصيل للمغرب.. فوجدتهم ركزوا على مراكش فأرادوا جعلها مدينة السياحة بامتياز.

ورأيتهم في تطوان يقيمون المهرجانات السينمائية ومهرجان أصوات نسائية..

ورأيتهم في فاس يركزون على إقامة مهرجانات الموسيقى الروحية الصوفية..

لو كانت أسوار هذه المدن تتكلم لسمعت لها أنينا.. ولو اقتربت بأذنك منها لسمعت شكوى مظلوم.

تأملت تكاثر الجمعيات السلفية في المغرب.. وتوجهها التنموي والثقافي.. وغلب على ظني أن مثل هذا قد يشكل عبئا زائدا على التماسيح على حدّ تعبير بنكيران.. وإن كان يحسن تسمية الأشياء بمسمياتها.

هناك أناس اعتادوا على تنفس الهواء في غير بلادهم.. وشرب الماء من غير عيون أرضهم.. وأكل طعام نابت في غير تربة أصلهم.. فكيف يكون لهم الولاء للمغرب؟!

هؤلاء لا يريدون الخير للبلاد…وهم سوس ينخر البلد ويدمر أسسه ويفسد المرعى ويهدد السلم الاجتماعي.

أنا فقط أعرض ما أظن أنه يعين على فهم ما يحدث.. وإلا فإن قراءة مثل هذه الأحداث تحتاج إلى تأمل أعمق.. واستقراء لكل حدث يمكن أن يكون له صلة بما يجري.. وهي مغامرة بكل تأكيد!!

كان بودي أن أوسع هذه الكلمة لكنني رأيت أن في ما سطرته كفاية.. وهي مغامرة أيضا..!

فقد أكون مخطئا في كل ذلك؛ والله أعلم.

وقد قلت ناظما حين بلغني خبر الإغلاق:

سعى قوم لحجب الشمس عنا — وما اسطاعوا فنور الله أبقى

أرادوا منع نهر الله عنا — فصبَّحهم عقاب الله غرقى

ألا شَلَّت يد مدت لدور — تُعلم كيف يغدو المرء أتقى

فإن لم يبكها زيد وعمرو — ستبكيها السما رعدا وبرقا

 

وتخرج من عرين الحق أُسْدٌ — فترعبَ مبطلا يغتال حقا

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M