أختي التي تجد في نفسها شبهاتٍ متعلّقةً بالمرأة وأحكامها
هوية بريس – تسنيم راجح
أختي التي تجد في نفسها شبهاتٍ متعلّقةً بالمرأة وأحكامها..
أول خطوةٍ للتعامل مع تلك الإشكالات هي أن تغلقي عن نفسكِ مداخلها.. الآن وحالاً..
ألغي متابعة الصفحات التي تثير فيكِ تلك التساؤلات وتوقّفي عن الاستماع لمن يشعل المزيد منها داخلكِ، واخرجي من مجموعات اللغو التي تفتح ملفّاتها عندكِ..
وإن كانت تلك الصفحات تحت عناوين تبدو هادفةً أو متديّنة، طالما أنها تثير في قلبكِ المزيد من الشكوك والشبهات فألغي متابعتها..
هذه غالباً صفحات شذرات علمٍ تأتيكِ باقتباساتٍ قصيرةٍ من كلام الشيوخ لتثبت وجهة نظرها أو موقفها كل يوم، فهي قد تعمل على الردّ على النسويّة بجمع الأحكام التي تعاكس أيّ شيءٍ تنادي به، أو قد تريد الرد على ما تعدّه “تشدداً” أو “ذكوريّة” عبر جمع الفتاوى أو الاقتباسات التي تثبت مرادها..
وكثيراً ما تجدينها تطرح انتقاءاتٍ مقتطعةً من كلام أي متحدّثٍ مرّ على تاريخ الأمة دون مرجعية علميّة ولا ترجيحٍ فقهي ولا حكمة في الطرح، وكم يولّد هذا من شبهات وشكوكٍ في نفوس المسلمات على وجه التحديد..
فتصل الفتاة التي لم يسبق لها الزواج والتي لا تأصيل فقهي عندها ولا علم لديها بما لا يسعها جهله إلى التخوّف من الزواج بسبب تعاريف النشوز المخيفة التي قرأتها في تلك الصفحات، أو قد تصل المرأة المطمئنة بزواجها لإساءة الظن بزوجها من كثرة ما قرأت عن أحكام الطلاق وتفاصيله!
لتحمل كثيراً من الشبهات عن أحكام لا تحتاجها أصلاً، وتبدأ إسقاط الحالة النفسية التي لأصحاب تلك الصفحات على نفسها، وتخوّفاتهم على حياتها وكذلك تتقمّص أو ترفض كليّاً وجهة نظر المعلّقين أو تساؤلاتهم!
وكثيراً ما تنتقل من هناك إلى البحث عن الفتاوى الخاصة المتعلقة بحالاتٍ معينة على المواقع المختلفة، وتصل لمرحلة اعتقاد أنها راسخةٌ في العلم في ذاك الموضوع، وقد تصل للتيقّن من أن الدين أصلاً “ظالمٌ” لها -أستغفر الله- بدليل كلّ الأقوال التي حفظتها، أو أن العلماء “بلا شك ظلموها” عبر التاريخ بدليل قول فلان وفلان، وهذه الصفحة وتلك، وهي في حقيقة الأمر لم تدرس مذهباً كاملاً ولم تسمع من عالمٍ بشكلٍ متسلسلٍ ولا أخذت منهجية طلب العلم ولا الفتوى، إنما تبحرّت في شذراتٍ تتلو شذرات، وقطعٍ تتلو قطعاً من الكلام حتى صارت تساؤلاتها أكثر تعقيداً، وجهلها أكثر تركيباً وصعوبة!
لذلك أختي..
ارحمي نفسك، انشغلي بما ينفعك، اخرجي من هذا العالم المقطّع السريع، لا تدخليه إلا لهدف ولا تبقي فيه إلا لهدف، لا تسمعي إلا بمن تثقين بهم وزكّاهم لكِ أهل الفضل والعلم..
فهذا دينكِ وقلبكِ ونفسكِ، لا تسلّميه لأي أحد..
واعلمي أن طلب العلم طريقٌ طويلٌ وأدبٌ وصبر، وليس نتيجةً سريعة ولا مجرّد فتاوى مقتطعة مبعثرة..
دعكِ من البحث فيما لا تحتاجينه، كفّي عن الاستماع لمن تثير في قلبكِ تلك التساؤلات، غادري المجموعات المليئة بقصص الشكوى والتخبيب والمبالغات الدرامية التي لا تفيد أحداً ولا تعني أحد..
وإن كانت لديكِ شبهاتٌ فاسألي أهل العلم عنها، واعملي على بناء نفسكِ بتدرّجٍ بدءاً بما لا يسعك جهله الآن وفي موقعك وظرفك وعلى أيدي العلماء والأساتذة الثقات..
واعلمي أن كلّ دقيقة تقضينها هنا بغير هدفٍ هي في الحقيقة تشتيتٌ لكٍ أو إدخال لما لا ينفعكِ أو يضرّك إلى نفسك، وفي أفضل الأحوال هي هدرٌ لطاقتكِ وجهدكِ وتضييع لجهدك وإقحامٌ لكِ في معارك لا تعنيكِ..