إيقاظة مؤلمة.. حياة الشيخ حماد القباج

هوية بريس – الشيخ مصطفى العلوي
حياة الشيخ حماد ينبغي أن يقف معها طالب العلم وقفة خاصة، وقفة تأمل واعتبار، وقفة محاسبة للنفس، وقفة عتاب ولوم شديدين، وقفة مراجعة وتوبة ورجوع لما ينبغي أن نكون عليه…
الشيخ حماد القباج عاش بشلل رباعي منذ سنوات عقده الثاني في مرحلة الثانوية فيما أظن، وأكمل دراسته في دار القرآن والمعهد وعلى الشيوخ، حتى استفاد ما كُتب له…
منذ بدايات شبابه وهو مهتم بأمر دينه وأمته وبطلب العلم والمعرفة والكتابة، لا تنس أنه مشلول مع كل ذلك…
لم يمنعه مرضه بل أمراضه المتعددة من العمل الدعوي تأليفا ومحاضرة وتنظيما وتسجيلا… بل أسس مركزا خاصا علميا (مركز بلعربي العلوي)، وأصدر كتبا مهمة، ووضع برنامج مشروعات علمية عديدة…
هذا كله وهو مشلول!
زرته يوما في مراكش، فكنت أحدثه وهو حامل كتابا يقرأ على كرسيه المتحرك، فما أن ننتهي من الكلام لأخذي في كتابة أو غيرها حتى يرجع للقراءة!!
همة عالية في العلم استفادة وإفادة..
رجل عملي بامتياز، خلوق دمث، بشوش حسن العبارة، سكوت صموت حتى عن المخالفين!
رجل وقف حياته لخدمة العلم والدين بكل ما أوتي، وكأنه يستعد لموت موشك يراه، فلا تجد فيه أثر غفلة أو فتنة وتله بالدنيا!
حقا إن المرء ينبغي أن يبكي على نفسه عندما يقرأ أحوال أمثاله، تلك حاله وهو مشلول، فكيف سيكون نشاطه وجده لو أعطي القوة والقدرة على الحركة والاستقلال؟!
يا طالب العلم، لن تدرك عظمة العلم حتى يكون همك أخرويا، حتى تعيش لدينك لا لنفسك، حتى تنظر إلى غاية واحدة وهي نشر الدين وظهوره وانتصاره، بكل السبل والوسائل، بتقديم الممكن المتأتي، فلست مطالبا بالمستحيل.
إخواني، لا بد من إعادة النظر في الحال، لا بد من مراجعة النفس، فإن الاشتغال بالعلم قد يصير عادة في نفوس كثير من أهله، وهذا يفقده حقيقته وغايته…
أسأل الله أن يحيي قلوبنا لنعيش كما يراد منا، فإنما الحياة لحظات، فهذه حياة الشيخ مرت بشلل وعدم حركة، لكنها انتهت بآلامها، وهو صائر إلى رب كريم، وحسن ظننا بربنا ثم بحال الشيخ أنه من أهل النعيم والجنان إن شاء الله، فذهب الألم كله في لحظة، وبسرعة، وتأتي الحياة الأبدية الحقيقية.