الأساتذة يُحذرون: العنف يهدد المدرسة العمومية و”مذكرة البستنة” تُعطل الردع

هوية بريس – علي حنين
في ظل تصاعد الاعتداءات على الأطر التعليمية، تتعالى الأصوات في الوسط التربوي بالمغرب للمطالبة بإلغاء المذكرة الوزارية رقم 14/867 الصادرة بتاريخ 17 أكتوبر 2014، والمعروفة إعلاميًا بـ”مذكرة البستنة“، التي يعتبرها العديد من الأساتذة “عائقًا حقيقيًا” أمام تمكين مجالس الأقسام من اتخاذ قرارات تأديبية فعّالة تجاه السلوكات المنحرفة داخل المؤسسات التعليمية.
وبحسب شهادات متطابقة لرجال ونساء التعليم، فإن هذه المذكرة قيدت صلاحيات المجالس التربوية، وأفقدتها أدوات الردع التي تحتاجها لضبط النظام والانضباط داخل الفضاءات المدرسية، ما ساهم بشكل مباشر في تآكل الهيبة التربوية وتفاقم السلوكات العدوانية في صفوف بعض التلاميذ.
🤬 عنف متنامٍ.. وغياب القوانين الزجرية يفاقم الأزمة
يرى عدد كبير من المتابعين والخبراء التربويين أن العنف داخل المؤسسات التعليمية لم يعد مجرد حوادث معزولة، بل أصبح يعكس “تحولًا عميقًا في البنية الثقافية والسلوكية والنفسية” للمجتمع المغربي.
ويزيد غياب قوانين واضحة ورادعة في مجال التربية والتكوين من حدة الظاهرة، ما يهدد بفقدان المدرسة العمومية لوظيفتها التربوية والرمزية.
وبات مشهد الاعتداء على الأساتذة، داخل الأقسام أو محيط المؤسسات التعليمية، جزءًا من واقع يومي مؤلم، يتابعه الرأي العام بقلق، دون أن يقابل بتحركات ميدانية أو تشريعية حاسمة.
📣 دعوات لإلغاء مذكرة البستنة وسن قوانين رادعة
في خضم هذا الوضع، ارتفعت دعوات ملحة صادرة عن العديد من الأساتذة والهيئات التربوية، مطالبة بـ تحرك عاجل للنقابات ومختلِف المتدخلين في الشأن التعليمي، لإلغاء مذكرة البستنة بشكل نهائي، و“سن قوانين زجرية وردعية تحمي المدرسة من الانفلات والعنف المتصاعد”.
وتؤكد هذه الأصوات أن استعادة هيبة المدرسة العمومية رهينة بتعزيز الحماية القانونية للأطر التربوية، وتوفير بيئة آمنة تُمكّنهم من أداء مهامهم دون خوف أو تهديد.
📄 ماذا تقول المذكرة 14/867؟
تُعرف المذكرة الوزارية رقم 14/867 الصادرة بتاريخ 17 أكتوبر 2014، بكونها وثيقة تنظيمية تُقيّد الإجراءات التأديبية التي يمكن اتخاذها في حق التلاميذ المخالفين داخل المؤسسات التعليمية.
وتنص المذكرة على ضرورة اعتماد مقاربة تربوية-إدماجية بدل اللجوء إلى العقوبات الإقصائية، كالفصل النهائي أو المؤقت، وتشدد على ضرورة تمكين التلميذ من “فرصة ثانية” من خلال أنشطة إدماجية وتربوية مثل: الأعمال اليدوية، الأعمال البيئية، أعمال البستنة، الحملات التحسيسية والتربوية.
وعلى الرغم من طابعها الإنساني والتربوي، يرى عدد من الفاعلين في قطاع التعليم أن هذه المذكرة قد أضعفت صلاحيات المجالس التأديبية، وقيدت أدوات الزجر والردع، بل وجلعت من “أنشطة اعتيادية” يمكن أن يقوم بها التلميذ يوميا في مؤسسته عقوبات تأديبية.
📢 الدكتور خالد الصمدي يُحذر: “روح هاجر تدق ناقوس الخطر”
في هذا السياق، نشر الخبير التربوي والأكاديمي الدكتور خالد الصمدي تدوينة مؤثرة، قال فيها: “روح هاجر تدق ناقوس الخطر!!”، في إشارة إلى الاعتداءات المتكررة على نساء ورجال التعليم، التي اعتبرها نتيجة مباشرة لتغذية صور نمطية سلبية عن الأستاذ، وغياب الحماية التربوية والقانونية في المؤسسات التعليمية.
وأكد الصمدي أن: ” اللعب بالمؤسسة التربوية وبرسالتها كآخر حاجز تربوي هو لعب بالنار”، معتبرا ” ما وقع ويقع من اعتداءات هو نذير شؤم ينبغي أن يستنفر الجميع لإعادة ترميم المشهد وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
كما دعا إلى تبني رؤية شمولية تعيد الاعتبار للمدرسة المغربية، وتجمع بين التدخل الأمني، القانوني، التوعوي، والإعلامي، لحماية آخر حصن تربوي في وجه الانفلات المجتمعي.