الاحتقان الشعبي.. إلى أين تسير حكومة أخنوش بسفينة المغاربة؟؟

02 نوفمبر 2021 18:08

هوية بريس – إبراهيم بيدون

أن حكومة أخنوش تنتظرها ولاية حافلة بالحركية ومفعمة بالحيوية، لكنها حركية المظاهرات، وحيوية في عروق المقهورين والفقراء البائسين،الذين صدقوا شعبذة من كان يريد اختفاء الحكومة نصف الملتحية من الملعب السياسي برمته، وحلول “حبيب الجماهير” عزيز أخنوش الذي وقفت الجماهير الشعبية لمقاطعة شركاته حتى قبل أن يصير رئيسا للحكومة.

هذه المقاطعة التي صارت تحتل في المخيال الشعبي مرتبة البطولات إذ يعتبرها أصحابها انتصارات على استغلال النفوذ في تجميع الثروة من جيوب الفقراء المثقوبة.

واليوم بعد هذا الاحتقان الكبير الذي تسببت فيه ملفات حارقة لوجه الحكومة الجديدة، سنرى معارضة قوية ليس في قبة البرلمان فردهاته لم يعد فيها حيوية سوى الفرجة، فقد نزع في الانتخابات الآخرة كل الدسم السياسي من جسم الشأن العام وصارت الحكومة واستراتيجياتها وميزانياتها وتنفيذ برامجها بيد التكنوقراط، حيث الأوامر الفوقية الكثيرة والمسؤولية الجسيمة، والمحاسبة المنعدمة.

لذا في الغالب ستكون تلك المعارضة في شوارع المملكة الشريفة، لن تؤطرها الأحزاب والجماعات، ستشارك فيها فقط، لكن سيتولى عموم البؤساء تسعير حطبها، ستتحرك دون رؤوس يمكن التحاور معها، وهذا من أخطر أنواع المعارضات، إذ يغلب اليأس والإحباط فيسود على الحركة الغضب العارم والعناد، خصوصا وأن سي عزيز ينظر له الناس كشريك للدولة بمفهومها العميق والسطحي.

فإذا كانت الحكومة الحقيقة المنتخبة بصدق وحق مفقودة، وحل محلها رئيس عرف معارضة شعبية قوية ومستمرة حتى قبل رئاسته للحكومة، تمظهرت في مقاطعة شعبية واسعة وقوية تحدثت عنها الصحافة الدولية، فإذا كانت هذه هي الحال، فإن الأخطاء في تدبير أخنوش للشأن العام ستكون كالموبقات، لها عواقب وخيمة مدمرة، خصوصا وأن سي أخنوش لم يستول على رئاسة الحكومة فقط، بل أضاف إليها وزارات كبرى تولى رجال حزبه إدارتها.

والمقلق المخيف هو أن هذه الوزارات مرتبطة ببؤس الشعب وفقره ومرضه ومعاناته وهي وزارات: الاقتصاد والمالية، والصحة، والفلاحة والصيد البحري، والوزارة المكلفة بالميزانية، فضلا عن وزارة السياحة والصناعة التقليدية، وهذا بالإضافة إلى الوزارة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، والذي يمارس وزيرها وظيفة الناطق باسم الحكومة أيضا.

الأخطر في المشهد كله هو أنه لم يبقَ لمن يُشخِّص مصلحة النظام ويسهر على استقراره، جهةٌ يحمّلها المسؤولية كما فعل في ولايتي الحكومة نصف الملتحية التي تم إسقاطها بكل الطرق.

فمن سيخاطب الشعب ليهدأ؟؟

ومن هذا الذي سيثق الناسُ في كلامه بعد عشر سنوات من الصراع بين اللحية والسوط؟؟

من سيُسَكّن روع هؤلاء الذين بدأوا يملأون الشوارع يصرخون من الألم؟؟

من سيشرح لهم؟؟

من سيقبلونه محاورا لحل مشاكلهم؟؟

إن أخطر ما يمكن أن تقترفه الدول هو قتل نخبها الصادقة أدبيًا ومعنويا لدى الجماهير، لمجرد أنهم لا يسيرون وفق أيديولوجيتها أو تفاصيل مخططاتها.

إن حرب الإسلاميين داخل كل الدول الإسلامية خلال عقدي محاربة الإرهاب والتطرف كانت مطلبا للدول الكبرى في العالم، وللأسف استجابت أغلب الدول العربية لهذا المطلب، ففوتت على شعوبها فرصا تاريخية لبناء نفسها من جديد.

فالانقلابات المضادة كانت بقيادة دولة عربية بترولية، معلوم عداؤها للإسلاميين وضالعة في القتل والتدمير وتمويل الفتن والحروب في البلاد الإسلامية، تشتغل بالوكالة عن الشركات متعددة الجنسية التي تدبَّر الاقتصاد العالمي وتلعب بمقدرات البلدان ومصائر شعوبها.

فكانت تلك الانقلابات إما دموية مدمرة لكل شيء كما في مصر وليبيا واليمن والسودان، وإما ناعمة مدمرة لآمال الشعوب وللحمة بين مكوناتها..كما في تونس؛ والمغرب كان من الفئة الثانية.

ورغم أن أخنوش كان وزيرا في حكومتي الإسلاميين، إلا أنه لم يتحمل أي مسؤولية عن نتائج تلك المرحلة التي كان من أهم مميزاتها تورط الإسلاميين في ملفات حارقة من الناحية الاجتماعية والشعبية، وتحتاج إلى مناخ سياسي سليم لاستكمال الإصلاح فيها، ولا يمكن حلها في ولاية أو ولايتين، الأمر الذي استغله خصومهم لإبادتهم سياسيا لدى الشعب، فكان البلوكاج التاريخي في زمن بنكيران العائد إلى المشهد بعد نصب وتعب وإجهاد كبير مُني به حزب العدالة والتنمية، الذي لم يفعل شيئا في الصراع السياسي مع خصومه سوى الإذعان من أجل البقاء؛ فمرر خصومه على جسمه ملفات يستحيل أن تمر اليوم في زمن أخنوش، ولعل أهمها ملفي فرنسة البلاد والتطبيع مع الصهاينة.

إن حكومة أخنوش تواجه اليوم إرث حكومتي بنكيران والعثماني، لأن أخنوش وطائفته ومستعمليه كانوا من أهم أدوات البلوكاج ومعارضة الإصلاحات، كما سيتحمل المسؤولية من استعملهم وجعل شغله الشاغل أن يختفي الإسلاميون من المشهد السياسي، وجعل الدولة تشتغل بإزاحة الإسلاميين وبمعاركها ضدهم عن هموم الشعب وحل مشاكله المزمنة، فأهدرت ثروات وأعمارا، تجعل مهمته اليوم أصعب وأثقل.

وما يزيد من صعوبتها وثقلها هو إفلاس المغرب على مختلف الأصعدة، خصوصا على الصعيد المالي والاقتصادي، الأمر الذي سيجعل الحكومة والدولة تلجأ إلى الاستدانة المشروطة، وفتح البلاد أمام الرأسمال القذر، الذي يشبه الرأسمال الذي بنى البنك المخزني زمن المولى عبد العزيز، والذي مدت الشركات المساهمة في إنشائه خطوط السكك الحديدية والطرقات الإسفلتية، وبنت الموانئ والمطارات ونقبت عن الثروات الطبيعية وأنشأت المناجم الكبيرة العديدة، لكن كل ذلك لم يحدث رفاهية للمغربي ولا تقدما للبلاد؛ لأن حركة الرأسمال الأجنبي يحكمها المنهج الامبريالي، الذي يرى في استغلال الشعوب واستنزاف ثرواتها الأسلوب الوحيد في التعامل.

الأفق في مغرب اليوم مظلم مخيف، يحتاج إلى شمس تضيء ولا تحرق، يحتاج شجاعة وجرأة من طرف من يهمهم الأمر، جرأة في المحاسبة وقوة قبلها في المراقبة.

وهذا في نظرنا من شبه المستحيل لأن تكلفة إسقاط الإسلاميين وتجريف المشهد السياسي لاقتلاعهم، جعل مراكز القوة والقيادة محط أطماع كل المتربصين الوصوليين. وينضاف إلى ذلك أن حكومة صاحب الوقود تضم 16 وزيرا ووزيرة لا خبرة لهم في التدبير السياسي حيث يتقلدون المنصب الحكومي لأول مرة.

بالإضافة إلى وجود 7 نساء وزيرات لتظهر الحكومة الخنوشية بمظهر الحداثة، حيث بلغت تمثيلية النساء في الحكومة الجديدة، نسبة 28 بالمئة، ومعلوم أن البحث عن المظهر الحداثي في العمل السياسي المغربي يكون على الدوام على حساب الكفاءة والنجاعة، ويكون فلكلوريا أكثر من أي شيء آخر.

وإذا كانت الحكومة بهذا الشكل وكان فيها 3 وزراء فقط هم من ولج المسؤولية من باب الانتخابات، فإن الحكومة تكون متماهية مع الدولة بمعناها المخزني، الأمر الذي سيجعل المؤسسة الملكية في الواجهة في تدبير الشأن العام، خصوصا وأن السيد أخنوش في نظر المغاربة هو صديق للعاهل المغربي أكثر منه وزيرا منتخبا من طرف الشعب.

نحتاج في هذه الظروف إلى التعقل والحكمة والقوة البناءة التي تضرب على يد كل مفسد وصولي حتى نتجنب السكتة القلبية المزمنة التي ذهب ضحيتها حزبان كبيران، هما حزب: اليوسفي الذي ماتت وردته في تربة السياسة العفنة، وحزب بنكيران الذي أطفأت رياح السَّموم السياسية نور مصباحه.

نسأل الله أن يحفظ المغرب والمغاربة من الفتن والاضطرابات، وأن يبرم للبلاد والعباد أمر رشد.

وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

آخر اﻷخبار
1 comments

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M