الانقلاب الفاشل بتركيا يكشف عدم وضوح السياسة الخارجية السعودية!!

24 يوليو 2016 14:38
الانقلاب الفاشل بتركيا يكشف عدم وضوح السياسة الخارجية السعودية!!

هوية بريس – عبد الله أفتات*

مجددا تكشف المحاولة الانقلابية الفاشلة التي عرفتها تركيا ليلة الجمعة 15 يوليوز الجاري عن عدم وضوح السياسة الخارجية السعودية، بل إنها عرفت خلال الأسابيع الأخيرة تذبذبات غير مفهومة في كثير من تفاصيلها، إن لم أقل أن بعض المواقف اعتبرت بمثابة تراجع عن التغيير الذي يمكن أن نقول عنه إيجابي في بعض جوانبه، الذي عرفته بعد وصول فريق جديد إلى الحكم بقيادة الملك سلمان في يناير 2015، ونشرت خارطته وسائل إعلام سعودية معروف قربها من صناع القرار بالمملكة.

فبعد أن أكدت العديد من الجهات المقربة من دائرة القرار السعودي، خاصة البحثية والإعلامية منها عن قرب مراجعة الدعم الذي حظي به فريق  الانقلابي المصري عبد الفتاح السيسي من طرف الملك الراحل عبد الله، يتفاجأ مجموعة من المراقبين بمباركة ولو أنها جزئية لحكام مصر الجدد بدعوى أن الأولوية للتدخل العسكري في اليمن الذي شهد انقلابا على الشرعية وعلى المؤسسات المنتخبة بعد إزاحة نظام علي عبد الله صالح الذي حكم البلاد لعقود بيد من حديد، وبعد انتخابات نزيهة شاركت فيها معظم المكونات اليمنية المعتبرة،  من طرف فصيل شيعي “أنصار الله الحوثي” يحظى بدعم مالي وإعلامي ولوجيستيكي من دولة الشيعة في إيران.

لتزداد المفاجأة مع مرور الوقت بعد تخلي السعودية عمليا، دعك من التصريحات، عن المعارضة السورية المسلحة المعتبرة والمقبولة لدى شريحة واسعة من الشعب السوري، وأيضا لدى فئة من الرأي العام العربي والإسلامي، بضغط أمريكي بين وواضح لكل متابع متفحص، بعد أن وعدت بتقديم الدعم لتلك التنظيمات التي تتوفر على الرجال، ولا ينقصها إلا السلاح لحسم المعركة التي كادت أن تضع نقطة شبه نهائية لها لولا الطيران الروسي الذي تدخل في آخر لحظة لإخراج قوات الأسد من دائرة ضيقة جدا تم حشرها فيها بدمشق،  في الوقت الذي وجد فيه بعد ذلك الأسد وقواته التي تفتك بالشعب الذي خرج في معظمه للشوارع مطالبا بالحرية والديمقراطية والكرامة، دعما أكثر من المطلوب من دولة الشيعة ومليشيات تابعة لها قادمة من لبنان والعراق وأفغانستان.. وبمشاركة قوية وفعالة للقوات الروسية بمختلف تشكيلاتها.

ويأتي رد فعل السعودية بشأن المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها تركيا ليؤكد المنحى التراجعي الذي تعرفه السياسة الخارجية السعودية، في موقف فاجأ إن لم أقل أفجع الرأي العام الإسلامي والديمقراطي، في الوقت الذي كان ينتظر فيه رد فعل أقوى مما جرى تلك الليلة، على اعتبار ما يجمعها بمعية دولة قطر وتركيا من تحالف كانت هناك مقترحات لتوسيعه ليشمل دولا أخرى قريبة من الهم المشترك.

 فما معنى أن يصدر أول رد فعل من الخارجية السعودية إلا بعد أن تكون المحاولة الانقلابية قد قاربت من مرحلة الفشل؟ وما معنى أن تتجند قناة “العربية” وهي وسيلة إعلامية شبه رسمية، للدفاع عن الانقلابيين؟ وإلى التصرف وكأن المحاولة الانقلابية نجحت؟ بل وتبالغ لدرجة الحديث عن ما بعد مرحلة حكم حزب العدالة والتنمية؟

لتكون بذلك المملكة السعودية قد تخلت وبشكل عملي عن معظم حلفائها الذين بهم وبواسطتهم يمكنها مواجهة النفوذ الشيعي بالمنطقة، بحيث أن قوات الحرس الثوري الإيراني تصول وتجول دون حسيب ولا رقيب وتحت أعين الطائرات الأمريكية والروسية، إن لم أقل تحت حمايتها، فمن العراق إلى سوريا إلى لبنان ثم اليمن.. فأفغانستان، ولا من يوقف هذا الحرس الذي يعمل على تصفية كل من يخالف توجهاته وسياساته، بل إن التقارير الحقوقية الدولية تؤكد ارتكابه لأبشع الانتهاكات بالدول المشار إليها، فقط من أجل العمل على توسعة النفوذ الإيراني الذي بات اليوم يطرق باب المملكة.

وإذا حدث لا قدر الله ونجحت تلك المحاولة الانقلابية، لما تشكله تركيا من ثقل على مجموعة من المستويات، الاقتصادية والبشرية والمالية والدينية أيضا،  فإن أول الخاسرين هي المملكة العربية السعودية، التي ستصبح محاطة من كل الجوانب بالتواجد الإيراني، ثم إن نجاح المحاولة كانت ستزيد من حماس شيعة المملكة الذين أصبح عددهم مخيفا في الجهة الشرقية لإحداث التغيير الذي ينشدونه بدعم ودفع من طهران، التي في كل مرة تذكر السعودية أن دورها قد اقترب بعد اليمن وسوريا وقبلهما أفغانستان والعراق ولبنان..

في تقديري المتواضع إن كانت المملكة العربية السعودية جادة فعلا في إيقاف التمدد الشيعي الذي رصدت له دولة إيران كل الإمكانات المادية واللوجيستيكية والبشرية والإعلامية بمختلف تلاوينها لإنجاحه وإيصاله إلى أقصى نقطة ممكنة، فإن عليها إعطاء الأولوية للملفات المشار إليها، وفي مقدمتها التوقف عن مواجهة الحركات الإسلامية المعتدلة القادرة على فضح وحصار وإيقاف سياسة التشيع التي تنهجها إيران خاصة تلك التي تؤمن بالمشاركة في الحياة السياسية والمؤسساتية والتي توصف بالمجمل بالمعتبرة، التوقف عن دعم الانقلابيين في مصر الذين بالغوا في التنكيل بالمعارضين والمطالبين بعودة الشرعية المتمثلة في الرئيس المنتخب بشكل ديمقراطي في أول انتخابات نزيهة تشهدها مصر، الدعم الكافي للمعارضة السورية المسلحة المعتبرة، وعدم الالتفات للضغوط الأمريكية على هذا المستوى.. أما إذا أصرت سياسة السعودية على معاكسة التيار السني المعتدل، فإنها مع مرور الوقت ستجد نفسها وقد اكتسحت عمامات الملاليين مكة والمدينة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* رئيس الاتحاد المغربي للصحافة الإلكترونية.

[email protected]

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M