التعاونيات وإشكالية التسويق في المغرب

هوية بريس – حجي عبد السلام
في المغرب، يبقى تسويق منتجات التعاونيات من بين الإشكالات الأساسية التي تعيق سير هذا القطاع وهي مرتبط بعدة عوامل داخلية وخارجية ، فمنها ما هو مرتبط بتكوين مسيري التعاونية إذ أن أغلب الأعضاء لم يتلقوا و لا يتلقون تكوينا جيدا ومستمرا في مجالات التسويق، ثم يأتي عنصر ضعف الممارسة التجارية وقلة التجربة الميدانية خاصة بالنسبة للتعاونيات الموجودة في المناطق البعيدة والقروية، ثم ضعف دراسة حاجيات السوق وتحديدها و عدم امتلاك الآليات اللازمة لمواجهة متطلباته ، موازاة مع مشكل عدم إتقان تسيير وتدبير أشغال التعاونية بالطرق المناسبة العصرية كالرقمنة والمحاسبة المستجدة ومواكبة متطلبات الآليات الحديثة للتسويق، وانتفاء عنصر الابتكار وإبداع أفكار جديدة للتسويق مع تطوير أنواع المنتجات أو الخدمات الجديدة يستحسنها ويفضلها المستهلك وتناسب أذواقه.
فالتعاونيات التي استطاعت أن تتغلب على جزء من هذه الصعوبات المتعلقة بالتسويق وفرضت نفسها في السوق هي تلك التي سايرت الركب وأدخلت تعديلات على أنظمتها القديمة ودخلت غمار المنافسة والتجديد، كما توجد أيضا عوامل خارجية قد تعيق التسويق الجيد وهي كثيرة ومن العوامل التي تكون خارجة عن طاقة وظروف التعاونية وإمكاناتها سواء منها المادية أو المعنوية.
ومن فوائد الاعتناء بجانب التسويق التعاوني نجد منها: الرفع من قيمة المداخيل وتقليص المصارف عند التعاونية، زيادة عدد المتعاملين والزبناء لدى التعاونية، زيادة حصتها في السوق محلي أو وطني وحتى دولي، تنوع وإرساء العلاقات مع التعاونيات والشركات أو المقاولات الأخرى ، ارتفاع نسب مبيعات التعاونية وتحقيق فائض مهم، ارتفاع خدمة الزبناء وعددهم بالنسبة لصنف التعاونيات الخدماتية، تعزيز وتقوية مكانة التعاونية في المجتمع، الرفع من كفاءات أعضاء التعاونية، ازدهار أنشطة التعاونية ونجاحها وتطوير منتجاتها وإضافة منتوجات جديدة مع ابتكارات متنوعة وأخيرا جمع كل هذه المقاييس ومعايير التسويق تؤدي إلى تحسين ورفع دخل أو مدخول أعضاء التعاونية.
تشكل مشاركة التعاونيات في المعارض إحدى الفرص الثمينة لترويج كميات هائلة من منتوجاتها، ولكن لا تقتصر الأهمية على البيع وترويج المنتوجات بل الأهم من ذلك هو إحداث التقارب والتفاعل المباشر بين التعاونيات، في المعارض يتم تبادل التجارب فيما بينها و تتنامى أوجه التعارف والتعرف على بعضهم البعض وعلى أحدث المنتوجات وعلى طرق الإنتاج وطرق التلفيف وتطوير عرض المنتوجات، و على سبيل المثال أنه في بداية الثمانينات وفي المعارض الأولى كانت مثلا تعاونيات المنتجات المجالية تروج وتعرض منتوجاتها من العسل بالجملة “العسل en vrac” أي وفي وسائل جد بدائية أو خزان أو علب غير صالحة، لكن و بعد مشاركتها في مجموعة من المعارض تم تكوينها وحثها على تبادل الخبرة فيما بينها في عدة مجالات منها تلفيف المنتوج وكيفية عرضه وتبادل عناوين المصنعين في نفس هذا المجال، وبذلك تطور عرض منتجات التعاونيات خلال المعارض الموالية إلى مستويات لائقة، ولقي بالتالي إقبالا كبيرا من المستهلك، ومن تم لوحظ الفرق الكبير في جودة المنتجات السابقة والمعروضة التي لوحظ تطور عرضها من معرض إلى آخر ومن حسن إلى أحسن.
وموازاة مع تظاهرات المعارض التي كانت تبدو أحيانا بمثابة أعراس للتعاونيات، كانت تعقد خلال تلك الفترة تظاهرات ثقافية وعروض تكوينية مهنية موازية، كل تعاونية تعرض تجاربها وتعم خلالها الفائدة للجميع و تتم توعية المنتجين المتعاونين مما يرفع من مبيعاتهم وتحسين التسويق لديهم ، كما هي أيضا مناسبة للتعريف بالمنتوجات و بالتعاونيات وتمكنهم من عقد صفقات مهمة وعقود تجارية مهمة من خلال تلك المعارض وتحسين الوضعية الاقتصادية والاجتماعية لها ولأعضائها، إذ كانت بمثابة تشجيع وتحفيز للتعاونيات والحرفيين على بذل المزيد من الجهود خاصة وأنه كانت تنظم موازاة مع تلك المعارض جوائز المعرض “كجائزة أمهر صانع ” و”جوائز أحسن التعاونيات” وجوائز أخرى مشابهة كل سنة مميزة تعمل على تشجيعهم وبدل مزيد من المجهودات تكرس التحفيز وتبرز الابتكار و البحث والتجديد.
ولقد تميزت المعارض دوما بالخاصيات التالية: تشجيع التسويق المحلي والوطني والدولي، التعريف بالتعاونيات وبأعضائها، التعريف بمنتجات التعاونيات وبالمنطقة، التعريف بخصوصيات التعاونية ومميزاتها، الرفع من رقم معاملات التعاونية ومن رواج منتجاتها، تبادل الخبرات فيما بين التعاونيات والاستفادة من بعضها البعض، الإعلان والإشهار لمنتجات التعاونيات وللتعاونيات واتحاداتها ذاتها، تجويد وتحسين تقديم منتجات التعاونيات والرفع من الفائض، تطوير العلاقات بشركات وأشخاص آخرين من زوار المعرض، توعية المتعاونين وتكوينهم، تقريب المنتوج من المستهلك بالجودة المطلوبة، تنويع الأنشطة لدى التعاونيات وتنويعها خاصة بالنسبة للتعاونيات الموجودة في العالم القروي والتعاونيات النسوية، تنمية الفكر التعاوني لدى المشاركين في المعارض بتلقينهم مبادئ المشاركة والمساواة والديمقراطية والمسؤولية، الاطلاع على مشاريع تعاونية مذرة للدخل وتطوير تقنيات البيع، الحث على وضع خطة تسويق تعاوني للرفع من فرص النجاح والمعاملات، تطوير تقنيات ووسائل المحاسبة لدى التعاونية، طرق التواصل فعالة واطلاع دائم على المستجدات في التسويق والحقل التعاوني، تطوير شراكات واتفاقات مع باقي التعاونيات أو اكتشاف قنوات مبيعات تعاونية، الترويج لمنتجاتها أو خدماتها، تجديد العلاقات مع المتعاملين مع التعاونيات وزيادة التفاعل بينها ومعرفة شروط المنافسة، توطيد العلاقات مع مختلف الإدارات المعنية والمؤسسات و المحافظة على عنصر التواصل معها ومع الجهات الأخرى المهتمة بالمجال التعاوني أو الاتحاد التعاوني، جمع المعلومات ذات الصلة بالتعاونية ومنتجاتها.