الرميد عن “الخطبة الموحدة”: جعلت المساجد وكأنها إذاعة وطنية

16 مايو 2025 19:23

هوية بريس – المصطفى الرميد

قامت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية مشكورة، منذ سنوات، بمجهودات جبارة خدمة للدين، وترسيخ قيمه في المجتمع. وقد وفقت في جوانب شتى، أهمها التشجيع على حفظ القران الكريم، وإتقان تلاوته، حتى أصبح أطفال المغرب وشبابه يحتلون الصفوف الأولى في المسابقات القرآنية، عبر العالم حفظا وتجويدا.

فضلا عن ذلك، هناك قناة محمد السادس، ومعها إذاعة محمد السادس، حيث تسجل هذه الأخيرة أرقاما قياسية في عدد المستمعين.

وإذا استحضرنا الجهود المبذولة في طباعة المصحف الشريف، بكافة الأحجام والألوان، وما يتصل بذلك من تشجيع للخط العربي، وغيره، لاتضح أن المملكة ماضية في رعاية كلام الله من عدة وجوه…

أما على صعيد بناء المساجد، فبفضل جهود الوزارة، ومعها المحسنون، وغيرهم، تتوفر المملكة على ما هي جديرة به، باعتبارها دولة مير المؤمنين، على بنية مسجدية محترمة، تلبي حاجات المجتمع المغربي المسلم إلى حد كبير.

وقد بذلت الوزارة جهودا مستحسنة في تنظيم شؤون المساجد، بأبعادها عن التجاذبات السياسية، وحفظها من الاختراقات الطفيلية، وكل ذلك كان ضروريا ومحمودا للحفاظ على الأمن الروحي للمغاربة ووحدتهم المذهبية.

إلا أن الملاحظ، أن “خطة تسديد التبليغ” التي اعتمدت في الشهور الأخيرة، فيما يخص خطب الجمعة، لاقت نوعا من الاستهجان وعدم القبول، على الأقل، بالنسبة لمن تمكنت من النقاش معهم في الموضوع، خصوصا وأنها أصبحت معلومة النصوص قبل أيام من إلقائها. كما أن هذ الإلقاء من قبل جميع أئمة الجمعة، نصا واحدا لا محيد عنه، بالنقطة والفاصلة، على امتداد التراب الوطني، جعل المساجد وكأنها إذاعة وطنية: نص واحد بأصوات مختلفة، بدون روح ولا مواءمة أو ملاءمة.

إن الأمر يتعلق بفكرة مقبولة مبدئيا، لو أنها خضعت لشيء من التعديل والعقلنة والاعتدال في التصريف والتنزيل، وذلك باختيار عدد وفير من الخطب في كل موضوع من المواضيع، ووضعها رهن إشارة الخطباء الذين يختارون منها النصوص التي توائم حالات وحاجات رواد مساجدهم، مع حفظ هامش مقبول لهؤلاء الخطباء، لكي يضيفوا ما يجعل خطبهم تستجيب لحاجات البيئات المختلفة.

نعم، قد تقتضي بعض اللحظات الديينية أو الوطنية، التي ينبغي أن تبقى محدودة جدا، توحيد الخطب، لتصل الرسالة الواحدة الواضحة لجميع المؤمنين، أما فرض خطبة واحدة، في كل أيام الجمعة، وعلى امتداد السنة، وفي كل المساجد، فهذا مما لا يليق، ولا ينبغي، ويتعين وضع حد له، حفاظا على جاذبية المسجد، وقدسية صلاة الجمعة، ورشد تدبير الشان الديني.

والله أعلم.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
19°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M