الشامتون في وفاة الشيخ “أبو النعيم”..

09 يوليو 2021 19:00

هوية بريس – عابد عبد المنعم

يبدو أن بعض المنابر لم تستطع أن تحكم نفسها بعد وفاة الشيخ عبد الحميد أبوالنعيم، وتعمل بالمثل المغربي الأصيل القائل “العداوة ثابتة والصواب يكون”، وبذلك أطلقت العنان للتعبير عن حقدها وكرهها للآخر في أكثر اللحظات التي يعاني فيها ذووه ومحبوه الألم والحزن.

فالمنابر ذاتها التي كانت، في وقت سابق، تصف  الشيخ أبوالنعيم رحمه الله بـ”أبي الجحيم”، وتتهمه بالغلو والتطرف وتلصق به أقبح النعوت والأوصاف، لم تمهله وأسرته ومحبيه يوما واحدا فقط، لتجاوز مرحلة الحزن والمصاب الجلل الذي ألمَّ بهم، فخرجت إحدى تلك المنابر لتتهم الفقيه المغربي الراحل بأنه كان “خارج السياق المجتمعي مصادما للمؤسسات العمومية وخاصة المشرفة منها على قطاعي الإعلام، وتدبير الشأن الديني والترفيه بالمغرب”.

ومن تابع تفاعل المغاربة مع جنازة أبوالنعيم، سواء في مواقع التواصل الاجتماعي، أو بالحضور إلى مقبرة الغفران ومعاينة الحشود الغفيرة التي حجت لتشييع جنازته، وكذا عدد المشاهدات التي كانت تحصدها مقاطع الفيديو التي كان ينشرها، والمواضيع التي كان دائم التركيز عليها، سيعلم فعلا من يقف خارج السياق ويصادم المجتمع والمؤسسات.

سيعلم حينها أن الحشود التي تمكنت من الوصول إلى المقبرة، أو تلك التي حالت دونها ودون ذلك السدود الأمنية، من مختلف الشرائح العمرية والتلاوين الفكرية، كانت تقدّر الشيخ عبد الحميد لكثير من الخصال التي تميز بها، أبرزها ثباته على الفكرة والمبدأ، وإخلاصه وصدقه ووفاؤه، من أجل هذا وصفه كثير من المعلقين بأنه طينة خاصة قل نظيرها في المغرب.

وعلى الرغم من الاختلاف والتباين في الأفكار فقد عبر الصحافي حميد المهداوي عن ألمه الكبير لفقد الشيخ أبوالنعيم، وكتب “لم اتفق يوما مع أسلوبه في خوض الصراع ولا مع كثير من خرجاته ضد أشخاص معينين، وطبعا مثلما قد يكون غير متفق مع اسلوبي وبعض خرجات وهذا الأمر عادي.. لكن بداخلي أشعر بتقدير كبير له.. لسبب واحد ووحيد هو إيمانه بأفكاره والدفاع المستميت عنها حتى قضى مدة من الحبس بسببها بصرف النظر عن طبيعة هذه الأفكار ومدى الاتفاق أو الاختلاف معها.. المهم عاش واقفا ومات واقفا.. المهم لم يتملق لأحد ولا تزلف لجهة ما.. ولا باع ضميره الديني كما باعه كثير من زملائه.. فلترقد روحك بسلام ولأهلك وأحبتك أقول لكم مني خالص عبارات المواساة والعزاء..”.

وعلى خلاف المهداوي نجد مثلا المتحول المتحور “محمد عبد الوهاب رفيقي” الذي صرح لمنبر “هسبريس” بأن “بعض مواقف الراحل التي تتماهى مع التيار السلفي الجهادي هي التي جعلت الشيخ أبو النعيم حالة مستعصية على التصنيف تحت خانة معينة، أو نسبته إلى تيار (سلفي) معين”، وأضاف بأن “مواقف أبو النعيم فيها كثير من الحِدّة، وكثير من الصدام، الذي يصل إلى التكفير”.

شتان بين رجل صادق من المدرسة اليسارية وشخص تائه انتسب يوما ما للمدرسة الإسلامية، بل كان شيخا جهاديا زجَّ بخيرة شباب فاس وغيرها من المدن المغربية في غياهب السجون، وها هو اليوم يقف بيننا دون حياء ليعطي الدروس ويمايز بين الاعتدال والتطرف، ويقيّم منهج وفكر شيخ مغربي أصيل لطالما حذر من خطر فكر أبي حفص، إبان فورته، على الأمن والسلم المجتمعي في المغرب وخارجه.

حقيقة “لي عندو شي وجه تيحشم عليه”، وإذا لم تسح فقل ما شئت وافعل ما تريد.

ثم إن جريدة “هسبريس” التي نشرت هذا الهراء أرادت أن تعطي المصداقية لموقفها المعادي للتدين والعلماء، والذي حددته في عنوان مادتها “أبو النعيم.. شيخ سلفي اختار “الجهاد باللسان” في مواجهة المجتمع والإعلام“، بإسبال صفة الباحث على شخص ليس له بحث يذكر، أو كتاب أو مؤلف، ورأس ماله تبرؤه ظاهريا من تطرف إسلامي نسب له في الماضي، ولازال إلى اليوم يصرّف التطرف ذاته، لكن في صورة جديدة من خلال قالب علماني.

المهم.. رحم الله الشيخ أبو النعيم الذي وضع كثيرا من المرتزقة وتجار الدين أمام المرآة وكشفهم أمام الجميع.

آخر اﻷخبار
2 تعليقان
  1. تموت الأسْد و يبقى زئيرها
    و تموت الحمير و يبقى سروجها
    رحم الله الشيخ عبد الحميد أبا النعيم

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M