الشيخ حماد القباج.. الرجل الذي عاش صابرا ومات مرابطا

هوية بريس – متابعات
في عصر الثامن من رمضان 1446هـ الموافق للتاسع من مارس 2025، توفي الرجل الصابر والشيخ المناضل حماد القباج، جراء جلطة دماغية أدخلته في غيبوبة.
والشيخ رحمه الله من مواليد سنة 1977، وقد عرف منذ شبابه، بمسيرته الدعوية والعلمية بمدينة مراكش بعدد من الجمعيات من ضمنها جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة، ليشع نشاطه بعد ذلك إقليميا وعربيا وإفريقيا.
وعلى الرغم من أن الشيخ القباج كان من ذوي الاحتياجات الخاصة، وكان يعاني من شلل رباعي جراء حادث أليم تعرض له في سن 16 سنة، بشلالات أزود، ورغم حالته الصحية كان رحمه الله يشع نشاطا وحيوية، ومن يتابع إنتاجاته وكتابته وبرامجه ومؤلفاته، يحقر نفسه أمامه، فقد كان رحمه الله آية تمشي على الأرض.
الشيخ القباج رحمة الله عليه ذلك الرجل ذو الأخلاق والصفات النبيلة، كريمٌ معطاء متسامح، حتى مع من آذوه، لا تفارقه الابتسامة ولا يكثر الحسابات والظنون في تعامله مع كافة خلق الله أجمعين.
كان رحمه الله قريبا من قضايا أمته ووطنه، مدافعا عن ثوابت دينه، لا يتخلف البتة عن الصدع بالحق ومدافعة الباطل، بأسلوب يكسوه اللين وتوجهه الحكمة.
ختم الشيخ حماد القرآن الكريم حفظا وتجويدا برواية ورش عن نافع من طريق الأزرق؛ على يد شيخه المقرئ الدكتور توفيق العبقري. كما حفظ عددا من المتون العلمية، وباشر التدريس بدور القرآن الكريم منذ سنة 1998.
ولعنايته بالمرأة فقد أسس موقع “منزلة المرأة في الإسلام”الإلكتروني سنة 2005، وقد ألف كتابا بنفس العنوان، كما باشر الإشراف على حلقات النساء بجمعية الدعوة إلى القرآن والسنة سنة 2006، وكان يقوم بتأطير مئات النساء.
وقد انتخبه المجلس التأسيسي للتنسيقية المغربية لجمعيات دور القرآن؛ منسقا عاما للتنسيقية سنة 2011.
كما عُيّن عضوا في لجنة الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة؛ في مارس سنة 2013.
اعتنى الشيخ حماد القباج عناية كبيرة بفقه المرأة المسلمة والتاريخ المغربي الحديث خصوصا أعلام الفكر والدعوة.. وألف في ذلك عددا من الكتب والمؤلفات.
كما اشتغل لحوالي عقدين (20 سنة) بمجال الصحافة والنشر، ضمن هيئة تحرير جريدة السبيل الورقية، وكتب مئات المقالات وشارك بملفات وأعدّ تقارير..
الشيخ القباج رحمه الله كانت له مشاركات إعلامية وثقافية وسياسية بارزة، بصم خلالها عن إرادة قوية للإصلاح في شتى المجالات الدينية والفكرية والسياسية.
وقد ترأس مركز بلعربي العلوي للدراسات التاريخية والاجتماعية الذي أنتج عددا من المؤلفات والبحوث النافعة، على رأسها كتابه “حياة شيخ الإسلام محمد بن العربي العلوي.. العالم المفكر والمصلح المناضل”.
كان رحمه الله بارا بوالدته يكنّ لها حبا جمّا، لطالما أفصح عن ذلك في مجالس خاصة، فهي من آوته واحتضنته، ورعته ووجهته بأخلاق وقيم المرأة المغربية الأصيلة.
وقد تقدم للشيخ وأسرته بالعزاء علماء ودعاة وأكاديميون وزراء سابقون.
وفي هذا السياق كتب عنه رفيق دربه ذ.إبراهيم الطالب مدير جريدة السبيل: “الشيخ حماد القباج المسلم الهين اللين رغم شلله الرباعي ما ترك خدمة الإسلام يوما، كل ذرة في جسده المنهك عملت وناضلت في سبيل الله وبنت وشيدت، أوذي في الله فصبر.
إن سيرته ومعاناته مع مصيبة الشلل الرباعي وتحديه للعجز البدني وإصراره على العلم والدعوة لمما يدرس لأبنائنا.
فاللهم افسح له في قبره مد بصره يا رب العالمين اللهم تجاوز عنه وبدل سيئاته حسنات. يا رحيم يا رحمن. وأجرنا في مصيبتنا واخلف لنا وللأمة خيرا”.
وتحت عنوان “نجم هوى” كتب د.خالد الصمدي، الوزير المنتدب السابق بالتعليم العالي “تلقيت ببالغ الحزن والأسى والرضى بما قدر الله وقضى نبأ وفاة المشمول بكرم الله وبرحمته العلامة المربي الأستاذ حماد القباج المراكشي، الذي اختاره الله إلى جواره ومستقر رحمته في هذا الشهر الفضيل،
اللهم اغفر له وارحمه وأكرم نزله بما قدم للعلم والعلماء وللدعوة والتربية من جهد كبير رغم ظروفه الصحية، اللهم أكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد.. خالص التعازي لأسرته الصغيرة والكبيرة، وإنا لله وإنا إليه راجعون”
بدوره كتب عزيز الرباح، وزير التجهيز السابق “ببالغ الحزن والأسى وتسليما بقضاء الله وقدره تلقينا نبأ وفاة فضيلة الشيخ حماد القباج الذي كان من أهل العلم والدعوة ساعيا في الخير وخادما لوطنه ومدافعا عن ثوابته.
وعلى إثر هذا المصاب الجلل أتقدم لأسرته بخالص التعازي وأصدق المواساة راجين من المولى عز وجل أن يتغمد روحه بالمغفرة، وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان. وإنا لله وإنا إليه راجعون”.
وبهذه المناسبة الأليمة تتقدم أسرة “السبيل” و”هوية بريس” بالتعازي لأسرة الفقيد الذي عاش صابرا على ما ألم به من امتحانات، ومات مرابطا في ميدان العلم والفكر والإصلاح، سائلين الله تعالى أن يلهم أهله الصبر والسلوان ويعظم أجرهم ويحسن عزاءهم ويغفر لميتهم ويسكنه فسيح جناته، وإنا لله وإنا اليه راجعون.
اللهم اغفر له وارحمه واسكنه الفردوس الأعلى من الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا اللهم ارزق عائلة الشيخ الصبر على مصيبتنا جميعا. انا لله وانا اليه راجعون