الكنبوري: أوروبا تعاملت مع اليهود وفق نظام الذمية الإسلامي لكن على نمط مختلف

12 يونيو 2025 19:10

هوية بريس – د.إدريس الكنبوري

سأل بعض المتابعين الأعزاء يريدون معرفة المقصود بقولي في آخر منشور بأن أوروبا تعاملت مع اليهود وفق نظام الذمية الإسلامي لكن على نمط مختلف. وهذا كلام يبدو جديدا وغريبا على الجميع طبعا، فما هو المقصود؟

نظام الذمية على اليهود في الإسلام بني على قواعد منها أداء الجزية، حرية العبادة، حمل علامات معينة تميزهم عن المسلمين، منعهم من وظائف معينة، السماح لهم بالتجارة، أداء مبلغ من المال للدولة يسمى الجزية مقابل حمايتهم، منع الاعتداء عليهم، عدم الزواج منهم بالنسبة للمسلمات، أكل ذبائحهم.

التوفيق يشرعن الربا

وإذا كان مفهوم الذمية معناه وضع قواعد سلوك ومعاملة مع الغير تتميز عن قواعد التعامل بين أهل البلد المسلمين، فقد وضعت أوروبا هي أيضا قواعد سلوك ومعاملة مع اليهود تتميز عن قواعد التعامل بين أهل البلد المسيحيين، وذلك طيلة قرون.
فمبدأ التمييز بين أهل الملة النصرانية والياهود ظل معمولا به قرونا طويلة.

ولكن خلافا للمسلمين وضع المسيحيون قواعد عنصرية صارمة. فلم توجد مساواة في الحقوق الاقتصادية كما وجدت في البلدان الإسلامية، حيث كان اليهود يمنعون من جميع الوظائف قاطبة، ويمنعون من امتلاك الأراضي عكس المجتمعات الإسلامية، وكانت الجزية موجودة إنما كانت تسمى باسم آخر لأن الياهود كانوا يدفعون الأمول للكنيسة، وخلافا للجزية التي كانت تلزم المسلمين بحمايتهم لم تكن الجزية المسيحية تلزم الكنيسة بحمايتهم، أما حرية العبادة فكانت ممنوعة، وكان اليهود يغيرون أسماءهم العبرية بأسماء نصرانية لكي يسلموا من الاضطهاد، وهذا لم يفعلوه في المجتمعات الإسلامية، وكان المسيحيون يفرضون عليهم العيش في أماكن خاصة تسمى الغيتوهات، مثل البهائم، وهذا لم يكن في المجتمعات الإسلامية، وكانوا يلزمونهم بحمل علامات صفراء لتمييزهم عن النصارى إلخ إلخ إلخ.

فالذين يظعنون في نظام الذمية على أساس أنه نظام تمييزي ينبغي أن يعلموا بأن جميع الشعوب ميزت اليهود عن غيرهم ووضعت قواعد خاصة بهم، لأنهم عرق لا يمكن أن يكون كباقي البشر وعرق عدواني بالتجربة لدى الأوروبيين أنفسهم قبل غيرهم، ولدى النصارى قبل مجيئ الإسلام، ولدى الوثنيين قبل مجيئ النصرانية والإسلام، ولكن بخلاف جميع هذه القواعد التي كانت منتشرة في العام كله كانت قواعد الإسلامي هي الأكثر كرامة.

وما يجب أن يعلمه الناس أن النظام الذمي ما يزال موجودا بين اليهود وغيرهم إلى اليوم، وأنه إنما انقلب فقط، فهم اليوم الذين يتعاملون مع باقي الشعوب باعتبارها ذمية، فهم يأخذون منها الجزية تحت عنوان دعم إسرائيل، أو التكفير عن الذنوب كما يحصل مع ألمانيا، أو لأنهم يحرصون الأرض المقدسة تمهيدا لعودة المسيح كما يفعلون مع البروتستانت حيث يبتزونهم بهذا الشعار. وهم يفرضون على جميع الشعوب قوانين باسم معاداة اللاسامية لكي لا يتعرض لهم أحد بالنقد، لأن هذه القوانين تعني لا يسأل اليهود عن شيء والآخرون يُسألون، وهم اليوم يتجولون في الدنيا تحت حراسة الدول والخكومات، ويعاد ترميم مقابرهم ودور عبادتهم تقربا إليهم، وتُطلب مساعدتهم في القضايا السياسية الكبرى، وتُرجى وساطتهم، ويخشاهم الحكام، ولهم من الحقوق في بلاد المسلمين ما ليس للمسلمين، فهم اليوم من يفرض نظام الذمية على المسلمين الذين أصبحوا أهل ذمة في ديارهم ولم يبق إلا السلام عليكم.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
18°
24°
السبت
24°
أحد
24°
الإثنين
25°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة