المحميـون الجـدد

هوية بريس – د.يوسف فاوزي
غداة استعمار فرنسا للمغرب ظهرت طبقة اجتماعية جديدة في المجتمع المغربي؛ كان لها مكانة سياسية واقتصادية استثنائية؛ لا تسري عليها أحكام القانون المعمول به من لدن السلطات الاستعمارية؛ وسميت هذه الطبقة بالمحميين؛ وشملت يهودا ومسلمين مغاربة؛ استفادوا من هذه الحماية ليكونوا أداة ناعمة للمستعمر الفرنسي لإضعاف النسيج الاجتماعي المغربي؛ والتحكم فيه سياسيا.
ولم تقتصر الحماية الفرنسية لهؤلاء في الشق السياسي فحسب؛ بل شملت أيضا ما هو اقتصادي؛ من قبيل الحصول على حق استيراد وتسويق السلع؛ والهيمنة على السوق الداخلية؛ فضلا عن الإعفاء من الرسوم والضرائب؛ وهو الامتياز الذي شكل ضربة قاضية للخزينة المغربية؛ فما كان لها إلا السقوط في هاوية الإفلاس؛ وتفاقم عجز الدولة المغربية على تدبير احتياجاتها؛ مما كرس الهيمنة الاستعمارية على كل المجالات الحيوية بالمغرب.
وبعد الاستقلال سنة 1956 انصهرت هذه الطبقة داخل المجتمع في صور شتى؛ غير أن الذي يهمنا هنا هو الحماية الفكرية للشواذ عن الهوية المغربية الأصيلة؛ وهم أناس يتحدثون بأفكار دخيلة على الثوابت الدينية والقيم الفطرية للمغاربة؛ كدعوتهم لعلمنة المغرب وفرض قناعاتهم بالقوة على المجتمع المغربي؛ مثل تقنين الزنا؛ وشرعنة الردة عن الإسلام؛ واتهام الوحي بالتزوير؛ والتهجم على مقام النبوة؛ والتشكيك في صلاحية الشريعة الإسلامية لهذا الزمان؛ حتى وصلت بجرأة أحدهم إلى الطعن في إمام المذهب وهو الإمام مالك رحمه الله؛ مما يدل على أن هؤلاء يتمتعون بحماية فكرية؛ تخول لهم التمرد على اليقينيات؛ وإثارة الفتنة باسم التنوير وحرية الرأي.
على أن القانون الجنائي المغربي ينص على معاقبة كل من ارتكب ما من شأنه أن يزعزع عقيدة المسلمين في دينهم؛ ومع ذلك لا نسمع أية متابعة قضائية لهؤلاء؛ بل العكس تماما نجد المزيد من التمكين لهم عبر المنابر الإعلامية؛ والمحافل الأكاديمية للدعوة إلى أفكارهم المنحرفة؛ ولم تعد هناك أية حدود حمراء أمامهم؛ حتى شهر رمضان جعلوا منه موسما لترويج أفكارهم عبر قنوات الإعلام العمومي؛ بدل فسح المجال للعلماء لتقديم مادة إعلامية هادفة تتناسب مع مناسبة الشهر الكريم.
إن هذه الحماية التي تجعل صاحبها خارج المحاسبة القانونية هي نفسها الحماية التي نهجها المستعمر في بداية القرن التاسع عشر لفرض احتلاله على المغرب؛ مما يجعلنا نتساءل:
من يقف وراء هؤلاء؟
ومن يوفر لهم هذه الحماية الخاصة؟
ولماذا لا يفعّل القانون الجنائي المغربي لردعهم؟؟
هذه الأسئلة وغيرها تطرح نفسها بقوة؛ أمام تفشي هذه الظاهرة؛ وهي ظاهرة تسيء لسمعة المغرب والمغاربة؛ البلد الذي يعرف دائما ولله الحمد بعلمائه وقرائه؛ وليس بالدعوة إلى تحليل الحرام من شريعة الإسلام!!
إن ظاهرة المحميين الجدد تستلزم من الأفراد والمؤسسات العامة والخاصة التصدي لها؛ والدفاع عن وحدة هذه البلاد بهويته الإسلامية؛ واستنهاض همم العلماء والدعاة وطلبة العلم للدفاع عن ثغر الإسلام في زمن غربته وضعفه؛ وحسبنا الله ونعم الوكيل..