المقاومة الفلسطينية لا تقاتل من أجل فلسطين وحدها بل من أجل جميع الشعوب العربية

هوية بريس – إدريس الكنبوري
المقاومة الفلسطينية في حقيقة الأمر لا تقاتل من أجل فلسطين وحدها، بل من أجل جميع الشعوب العربية، وهي في مشروعها النهائي تسعى إلى إزالة الاحتلال من كامل أرض فلسطين لتعود إلى أبنائها، وإذا تحررت فلسطين فسيكون ذلك هو الاستقلال الثاني للدول العربية.
لقد أصبجت إسرائيل اليوم تختل الدول العربية من المحيط إلى الخليج، فهي موجودة في كل مكان، وكما مكن الاستعمار البريطاني لفلسطين للاحتلال الإسرائيلي، مكن الاستعمار الأوروبي للدول العربية للاحتلال الإسرائيلي كذلك. وعلى سبيل المثال فإن التطبيع ليس مشروع إسرائيل وحدها، بل هو مشروع تعمل من أجله أوروبا وأمريكا، والولايات المتحدة اليوم هي التي تتحرك من أجل إنجاحه، تؤيدها أوروبا من الخلف، وليس الإسرائيليون وحدهم هم من يرسم خريطة التطبيع، بل يضعون فقط الأسس التي ينفذها الغرب، لذلك فإن ما قامت به بريطانيا لصالح اليهود في فلسطين هو ما تقوم به أمريكا اليوم لصالح اليهود في العالم العربي، أي التمكين، فمن دون بريطانيا ما كان الياهود سيحتلون فلسطين، ومن دون أمريكا وأوروبا ما كانوا سيحتلون الدول العربية.
فالمقاوومة إذن هي مشروع تحرري لجميع الدول العربية من الاحتلال الإصرائيلي، والذين يحاربونها اليوم هم نموذج جديد للخونة الذين كانوا يعملون لفائدة الاستعمار في البلدان العربية. وككل احتلال في العالم لا بد أن يجد الاحتلال الإصرائيلي زبناء يتعاونون معه ضد الوطنيين.
من يقول إن القضية الفلسطينية لا تهم الدول العربية عليه أن ينظر إلى أين وصل النفوذ الإسرائيلي في العالم العربي. لو كانت القضية الفلسطينية قضية الفلسطينيين فحسب لكان الوجود الصهيوني بقي داخل فلسطين ولم يتمدد في العالم العربي، أما وقد تمدد عبر التطبيع والإبراهيمية في كل مكان فإن القضية الفلسطينية في كل مكان، وما تقوم به المقاومة هو فقط استهداف القلب وليس الأطراف، فإذا سكت القلب أصيبت الأطراف بالشلل.
نحن نأخذ بالتفسير الديني للصراع مع إسرائيل، وهو تفسير لا يبتعد كثيرا عن التفسير الآخر الذي كان موجودا ولا يزال بعض الفضلاء يؤمنون به، وهو أن الصراع مع إسرائيل هو صراع مع الإمبريالية. ومعروف أن الإمبريالية مشروع عالمي، وإذا كان الصراع مع إسرائيل صراعا مع الإمبريالية فهو صراع عالمي، وهنا نلتقي مع أصحاب هذا التفسير وإن كانت المنطلقات مختلفة، لكن النتائج واحدة.