النداء الأخير.. غزةُ هاشمٍ تحتضر..

03 أغسطس 2025 15:50
غزة

هوية بريس – أبو الفضل الزموري

يُروى أن هاشمَ بن عبد مناف جدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، دفين غزة، كان يهشم الخبز ويتّخذ منه الثريد الذي كان يقدّمه لأهل مكة وللحجيج بعد أن يصبّ عليه المرق واللحم في عامٍ أصابهم القحطُ فيه،

فأصبح القرشيون ذوِي شهرة ومكانة بفضله، لأنه مهّد لهم الطريق لرحلتَي الشتاء والصيف؛ واحدة إلى بلاد اليمن، والأخرى إلى بلاد الشام.

ثم خلف من بعدهم خلف بعد قرون، فجحدوا فضل الله عليهم ونَسُوا ما ذكروا به، بعد أن مَنّ الله عليهم بأشرف الرسل وأسمى الكتب وأطهر البقاع وأوفر الآلاء والنعم.

واليوم، وفي الوقت الذي تئن فيه بيت المقدس وما حولها تَحْتَ رِجْزِ أخس الأمم وأذلها،

انبرى بعض من وُلُّوا أمْرَ الأمة وأعوانُهم من المخذلين،

– فَوَادُّوا أعداء الأمة من الصهاينة والصليبيين

وخضعوا لتعليماتهم وأغدقوا عليهم من أموال المسلمين،

يبتغون بذلك عندهم العزة، فسجنوا وآذوا العلماء العاملين ليستفردوا بالرأي السفيه دون حسيب رقيب ولا ناصح أمين، فقربوا وقدموا السفهاء والتافهين من الراقصات والمغنين، وجاهروا بالفسوق والعصيان، واغتروا بإمهال رب العالمين.

هذا، وإن كان حال الأمة الإسلامية في زماننا على طول الأرض وعرضها لا يُرضي ربا ولا يسعد مؤمنا،
وقد نجح أعداء الإسلام من الصهاينة والصليبيين في رسم وتنفيذ خططهم وأجنداتهم، الممتدة عبر الزمن، بإسناد ومعونة من المتغربين المنبهرين من أبناء جلدتنا، فاستأثروا بخيرات الأمة ومقدراتها وأسرفوا في الفساد حتى أوهنوا عضد الأمة وجرؤوا عليها أراذل الخلق.

ثم ابتليت الأمة بامتحان غزة… غزة، ذلك الجرح الغائر النازف في جسد الأمة. فانفضح به أمر الأكابر والأصاغر، وانكشفت السرائر وتمايزت الصفوف، فضحت غزة علماءَ الكراسي والألقاب وفضحت أصحاب الفخامة والنياشين…فضحت أنصاف المثقفين وتوافه المؤثرين،

كما كشفت أمر المخذلة، القائلين بقول مردة المنافقين قديما: {لو أطاعونا ما قتلوا}…

فيا أهل الإسلام اسمعوا وَعُوا، لقد ضيعنا الأمانة بصمتنا وخذلاننا لإخواننا المستضعفين بغزة، وبِعْنا أُخْرانا بدنيا غيرنا، وركنّا إلى هوان المخذلين، فلا دين نصرنا ولا دنيا أقمنا،

ولن ينجينا عند ربنا إلا الصدع بالحق ما فضَل من أعمارنا، والذود عن حياض الإسلام والمسلمين ونصرة المستضعفين،
وإلا فلنُعِدَّ الجواب ليوم يسأل الله الصادقين عن صدقهم، يوم لا تنفع العروش والقصور، والمناصب والمواقع.

ويا علماء المسلمين، أين عقيدة الولاء والبراء، أين أخوة الإيمان، أين محبة الخير لأهل الملة، أين واجب نصرة أمة الجسد الواحد؟

ألا ترون أن بني إسرائيل قد تداعوا من أمم الكفر والعدوان إلى قلب بلاد الإسلام تحت كل لواء لينكلوا بالحرائر والصبيان، ماذا تنتظرون بعد، ألا تستحيون من ربكم وقد أخذ عليكم الميثاق، أتستعجلون غضبه، هل تنظرون إلا حجارة ترميكم من السماء حتى ترعووا…

يا حكام بلدان الطوق، جِوار بيت المقدس، يا هاشمي الأردن ويا سيسي مصر، أنتم شركاء الصهاينة في جرمهم شئتم أم أبيتم،

فلا تعبدوا إلهين اثنين: الله وأمريكا، وربِّ الكعبة إن الدور يكاد أن يأتي عليكم، وإنكم لن تسلموا ولن تفلحوا ما وضعتم أيديكم في أيدي المغضوب عليهم قتلة الأنبياء. كيف لا وقد سخرتم جيوشكم الجرارة لتجثم على صدر الأمة وتقف متفرجة على جرائم الصهاينة في حق إخوانكم دون أن يرف لكم جفن أو يخشع لكم جنان.

ما عذركم عند ريكم، أَبَلَغَ بكم الهوان أن تكتفوا بالفرجة، و تتركوا أطفال ونساء المسلمين في غزة ينهش الجوع والمرض أجسامهم، والقتل والتنكيل أشلاءهم على مرآى ومسمع من أمم الإجرام والاستكبار، التي تدعي زورا السهر على قيم العدالة وحقوق الإنسان؟

فإن عجزتم فافسحوا الطريق أمام المسلمين لإغاثة إخوانهم فذلك أهون الشر وأضعف الإيمان.

وإذا كان المستضعفون من المسلمين يرجى أن تبرأ ذمتهم بالدعاء لإخوانهم المقهورين بغزة،

فإن ذمم أهل العلم ومن ولوا أمر المسلمين لن تبرأ حتى يجهروا بالحق ويأخذوا بأسباب الإغاثة والنصرة،

ويُجمِعوا أمرهم على صد عدوان الكيان الصهيوني اللقيط ويقاطعوه. ويجهروا بعداوته،

وإلا فاعلموا أنكم تستعجلون غضب ربكم، فإنما هي أيام، حتى يحين دوركم، وقد بدت البغضاء من أفواه القوم وما تخفي صدورهم أعظم، قد بين لكم ربكم الآيات إن كنتم تعقلون.

واعلموا أن الانتصار للمظلومين بغزة وإغاثتهم يبدأ بردم الهوة وتجديد عهد الله بين العلماء والحكام وعموم الرعية، ولجم الخونة والمخذلة، والسعي لاسترداد مجد الأمة، بالانعتاق أولا من نظام عالمي جائر قد بدا عوره وسوء منقلبه،

وتربية الجيل القادم على معاني التوحيد والعزة، مع استمداد مادة التوفيق من موارد وخيرات الأمة وسعي وكفاح أبنائها على أسس الإيمان والعدل والرحمة.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
13°
16°
أحد
16°
الإثنين
17°
الثلاثاء
15°
الأربعاء

كاريكاتير

حديث الصورة