بعد أحداث الإجرام.. إلى أين الوجهة؟

11 مايو 2025 12:53
فيديو.. العنف ضد المرأة.. رؤية شرعية ومقاربة اجتماعية - د. أحمد اللويزة

هوية بريس – د.أحمد اللويزة

مرَّ شهر رمضان شهر الخيرات والبركات، والذي عشنا فيه لحظات جميلة تثلج الصدر وتطرب القلب، وتبعث في النفس الأمل لغد مشرق في هذا البلد وفي بلاد المسلمين عموما، ولكن ما أن خرجنا من هذا الشهر حتى فاجأتنا الأحداث المؤلمة التي صدمت المجتمع في وقتها وحجمها وتنوعها، وطرحت أسئلة كثيرة حول منشئها ودوافعها وحقيقتها، وهل هناك جهات ما خلف بث مظاهر الفزع والرعب في مجتمع لا زال يتغنى بالأمن وينتشي بالأمان.

هذه الأحداث ليست غريبة ولا من قبيل ما لا يمكن وقوعه، ولكن تواليها بشكل مقلق ساهم في ذيوع أخبارها إعلام يخلط بين القديم والجديد من الأحداث المروعة حين النشر والتوزيع دون مبالاة ولا مراعاة لمشاعر الناس، ومهما يكن فإن العقل الجمعي الوطني تأثر بهذا الواقع الإجرامي الذي لم يعد يراعي حرمة في هذا الوطن، فقد تربع الإجرام على كل المجالات؛ من المدرسة ورجال التعليم إلى رجال الأمن والمرافق الرياضية ووسائل النقل… ناهيكم عن معاناة عموم المواطنين مع المجرمين الذي أصبحوا وكأنهم قوة في البلد تتحدى كل شيء.

لابد هنا من صرخة بعد أن نفذت نواقيس الخطر التي دقت من زمان، وأن يتحرك من له غيرة على هذا الوطن ليتوقف هذا السيل الهادر للإجرام، وأن ننظر في النتائج ثم نبحث في الأسباب ثم نضع خطة للعلاج، وهذا ما أحاول أن أسهم فيه بشيء من الاقتراح مساهمة في الحفاظ على أمن الوطن، إذ بدون الأمن لا معنى للحياة ولا سبيل إلى تنمية ولا إصلاح.

كيف لا يقف من يحمل هما لهذا الوطن وقفة صادقة، وقفة رجال لنضع حدا لهذا التيه الذي نخشى أن ندخله فلا نستطيع أن نخرج منه ونحن نرى إرهاصاته من خلال نوع الاعتداءات وتنوع مجالاتها، وذلك أن الاعتداء على المدرسة ورجال التعليم ثم على رجال الأمن دون اعتبار لمكانة القطاعين ودور الأول في زرع التربية في القلوب وغرس المعرفة في العقول، ودور الثاني في استتباب الأمن والأخذ على أيدي المنحرفين، فماذا بقي إذن بعد هذا إلا أن يفتح باب الإجرام على مصراعيه، وأن نعيش الرعب حتى ونحن داخل بيوتنا وبين جدرانها الأربع.

لقد لاحظ المتتبعون أنه مباشرة بعد رمضان انتشرت المخدرات بين الشباب بشكل مريع ومريب، وهذا أس المشاكل التي ينبغي إغلاق صنابيرها، والأخذ على أيدي من يعبثون بالوطن وبمستقبل الوطن من خلال العبث بشبابها وشاباتها، فالسكوت على هذا هو لعب مقصود أو غير مقصود باستقرار الوطن ولا ينبغي السكوت عليه، وأن نجلس متفرجين على ضياع الأجيال.

ثم لا بد من رد الاعتبار للمدرسة وهيبتها وهيبة رجالها، فإذا خربت المدرسة خرب كل شيء، فإن ضرب العلم أهون من ضريبة الجهل كما يقولون، وها نحن نرى جموع الشباب الجانح الذي فشل في الدراسة أو فشلت المدرسة في تعليمه لظروف مترابطة متراكمة كيف تفعل بإنجازات الدولة وبعض مشاريعها التي تنفق عليها من أموال الشعب، كيف يفعل ذلك أبناء الشعب الذين صاروا أعداء للشعب وأعداء لوطنهم ولحاضره ومستقبله.

هذا يؤدي بنا إلى الحديث عن هوية هؤلاء الشباب وعقيدتهم التي يحيون بها وعلى أساسها يتصرفون، لأن الإنسان بدون هوية وبدون عقيدة ثور هائج لا يبالي، وهذا حال كثير من أبناء الوطن اليوم وناشئته، لم تغرس في قلوبهم عقيدة إيمانية راسخة المعالم، واضحة الأهداف صافية المنبع، جيل تصنعه الآلة الإعلامية تبث فيه قيمها المنحرفة ومبادئها الأنانية، وتربّه على الجنوح والإجرام، والعجرفة والجرأة وأخلاق الشارع.

ولعل ما بثته وسائل الاعلام المغربية من مواد إعلامية استنكرها كثير من العقلاء وفي رمضان -يا حسرةـ قد أعطت أكلها مباشرة بعد رمضان كما علق كثير من المتابعين، وهذا نذير شر إان تركنا أبنائها لهذا الإعلام الذي يفسد أخلاق الأمة المغربية عموما والشباب خصوصا، والغرابة أن يحصل هذا بأموال الشعب نفسه، نخرب الوطن بأموال الوطن ونفسد الشعب بأموال الشعب، وهذا يقودنا إلى الحديث عن دور الدين بعقيدته وقيمه وتوجيهاته التي تسعى في أعلى صور مقاصده المتمثلة في تحقيق الأمن والاستقرار في البشرية كلها بله الشعوب المتمسكة به، والعاملة بشرائعه.

أين الدين من واقع الحياة؟ أين الجهود الحقيقة والصادقة التي تقوم على أكتاف الصادقين؟ فرغم أن المدرسة المغربية توجد بها مادة التربية الإسلامية، وأن المغرب به الآلاف من المساجد إضافة إلى المئات من المؤسسات الدينية، إلا أن النتائج لا تسر والواقع يؤكد ذلك، فما العمل؟

أليس من الواجب الآن وضروريا أن تعمل الجمعيات الدعوية لتؤدي دورها في التأطير عن قرب بين أفراد المجتمع، وأن تكون لها بصمة في التربية على قيم الإسلام التي تعد ذرعا واقيا من انتشار الإجرام وتزايد أعداد المجرمين، فالشباب اليوم يجدون الفرصة سانحة إلى قطعة حشيش بين الأزقة والدروب، ولا يجدون جمعية ترعاهم وتتولى زرع بذور الأخلاق فيهم، والتي تنمو وتترعرع بين جدران الأقسام وبين يدي خطباء المساجد ووعاظها، وملصقات الشارع وجهود المؤسسات المتنوعة، وبرامج الإعلام الهادفة، حتى ينخرط المجتمع بكل مصالحه وإدارته ووزاراته في هذا المشروع بعيدا عن المزايدات والحسابات الضيقة والشخصية،  دون الخضوع لإملاءات الخارج التي أثبت أنها مجرد محرضة على التسيب من خلال المبالغة في الحديث عن الحقوق الفردية والحريات الشخصية، التي تحولت إلى فوضى نجني كوارثها والقادم يعلمه الله، وأن يتم التعامل مع الواقع بجد ممن بيده الحل والعقد، وإلا فبعد مدة نعيد الكرة كما أعيدها الآن للكتابة في نفس الموضوع، لكنه بجرعة زائدة وإجرام عنيف.

رجاء فالأمر لا يتحمل تراخيا ولا تجاهلا، فأصل السيل نطفة، وأن النار من مستصغر الشرر.

 

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
19°
24°
أحد
25°
الإثنين
22°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M