بعد “العيطة” و”العصير فكاس كبير”.. الجامعة المغربية إلى أين؟
هوية بريس – د.محمد عوام
منذ زمن غير يسير، على الأقل ما يقارب العشرين سنة المنصرمة، ونحن نرصد ظواهر غريبة جدا بحرم الجامعة المغربية، لا سيما عندما غادرها كبار الأساتذة، المشهود لهم بالعلم والكفاءة والنزاهة، من كل المشارب والمذاهب، مما يدل على أن الجامعة المغربية تحتضر، وتشرف على الموت والهلاك، إن لم يكن قد وقع بالفعل.
لأجل ذلك قلنا تعليقا على محاضرة وزير الأوقاف أحمد توفيق التي اختار لها عنوان (الدراسات الإسلامية إلى أين؟)، ليست الدرسات الإسلامية وحدها، وإنما هي قضية الجامعة المغربية إلى أين تسير؟ وما مستقبلها؟ وما أثر ذلك على الدولة المغربية؟ وغيرها من الأسئلة التي يمكن للخبراء والمختصين أن يشبعوها بحثا وتحليلا؟
وها هي الجامعة المغربية اليوم وصلت إلى الانحطاط الأخلاقي، والبؤس الثقافي، والانهيار العلمي، والتدني حتى في الذوق الفني والأدبي، حيث اطلع الرأي العام على فيديو من قلب الكلية المتعددة الاختصاصات بالقصر الكبير، الذي يبرهن بالملموس والمكشوف انحطاط الجامعة المغربية، في اليوم العالمي للشعر، الذي كان من المتوقع والمنتظر أن يتبارى الطلبة الشباب والأساتذة بقصائد شعرية رائعة، معبرين فيها عن إبداعاتهم الأدبية والفنية والجمالية والذوقية، ولكنهم اختاروا أو اختير لهم أن ينزلوا إلى القاع، وأن يهووا إلى الأسفل، بالكلام الساقط، والرقص الفاحش، ويتحول المدرج إلى كازينو، ليطرد العلم من هناك، ويحل الجهل والتسفل بشكل مخز جدا. مما أساء إلى سمعة بلد بأكمله، عريق في الأصالة العلمية، والإبداع الأدبي، والنبوغ الفني والشعري، وليس فقط إلى كلية الآداب حيث حط الجهل بكلكله.
لقد ضربت مصداقية الجامعة المغربية، وهل يظن أحد أنه باستطاعته أن يقنع جامعات الدنيا بمصداقيتنا، حين انبجست قضية النقط مقابل الجنس، فخرجت من حيز الكتمان والخفاء إلى حيز الظهور والجلاء، ثم حين ظهرت راقصة بإيحاءات جنسية خبيثة، وموسيقى شعبية صاخبة بكلية الحقوق بالمحمدية، أما العلاقات الجنسية في داخل بعض القاعات كم من مرات اكتشفت حسب ما يحدث به حراس الكليات.
وإذا أضفنا إلى ذلك غزو العامية للكلية، حيث أصبحنا نسمع عن أساتذة يدرسون بالعامية، ويحاضرون بالعامية، ويناقشون بالعامية، فمعنى هذا أننا في تدهور وانحطاط، وانسلاخ من كل المقومات الوجودية، وعلى رأسها وأسها الهوية اللغوية البانية للجود الحضاري، والاستشراف المستقبلي.
ثم أتى الفجور الأكبر، والذنب الأعظم، والداهية الدهماء التي لا تبقي ولا تذر، إنه التطبيع اليهودي الصهيوني مع الجامعات المغربية، وتلك مصيبة عظمى، فعن أي مستقبل نتحدث للجامعة المغربية أمام هذه المصائب التي حلت، والكوارث التي ذاعت وانتشرت، في غياب روح المسؤولية؟
إننا اليوم في مفترق طريق خطير جدا إما أن تقوم الدولة بجدية ومسؤولية تاريخية بإصلاح الجامعة المغربية، وإصلاح المنظومة التعليمية والتربوية، بما يحقق المصلحة الوطنية، وبما ينسجم مع مقومات الوجود الحضاري للدولة المغربية، دينا وتراثا، ووطنية صادقة مخلصة، وإما لا قدر الله ستكون انتكاسة عظمى، وانهيار شامل لكل المؤسسات.
لماذا؟ لأن إصلاح التعليم، وتجويده وتحسينه، هو الكفيل والوحيد للنهوض الحضاري، والرقي المدني، والبناء المستقبلي. فالأمم تبنى بالتعليم والأخلاق، لا بالرقص والفجور والخلاعة والميوعة، والعامية والجنس. ونحن ندق جرس الخطر في أذن المسؤولين ليقوموا قومة رجل واحد لإنقاذ التعليم، والضرب بشدة على مفسديه، وطرد كل ناعق وفاسق من الجامعات المغربية، فالعلم لا يجتمع مع الجهل، فهما ضدان لا يلتقيان.