بين المأساة والتهكم: مواجهة الحقيقة وعزاء غير متوقع

هوية بريس – الخامس غفير
اتصل بي صديق لي هذا الصباح، وكان صوته في حالة غير طبيعية.
– فقلت له : “ما الأمر؟ هون عليك يا أخي.”
بالكاد تحدث وفهمت قصده بعدما بذلت جهدًا في تفكيك منطوقه.
* فإذا به يطلب مني الحضور إليه فورًا.
– فقلت : “حسنًا.”
ولما ذهبت إليه، أخذني إلى أقرب دكان، وطلب علبة كبيرة من السكر، على الطريقة المغربية.
ولما استفسرته في الموضوع، قال لي: “سنذهب إلى مجموعة من معارفي، منهم من يقطن بجانبنا، ومنهم من تعرفت إليهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومنهم من أعرفهم افتراضيًا وليس واقعيًا.”
ضحكت في وجهه، وقلت: “ما المناسبة يا أخي؟ وأنت الذي أفسدت علي النوم في هذا الصباح الباكر.”
– قال لي: “سنتوجه إليهم الآن من أجل أداء واجب العزاء.”
تفاجأت من موقفه ومن فعله. كيف لرجل لا يعرف أناسا أن يذهب إليهم بغية تقديم واجب العزاء، وهو يعرفهم افتراضيًا؟ واقعيا مقبولة طبعًا! أما افتراضيا فالأمر يبعث على الدهشة والاستغراب…!!!
– قلت له : “إذن، نحن أمام عائلة كبيرة أصيبت بمصاب جلل، وما القرابة بينهم وبين عائلة الميت؟”
* فأجاب الصديق الداهية : “لا، لا، لا أبدًا… هم نقطة في بحر.”
ازدادت شكوكي، واحترت بشكل رهيب في نوايا الرجل.
– قلت : “طيب، من مات لهؤلاء المعارف الذين لا يشكلون سوى نقطة في بحر من المجتمع المغربي؟”
* قال لي صديقي الدّاهية العجيب والغريب في خرجاته: “نعم، سنذهب إليهم لتقديم واجب العزاء في وفاة أبناء عمومتهم في تل أبيب، وذلك على إثر الرّد الإيراني على العدوان الصهيوني على أراضيها ومؤسساتها العسكرية وعلمائها، وهي مناسبة لكي ندعو على أمواتهم وجرحاهم بالجحيم، ولأهل ميّتهم ودولتهم اللقيطة-وهي في الأصل محتلة- بالمزيد من الفواجع والدمار والألم.”
صراحة، أقنعني الدّاهية، وقلت: “سنردد عليهم ما كان يردده عميلهم وكبيرهم الدّجال: اجمعوا شملكم واكتبوا وصيتكم، ومن اشتراكم بالأمس قد باعكم اليوم.”
– ثم ختمت القول: ” يا أصحاب شعار كلنا إسرائيليون؛ انتهت صلاحياتكم واحترقت أوراقكم، وإلى مزبلة التاريخ مصيركم.”