ثقافة الواجهة من الفرد إلى الدولة

04 أكتوبر 2025 20:20

ثقافة الواجهة من الفرد إلى الدولة

هوية بريس – عبد الواحد رزاقي

حينما نتحدث عن الثقافة يتبادر إلى الذهن سيادة نوع من التفكير لدى العامة والخاصة يشكل طبيعة غالبة تكاد تكون نمطية يتقاطع فيها الأمي والمتعلم والعالم والجاهل وصاحب الشهادة والذي لا يملك شهادة.

ورد في قاموس الكل ما يلي: مجموعة من القيم المشتركة بين مجموعة من الناس، بما في ذلك السلوك المتوقع و المقبول من الناس، و الأفكار، و المعتقدات، و الممارسات. والواجهة من الوجه المكان البارز والمميز للشخص به يعرف وعبره يخاطب. يقابله القفا ولذلك تخاطب من لا يستحيي أو يقول كلاما متناقضا : هل هذا وجهك أم قفاك؟

ثقافة الواجهة لدى الفرد:

أكبر تجل لهذه الثقافة أيام المناسبات وخاصة السارة منها حينما يعمد الفرد رجلا كان أو امرأة – وإن كانت الظاهرة سائدة بشكل كبير لدى النساء- إلى كراء ملابس فاخرة للظهور بها في المناسبة حتى يبدو من علية القوم. وقد تجده اقترض ثمن كراء ذلك اللباس لآن الضغط الاجتماعي له مفعول خاص تهون دونه كل الصعاب. وبات المرء يسير وفق أذواق الآخرين وليس وفق ذوقه هو يسير كالآلة عن طريق آلة التحكم عن بعد  télécommande.

والأدهى والأمر أن مكتري اللباس يحرص على تنويعه واستبداله. وإذا أشرت عليه بلباس سابق يذكرك أنه حضر في المناسبة السابقة بتلك البذلة أو ذلك الفستان، فلا يمكن بحال من الأحوال أن يحضر به في مناسبة أخرى، والحضور في الغالب هو نفسه الذي حضر سابقا. وبذلك أدخل الفرد نفسه في شبكة من الحتميات والتعقيدات والقيود وقد خلقه الله حرا طليقا،  فصير نفسه ذبابا في عش العنكبوت.

عندما يقوم البائع بوضع السلعة الجيدة فوق السلعة الرديئة لكسب الزبناء ولو بالتضحية بقيمة الصدق والوضوح، ما يسمى لدى العامة :” التوجيهة”.

ثقافة الواجهة لدى الأسرة:

كثير من الأسر تعمد إلى تزيين الصالون بأبهى الفراش من زرابي ونمارق وموائد وكنبات وديكور… لأنه واجهة البيت يستقبل فيه الضيوف ويؤشر في معنى من المعاني إلى المستوى الاجتماعي لأصحابه، وقد تكون باقي مرافق البيت غير مجهزة أو في وضعية غير مناسبة. لكن الأساس أن يكون الصالون في أبهى حلله وغالب الأحيان يكون غير متاح لأحد حتى لأفراد الأسرة نفسها، لا تستفيد من جماله وتألقه على أساس أنه معد لفئة أخرى خارج البيت وقد يستعمل مرة واحدة في السنة بحسب حركية الضيوف التي تعرف ضعفا كبيرا في عصرنا الراهن.

ثقافة الواجهة لدى الجماعة(المجتمع):

حينما تحل بمدينة من المدن أول ما يثير انتباهك عند مدخلها هو جمال شوارعها وخضرة مساحاتها وتناسق عمرانها. لكن حينما تعرج ذات اليمين أو ذات الشمال تصاب بالصدمة من هشاشة أحيائها وحفر أزقتها وغبار أتربتها. لكن الطامة الكبرى تحل حينما تدخل إلى مؤسساتها الصحية من غياب للتجهيزات وندرة الموارد البشرية وعدم التزام عدد منها. وقس على ذلك.

حينما ترصد ميزانيات ضخمة للمهرجانات الموسمية وآلاف الشباب يعانون من البطالة ولا يفكر المسؤول في إحداث مشاريع مدرة للدخل تمتص الغضب الاجتماعي.

حينما تلجأ الأسر للاقتراض من البنوك الربوية لإحياء شعيرة عيد الأضحى مع العلم أن هذه الشعيرة مرتبطة الوجوب بالاستطاعة، وأنه لا يمكن التقرب إلى الله تعالى بارتكاب المحظور.

ثقافة الواجهة لدى الدولة:

عندما تتضافر جهود الدولة لتنظيم كأس إفريقيا للأمم أو كأس العالم ويتم بناء ملاعب كبيرة ومراكز استقبال فخمة تمول بميزانيات ضخمة والبلد يحتل المرتبة 110 في مستوى التعليم، والمرتبة 120 من أصل 193 دولة في التنمية البشرية والمرتبة 94 من أصل 99 دولة من حيث الرعاية الصحية وفق موقع NUMBEO.

عندما تنظم مهرجانات دولية مثل مهرجان موازين الذي بات من مقومات الدولة لا يمكن الاستغناء عنه بحال من الأحوال رغم الوضع الاقتصادي المزري وغلاء الأسعار وتضارب المصالح لدى المسؤولين، وتخصص له ميزانيات بالملايير ويستقدم إليه شذاذ المطربين من الخارج ويتم تهميش الفنان المحلي الذي يعانق هموم شعبه وأمته ويعيش في وطنه في السراء والضراء.

حينما تعطى الأهمية القصوى للترفيه والرياضة وتهمش التنمية الاقتصادية وخلق فرص للشغل ونهج سياسة إغناء الغني وتفقير الفقير.

حينما يتم تشجيع التفاهة (للا العروسة ، ستانداب …) بتخصيص الفائزين فيها بجوائز خيالية  ويتم تهميش المسابقات الثقافية والعلمية وتخصيصها بجوائز هزيلة توجه رسائل سلبية للناشئة، وتقتل فيهم روح الإبداع والمبادرة.

هذه نماذج فقط من مظاهر ثقافة الواجهة لم ينج منها أحد العام والخاص الخفير والغفير، لكن انتهاجها بصفتها سياسات عمومية له وطأة كبيرة على عموم الأمة. ولذلك يجب على ولي الأمر الانتباه إلى العناية بعموم الشعب بالاستفادة من ثروات الوطن وخيراته التي لا تعد ولا تحصى وألا يكون المال دولة بين الأغنياء القلة وتجنب تضارب المصالح والعمل على تحقيق نوع من التوازن الاجتماعي ضمانا للاستقرار.

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
8°
20°
الثلاثاء
17°
الأربعاء
17°
الخميس
15°
الجمعة

كاريكاتير

حديث الصورة