جديد عمليات غزو المغرب الغربي (1915م) (الجزء الثالث)

21 أبريل 2021 23:46
جديد عمليات غزو المغرب الغربي 1915م

هوية بريس – ذ.إدريس كرم

عملية في البرانس:

بعد العملية الشدية الحازمة ليوم 24 من قبل ليوطنا كولونيل دريجيون، استأنف البرانس مفاوضات الاستسلام، بعدما أدهشتهم الخسائر التي خلفتها مدفعيتنا فيهم، كان الهدف المباشر والعاجل لمجموعة تازا، هو ضمان الحماية الكاملة للجناح الشمالي لطريق تازا-فاس، من خلال إقامة مركز جديد في بلاد البرانس.

بعدما أثبتت العمليات العسكرية المنجزة في مايو، أنه من الممكن أن يكون عملها مُشِعّاَ على النواحي العاصية، ويأتي بنتائج هامة كتلك التي برهن عليها الشنكيطي بتراجعه لكْزَنّايَا، مع بعض مناصريه على حدود المنطقة الإسبانية، وخط المرحلة المُمَشَّطة من قبلنا سابقا.

في الـ27 تحرك الكولون دون حوادث، من معسكره ببُودْسين نحو عين التّْلِيْتَة، هذه النقطة التي لم يتم تغطيتها بعد، من قبل مجموعة الضغط عندنا، وتحديد إنعاش المفاوضات العامة للخضوع.

من هذه النقطة المتخذة كمركز، يقوم الكولون بسلسلة من الاستطلاعات المُشِعّة للتعرف على البلاد من أجل فرض الغرامة الحربية على سكانها، التي سيقدرها ضابط استعلامات. مجموعة كلون مركز جبل الحَلْفَة المؤقت، سيبقى مرابطا فيه، ما لم يكتمل دفع تلك الغرامة، ورجوع الدواوير لأماكنها السابقة، ولن يشتت اهتمامه عنها لغيرها، حتى لا يترك لها فرصة للعودة للمعارضة، ورفع السلاح ضده.

لكن من النجاحات الأولى المتحققة في الغرب تواصل خضوع العصاة، وسيادة الأمن في البلاد.

في 7 ماي حضر القايد اقْرِيتَل أحد قادة المقاومة الرئيسيين لتازا، مع عدد من أعيان البرانس إلى السوق لطلب الأمان، شيئا فشيئا، تم إعادة إعمار القرى بسكانها النازحين عنها، بفعل القصف والاقتحام من قبل الكولون ومعاونيه، وأعيد تأسيس الأسواق الأسبوعية وإعمارها، بينما واصلت الفخذات المستسلمة أداء الغرامة الحربية المفروضة عليها في مركز جبل الحلفا.

عادت المجموعة المتنقلة لتازا، قصد التموين بعدما أنجزت مهمتها، ولم تغادرها إلا في 10 ماي نحو مركزها النهائي في بلاد البرانس، الذي تم إقامته في باب مُرابي، شمال سيدي احمد زروق، في نقطة ملتقى أهم ثلاثة فخذات في القبيلة.

المجموعة مرت عبر جبل الحلفا، حيث تم توجيه المعدات والإمدادات للموقع الجديد، وبدأ العمل بإنشائه فورا، تحت حماية عناصر المجموعة، فولد ذلك الثقة من جديد لذا السكان، واستؤنفت المعاملات في الأسواق.

صار الشنكيطي يتنقل بين اكزنايا ولمطالسا بلا حول ولا قوة، والأشغال في المركز تتقدم بقوة، ليصبح جاهزا في 18 يونيو.

المجموعة المتحركة للعمليات الجديدة على جبهة ورغة، أو كلما استلزم تدخلها السريع والقوي، أثناء غيابها في عملها بورغة، تمكن الشنكيطي من جمع بعض الوحدات المعادية لنا، من اكزنايا، ولمطالسا، ولم يفتأوا يواصل تحريض البارانص الخاضعين على حمل السلاح مجددا في وجهنا.

بعض بني بويَعْلا التقوا مع اكزنايا، لتقوية حركة تكونت في بومهريز، من بعض الفخذات المشبوهة، لكن النجاحات التي تحققت في الغرب، سمح للمجموعة المتنقلة بسرعة العودة للمنطقة السابقة، لإعادة الهدوء لها بشكل نهائي.

التحرك على ورغة:

بمجرد ما اجتازت مجموعة كوربيير ورغة متجهة نحو عين الدفالي، حتى أخبرت بانطلاق هجوم عنيف لحركة معادية على الضفة اليمنى للوادي.

بعد هجوم فاتح يونيو الذي لم تتمكن مجموعة بِيكي من صده، عادت القبائل الخاضعة الموجودة على الضفة اليمنى لورغة للعصيان من جديد، بقيادة علي بن عبد السلام غربا، والحجامي شرقا، وكلاهما أعلنا مساندتهما لألمانيا، وحملا السلاح.

وهكذا تم تشكيل العديد من التجمعات المعادية، واحدة تضم150بندقية، في بني ورياكل، التي ابتدأت منها العصابات التي نفذت مجموعة، سددت عدة ضربات على الضفة اليسرى، بين فشتالة في اتجاه فاس البالي، وأخرى أكثر أهمية مكونة من 200إلى 300بندقية مكونة في بني زروال وجَاية، احتلت جبل مسعود، على الضفة اليسرى للواد، وهو الجبل المسيطر على قلعة اسْلاس، وهي على اتصال بتجمع آخر يتكون من حوالي 500 بندقية من نفس الأصل مجتمعة قرب وَزْغا على الضفة اليمنى.

والتجمع الثالث مؤلف من 150 إلى 200 بندقية من مزيات، وصنهاجة، تتكون جهة السبت، على الضفة اليمنى، مستعدة للتدخل.

الحجامي بدوره ضاعف قواته، من أجل تكوين حرْكة جديدة في بني زروال.

يوم 5 ماي، ورغم الاحتياطات الدفاعية المختلفة المتخذة على هذه الجبهة، هاجمت مجموعات معادية تقدر بألف بندقية من المجموعتين الأوليتين في نفس الوقت، منزل قائد اسلاس بجبل مسعود، ومركز قلعة اسلاس نفسها، وقد تم ردهم بقصف مدفعي تاركين 14 قتيلا في الميدان، وحملوا 50 آخر.

بعد هذا الهجوم المضاد القوي، عاد الهدوء لسلاس، وروابي جبل مسعود، وباقي القرى المجاورة لغاية وزغة

من جهة أخرى تأثرت سطَّة بشدة من العمليات التي نفذها العقيد سيمون في جبل عوف، ولم يعودوا يتحركون قط، فاستشعرت فشتالة الخاضعة بمزيد من الأمان، بيد أن التجمعات المعادية لم تتفرق، بل تقووا شيئا فشيئا، نتيجة جمودنا وضغط الخارج، وذلك بتوافد وحدات جديدة عليهم من الشرق.

حيث يوجد روْكي جديد يبدو أنه يستعيد جرأته بشكل غير محسوس.

في 15 يونيو عبرت هذه التجمعات مرة أخرى ورغة بقيادة الحجامي، وهاجمت بعنف اسلاس، حيث قتلت 20 وجرحت 15 وأسرت عذبتهم وأحرقت قراهم وأخذت قطعانهم.

فتم قصفهم من مركز القلعة بالمدفع، مما أجبرهم على مغادرة المكان، ليعودوا من حيث أتوا، بعدما استنفذوا ذخيرتهم، بيد أن اسلاس أصيبوا بإحباط، وتأثروا بشدة، خاصة أن لحْياينة لم يمُدوا لهم يد العون، وانتشر خبر هذا التوغل الهمجي لغاية فاس، حيث ترددت شائعات بأننا أخلينا موقع القلعة، مما أثار انفعالات شديدة “فطابع التعصب المعمول به في هذه التجمعات، التي تستثار فيها الشاعر الدينية، ضد القبائل التي ترتبط بنا بشكل واضح يبعث الخوف “من أن تنتقل هذه الحركة من ورغة لتعم البلاد الخاضعة، وسبق للجنرال هنري أن اتخذ تدابير للتعامل معها.

جديد عمليات غزو المغرب الغربي 1915م

“فقد قام بتشكيل فرق جديدة بين القبائل الخاضعة، كما قرر ملامسة غطاء الجبهة الجنوبية البربرية التي سعى حتى الآن للحفاظ عليها كما هي، وأخذ كتيبة شاردينت في الاحتياط، وفصيلة مدفعية، ونصف سرية اصبايحي، في نفس الوقت نصح الكولونيل سيمون بالغرب، وليوطنا كولونيل ديرجوان بتازا لوضع عينات من كلونه على أهبة الاستعداد لمواجهة هذه الوضعية”.

في غضون هذه التحركات الأولى كان الوضع يزداد سوء، وينتشر العصيان في لحْياينا، بعد فترة طويلة من خضوعها لنا، فقد ضهر فجأة روْكي جديد فجأة في امتيوة، وقد كان طالبا في ما مضى بفاس، التي غادرها منذ شهر ماي 1912، يسمى محمد بن عبد القادر، وقد غادر امتيوة ليلتحق بالحجامي يوم 16 مع الف 1000 من المشاة، سيلتقون يوم 15 بآخرين من صنهاجة مصباح، يقدرون ب 150 بندقية.

قبل تنفيد تمركز القوات في بلاد اسلاس لضمان نجاح الهجوم وانتصاره، توجه الجنرال هنري لفاس في 19 لفحص الوضع السياسي الذي أوجده كل ذلك التحريض العدائي المتواصل علينا، ومن هناك أجرى اتصالا هاتفيا مع ليوطنا كولونيل دريجيون كومندار المجموعة المتحركة بتازا، حيث استدعيت لنهاية الخط بمركز واد أمليل.

في 20 عاد الجنرال لمكناس، واتصل هاتفيا بالكولونيل سيمون، الذي استدعاه لمقابلته بمركز حد كورت، على إثر هذه المكالمة التي تمت يوم 20 يونيو أعطى الجنرال هنري أمر التحرك الذي لم يطلع عليه سوى قادة الكولون دون أن يعرفوا الأهداف المحددة لهم، وذلك من أجل إضفاء المزيد من السرية والغموض لضمان أمن العمليات، التي سينفدها على الجانب الأيمن من ورغة وفي السهل الثائر في غضون الأيام الثلاثة القادمة، لوقف المحاولات الجديدة للتوغل من قبل القبائل المتمردة على الضفة اليسرى لورغة، وقمع سريع للقبائل التي تريد اجتياح اسلاس، لذلك سيتم نقلا للجزء الأكبر من القوات المتاحة لقلعة اسلاس، ونحو سيدي احمد مُلا حَمَرا على ورغة، للعمل إثره على الضفة اليمنى لورغة، تحت قيادة الكولون سيمون، وستتكون القوات من:

مجموعة كوربيير بكاملها التي ستأخذ بطارية 65 كبيرة، وستترك لمجموعة موريال بطاريتي 65 صغيرة.

مجموعة شاردنيت المشكلة من كتيبة شاردنيت مع مجموعة مدفعية، سرية سنغالية مع فصيلة رشاشات، فصيلة مدفعية مغربية من مجموعة مكناس، ثلاث كوكبات للخيالة، ومصالح مختلفة.

العملية سيتم تغطيتها من اليسار بمجموعة مريال، المتمركزة بعين الدفالي كنقطة دعم مدعومة ببرطيزة جبهة بني وال عوف، ومن اليمين بإقليم تازا، بالنسبة لكوم لافاي تركوا رهن إشارة الكولونيل سيمون، يقومون بدوريات على ورغة لحماية التنسيق مع مجموعة موريال

سيتم تركيز هذه المجموعات المختلفة على الكيفية التالية:

الكولون الشمالي عسكر يوم 20 في اسليم وتوجه يوم 21 لشرق سوق سبت واد حمد الله، (أنظر الخريطة) في 23 شرق سبت اولاد عيسى، انطلاقا من هذه النقطة، مجموعة كوربير ستنقسم، لينتقل بعضها لمولاي بوشتة حيث ستلتقي مجددا، في نفس اليوم الوحدات المستقدمة من فاس ومكناس، التي يجب أن تكمل مجموعة كوربي، في حين أن مجموعة موريال ستحمل لعين الدفالي، لتقوم بدور الحماية للغرب.

مجموعة دريجيون التي انتقلت لواد أمليل في يوم 22 ستغادره يوم 23 لإثنين مرنيسة حيث ستمون من قبل تيسة وستكون يوم 24 في سيدي احمد مولا حمارة، على ورغة.

يوم 23 ما عدى التغيير في الخطة، المجموعتين المشكلتين للقوات كوربير ستنقل لسبت كالْزَ على بعد 6كلم جنوب واد دار الحجامي، حيث تم الإخبار بتجمع العدو الرئيسي، مجموعة دريجيو على الضفة اليمنى لورغة، مجموعة الغرب التي مع الكولونيل سيمون، التي كانت جنوب جبل موسى، اخترقته من نقطة هامة، المجموعتين اجتمعتا تحت قيادة الكلونيل سيمون طبقا للتعليمات التي سبق للجنرال أن أعطاها، تحرك مختلف مجموعات الكولون سيتم بين 20و24 على الرغم من بداية الحرارة الحارقة، وعلى الرغم من طول المراحل، نقطة، نقطة، كما خطط لها.

خلال هذه المدة كانت قبائل الضفة اليمني لورغة ما تزال تجهل العمليات التي تعد ضدها، لذاك كانت ما فتئت تستدعي القبائل الخاضعة لحمل السلاح في الضفة اليسرى، وكذا كل عناصر الاضطراب في المنطقة الإسبانية .

إفريقيا الفرنسية :ص177 /1915.

يتبع..

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M