“جيل z” وخطب log(1).. بقلم: خارجي مريض يسألكم الشفاء والهداية

08 أكتوبر 2025 18:02

هوية بريس – د.مصطفى قرطاح

ستجد نفسك بعد الانصراف من صلاة الجمعة كأنك كنت في كهف أويت إليه أنت والعجائز من أمثالك، مستظلين من حرارة المناخ السياسي الذي تعيشه بلادنا، ومبتعدين عن صخب الشوارع وضجيج الإعلام.

فهذه أول جمعة يقيمها المغاربة في خضم المظاهرات والمسيرات والوقفات التي شهدتها شوارع مدن مغربية عديدة، وما أعقبها من أحداث عنف إجرامية، لقيت التنديد من قبل فئات الشعب المغربي عامة، وكل ذلك تناقلته وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي.

كان من البديهي أن تستثمر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ورديفها المجلس العلمي الأعلى المناسبة وتبادر إلى الانخراط في مواكبة الحدث، مهتدية بقول الله تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ [البقرة:148]، ومستنة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ» وأن تخصص له خطبة الجمعة لهذا اليوم، وكان من الممكن إن لم يكن من الواجب أن تنصب فيه على ثلاث قضايا رئيسة؛

 أولها: التنديد بالفساد وبالمفسدين، باعتبارهم السبب الرئيس في كل الأزمات التي شهدها المغرب، وباعتبار أن الفساد يصادر حاضر المغرب ومستقبله، ويشكل أخطر عائق أمام كل الجهود التنموية،

 ثانيها: دعوة الجميع إلى الانخراط في الإصلاح والنهوض بالمسؤوليات، انطلاقا من حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته“،

 ثالثا: التنديد بأعمال العنف، ورفض أي مبرر لها، ودعوة المجتمع كله إلى الإسهام الفعال في تطويقها، والتذكير بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله رفيق يحب الرفق. ويعطي على الرفق ما لا يعطي على ‌العنف. وما لا يعطي على ما سواه»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، ويُعطي عَلَيْهِ مَا لا يعطي على ‌العُنفِ».

لكن يبدو أن الوزارة العتيدة ورديفها قد اختاروا مواصلة سياستهم الرشيدة، التي ستؤول في النهاية إلى تهميش المساجد وجعلها بمنأى عن المجتمع وقضاياه الراهنة، وبإفراغ الخطاب الديني من مضامينه الإصلاحية المنصبة على القضايا ذات الأولوية، وجعله غارقا في الماضوية، ومبحرا في العموميات والمطلقات. وهكذا نزلت خطبتهم لهذا الأسبوع كأن شيئا لم يكن، متمثلين الحكمة القائلة: فكن كأنك لم تسمع ولم يقل.

دعك من قول بعضهم، إنه يمكن التصرف في الخطبة بما يجعلها تقارب الموضوع، فنحن هنا لا نتحدث عن اجتهادات أفراد، بل عن سياسة ممنهجة متبعة من قبل مؤسسات وكل إليها حفظ الأمن الروحي والإسهام في الإصلاح انطلاقا من الرؤية الإسلامية.

زعموا أن أحدهم دخل على سي أحمد في مجلسه الموقر وقال له: لماذا لا نصدر بيانا في الموضوع، أسوة بباقي القطاعات الحكومية وإدارات الدولة؟

رد عليه: وماذا نقول فيه، فأجاب وكله حماس: نقول إن خطة تسديد التبليغ ستفضي إلى تحقيق الحياة الطيبة، ومن ثم ستتحقق تلقائيا مطالب المحتجين، فلا حاجة إلى الاستعجال، فالتأني من الرحمن والعجلة من الشيطان، وعليهم بالصبر فإنه من خصال المؤمنين، ومن لم يجن ثمار خطتنا في الدنيا فسيجنيها في الآخرة، والآخرة خير وأبقى..

رد عليه أحدهم من حاضري المجلس: منذ سنة ونصف ونحن نردد هذا الكلام، أتراهم يصدقوننا اليوم؟

علق أحد الشباب الملتحق مؤخرا: يا هذا، جيل z لا يستمع إِلَيَّ وإلى أمثالك، ولا يرتاد منصاتنا ومواقعنا، وخطبنا ومواعظنا يضربونها في log(1).

هنا نطق سي أحمد وقال: لا داعي لأي بيان، فكم من حاجة قضيناها بتركها، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله…

آخر اﻷخبار

التعليق


حالة الطقس
10°
20°
الإثنين
23°
الثلاثاء
24°
الأربعاء
21°
الخميس

كاريكاتير

حديث الصورة