حادث طرد الرئيس الأوكراني من البيت الأبيض بطريقة مهينة

هوية بريس – د.إدريس الكنبوري
يبدو أن الحكمة الإلهية شاءت أن تنتقل الفتنة إلى البيت النصراني في الغرب، فالتطورات الحاصلة تشير إلى أن التحالف الغربي الصليبي في طريقه نحو التفكك والاقتتال. فقد كشرت أمريكا عن أنيابها في وجه أوروبا وأخذت تقترب من روسيا على حساب أمن الأوروبيين ومصلحتهم، والجبهة التي شكلوها ضد روسيا بدأت تتفكك وظهر للأوروبيين أن أمريكا كانت تخطط لأمر آخر لم يدركه الأوروبيون.
حادث طرد الرئيس الأوكراني من البيت الأبيض بطريقة مهينة كما نقلت الصحف الأمريكية لها دلالة بالغة، إذ تشير إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت ترى في أوروبا عبئا عليها ولا تريد أن ترهن مصالحها في سبيل الدفاع عن أمن القارة الأوروبية، وهي تريد أن تحصل على مكاسب ملموسة مقابل أي عمل تقوم به لفائدة الأوروبيين الذين سلط الله عليهم إمبراطورا أمريكا يتعامل معهم بأسلوب المرتزقة الذين يريدون أخذ أجرتهم قبل التطوع.
أمريكا تدرك اليوم أن أوروبا قارة من الفاشلين، وهي تعرف أن أوروبا لم تنهض بعد الحرب العالمية الثانية لولا المساعدات الأمريكية ومشروع مارشال الذي أنفقت فيه أمريكا ملايير الدولارات من أجل إنقاذ أوروبا، ولكن ما لم يفهمه الأوروبيون آنذاك أن أمريكا لم تضع مشروع مارشال في تلك الفترة لزرقة عيون الأوروبيين بل لكي تجعل القارة الأوروبية جدارا ضد الاتحاد السوفياتي، واليوم بعد نهاية خطر الشيوعية لم تعد أمريكا بحاجة إلى أوروبا، وسوف تبيع الأوروبيين مقابل التفاهم مع التاجر الروسي.
أمريكا ظلت بعيدة عن الحروب منذ ظهورها، والحربان العالميتان الأولى والثانية كانتا حربين بين الأوروبيين فقط، لأنها قارة مستقلة يحيطها الماء من كل جانب وبعيدة عن الخطر، ولن يستطيع الأوروبيون أن يفعلوا شيئا سوى المواء مثل القطط عبر البيانات والاجتماعات والاحتجاجات.
لكن الغرب الذي ظهر على سطح العالم بسبب التوحش سينتهي بالتوحش حيث سيأكل بعضه بعضا يوما من الأيام، فلا بد أن يأتي يوم تدور فيه الدائرة على الظالمين وتنتشر بينهم الفتنة التي نشروها في العالم.
منذ نصف قرن ونحن نمضغ علكا فاسدا نسميه الديمقراطية وحقوق الإنسان والحضارة الأوروبية والحداثة وغيرها من أنواع العلك، ولم نفهم بأن الديمقراطية في الغرب مستحيلة بدون تفاهم على المصالح والغنائم، وأنه يمكن أن يتحول إلى قطيع من الذئاب يفترس بعضه إذا حصل سوء توزيع للغنائم، واليوم بعدما ظهر لأمريكا أن الغنيمة لا يجب تقاسمها مع الأوروبيين بدأ التفكك والتآمر والخداع.
العرب في كل هذا خارج التاريخ، مجرد برابرة متوحشين ينتظرون من يفوز لكي يسيروا وراءه تحت التهديد بالعصا، الشيء الوحيد الذي يملكونه هو تلك المفاتيح التي يضعونها في جيوبهم يغلقون بها على شعوبهم في سجون كبيرة يسمونها الدول، مجازا، وإذا طلب ترامب لا قدر الله تلك المفاتيح فستكون الكارثة، لكن ماذا لو ترك لهم المفاتيح وغير الأقفال؟