حوار افتراضي بين فقيه وعلمنجي حول ميراث الإخوة مع البنات

هوية بريس – د.عبد الحميد بنعلي
العلمنجي: كيف يعقل أن يموت شخص عن أسرته، ثم يتسلط عليها إخوانه لمجرد أنه ليس له ابن يحجبهم ؟!
الفقيه: يلزمك تفسير هذا (التسلط)، فالشرع إنما أعطاهم (الباقي) بعد استتكمال الأسرة فروضها، الثلثين للبنات، والثمن للزوجة، وذلك يساوي بلغة الأرقام (16 للبنات من 24، و3 منها للزوجة، ويبقى لأخي الميت أو إخوانه 5) فكيف جعلتهم (متسلطين) مع أنهم إنما أخذوا أقل من البنات بكثير، على أنهم أخذوا ذلك بحكم الشرع لا بتسلطهم.
العلمنجي: لكن كيف يعقل: أن يأخذ هذا المال الذي قد يكون بالملايين في حين أن الأسرة أحوج إليه منه وأولى به منه!
الفقيه: إذا كان هذا الباقي يساوي الملايين، فنصيب البنات يجب أن يكون بمئات الملايين، وحين تقول: بأن الأسرة أولى بمال الميت منه فتلك مصادرة على الدعوة واستدلال بموضع النزاع، فلا يستقيم ذلك نظرا ومنطقا.
العلمنجي: لكن أليس بناتك أولى بمالك من أخيك؟، ألست أنت في حياتك إنما تسعى على بناتك فقط ولا تكترث بإخوانك؟
الفقيه: بناتي أولى بمالي حين أكون حيا، لأن تعصيبهن وحمايتهن علي وحدي، أما حين أغادر الدنيا فالذي يتولى شؤونهن هو أخي، فله نصيب مقدر من الشرع لقاء هذه الخدمة وهذه الحماية.
العلمنجي: الحماية من اختصاصات الدولة وليس الأفراد.
الفقيه: الدولة مصطلح يطلق على ارض يقطنها شعب ولديها نظام حكومي معين، فما دخلها في الموضوع؟ فهذا كلام سفسطائي.
وإن كنت تقصد السلطة، فالسلطات لم يخولها الشرع الولاية الخاصة على أسرة الميت، فليس هي من تزوج البنات، وتنفق عليهن، وتذود عن حياضهن إنما ذلك شأن العصبة، وأنت في هذا مكابر ومغالط.
العلمنجي: لست مقتنعا بكلامك.
الفقيه: أنت لم تقتنع بكلام من خلقك وسواك وصورك، فكيف تقتنع بكلامي أنا؟!
العلمنجي مزمجرا: قد يكون هذا الاخ لم يسد أي نفع للميت فكيف نعطيه مال الأسرة؟
الفقيه: لا نعطيه مال الاسرة، بل نعطيه ماله الذي انتقل اليه بحكم الله سبحانه، أي بحكم القانون الشرعي.
والشرع لم يعطه لأنه أسدى نفعا، فهذا لا ينضبط، ولا تستقيم به الأحكام، ولكنه أعطاه لأنه كلفه بالقيام على الاسرة من بعد رحيل أخيه، فإذا قصر فعلى الدولة أن تعاقبه.
وأنت أيها العلمنجي: لماذا ورثت من أبيك مع أنه كان ساخطا عليك ولم تسد له نفعا في قليل ولا كثير، إنما كنت عالة عليه حيا وميتا!
العلمنجي مفرّكا ذقنه مع بسمة مهزوم: وأين المشكل إذا استحوذت الأسرة على كامل المال ؟
الفقيه: ليست مشكلة واحدة بل مشاكل، منها:
1- أنك خالفت حكم الله سبحانه، وزاحمته بحكمك الوضعي، وهذا يتضمن سوأة مخزية وهي أنك أسأت الظن في حكم الله، وحسنته بحكمك، وكأنك تقول: أنا أعلم بالله منه، وهذه حتى إبليس لم يقلها.
2- أنك تسببت إلى قطيعة الأرحام بين البنات وأعمامهن، فالعم قد يكون فقيرا محتاجا لشيء من المال، فإذا علم أن القانون منعه ما اعطاه الله حقد على الدولة وعلى أولئك البنات، وفرط في واجباته المنوطة به.
3- أنك سهلت أكل الحرام للبنات والزوجة، فنصيب عمهن إذا لم يطب به خاطره سحت محرم، وقد يكون هذا العم يتيما (ماشي ضروري بما انه عم زغم لابد يكون شارف ورجل كبير) !
4- أنك أخرجت المال من الأقارب إلى الأجانب، وهذا خلاف العدل.
العلمنجي: كيف أخرج المال الى الاجانب، هذه زوجته، وهؤلاء بناته !!
الفقيه: أما زوجته: فلم تعد له زوجة، فقد كان يربطهما عقد، وهو انتهى بالموت، ولذلك صارت (حلالا) لمن يريد نكاحها على سنة الله ورسوله. وهذا الزوج الجديد أجنبي عن الميت، وسوف يستمتع بامرأة الميت وماله معا!،
وأما بناته فليست البنوة مستفادة من عقد حتى تنتهي بالموت، فهن بناته حيا وميتا.
ولكنهن إذا تزوجن أنفقن المال على أبنائهن وأزواجهن، وإذا متن انتقل مالهن إليهم، وهؤلاء أجانب عن الميت، وإنما أعطاهن الشرع ما ينفقنه على أنفسهن ويكفيهن، وباقي مؤنتهن على زوجهن، وأنت جعلت الزوج ينكح البنت وأباها معاً ههههه
وإخوان الميت أقرب إليه من عيال بناته وأصهاره أجمعين، بل هم ليسوا من أقاربه في قليل ولا كثير، فهل ترضى ايها العلمنجي
المغفل: أن يصير مالك إلى ناكح ابنتك؟
العلمنجي: ولى مدبرا ولم يعقب.