خصاص الكفاءات ومشاكل التدبير.. “التعاون الوطني” تحت مجهر البرلمان
هوية بريس-متابعة
وقف النائب البرلماني عبد الرحيم واعمرو، على جملة من الاختلالات والإكراهات التي أفرزت نقائص في تسيير مؤسسة التعاون الوطني على مستوى هيآت الحكامة وآلياتها وعلى مهام المؤسسة بصفة عامة، إلى جانب تدبير الموارد البشرية والمالية ونظامها المعلوماتي.
وأكد النائب البرلماني في كلمة قدمها باسم فريق الأصالة والمعاصرة، خلال الجلسة العامة المنعقدة أمس الثلاثاء 10 يناير 2023، في إطار مناقشة تقرير لجنة مراقبة المالية العامة، حول موضوع “تسيير مؤسسة التعاون الوطني”، أنه هذه مناسبة سيتم الوقوف من خلالها على وضعية وحصيلة هذه المؤسسة الوطنية الهامة والاستراتيجية لمنظومتنا الاجتماعية، وكذلك فرصة لتقييم مجـهـودات الحكومة سواء المتعلقة بتحسين إدارة وتسيير منظومة التعاون الوطني ومدى نجاعتها في تحقيق الأهداف والمهام المنوطة بها، أو المرتبطة بإعادة تموقع المؤسسة في إطار استراتيجية القطب الاجتماعي 2021/2026.
وأشاد النائب واعمرو في المناسبة بمجـهــودات السادة قضاة المجلس الأعلى للحسابات، قائلا: “بالرغم من بعض الصعوبات المتعلقة بعدم وجود نظام معلوماتي من شأنه توفير معلومات موثقة ومنسجمة داخل آجال معقولة وضعف تدبير الأرشيف، إلا أنهم استطاعوا أن ينجزوا التقرير الخاص بمراقبة تسيير مؤسسة التعاون الوطني، خلال فترة المراقبة لسنة (2018- 2012) بكفاءة ومصداقية كبيرة”.
وأضاف بقوله: “لا يفوتني أن أنوه بمختلف البرامج والخدمات الاجتماعية التي قامت بها مندوبيات التعاون الوطني، لمواجهة جائحة كورونا وتداعياتها الصحية المقلقة كجبهة اجتماعية لا تقل أهمية عن باقي الجبهات الحيوية، الطبية منها والأمنية والغذائية”.
وأكد النائب البرلماني أن الفريق البامي يعي تماما الإكراهات والصعوبات المسجلة في تدبير مؤسسة التعاون الوطني، لا سيما من خلال ما تؤكده معطيات ومؤشرات وتقارير المؤسسات الوطنية المختصة، وأهمها تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول مراقبة تسيير مؤسسة التعاون الوطني خلال فترة المراقبة 2012/2018، والتي تجمع على جملة من الاختلالات والإكراهات، متطرقا فيها لانخفاض العددي للمواد البشرية بمؤسسة التعاون الوطني، حيث أحيل أكثر من 1500 مستخدم على التقاعد خلال فترة المراقبة (2012/2018) مقابل 446 توظيف جديد، في ظل غياب مرجع للكفاءات والتوظيفات، ناهيك عن تقدم سن معظم المكونات البشرية للمؤسسة حيث إن 60% من المستخدمين تتجاوزت أعمارهم 51 سنة.
وأبرز النائب البرلماني أن بعض المراكز لازالت تعرف خصاصا في الكفاءات، وخاصة المختصين النفسيين والقانونيين والمساعدين الاجتماعيين والمربين، فضلا عن مستوى الأجور التي تؤدى لفئات عريضة من المستخدمين تقل عن الحد الأدنى للأجور؛ بالإضافة إلى استقرار مساعدات الدولة للتعاون الوطني منذ 2013؛ وعدم تفعيل التدابير الجبائية والتنظيمية التي من شأنها الرفع من موارد المؤسسة؛ زيادة على فشل التعاون الوطني في تفـعـيل بعض الشراكات منها برنامج «إدماج” الذي كان موضوع شراكة مع الاتحاد الأوروبي.
كما تطرق واعمرو لمسألة منح الدعم في غياب برامج عمل موازية مصاحبة؛ وكذا وجود مبالغ مهمة باقي تحصيلها تصل إلى 200 مليون درهم، تتكون معظمها من مساعدات الدولة والمسجلة داخل ميزانية الدولة والتي لم يتم دفعها بعد؛ بالإضافة إلى ارتفاع نفقات الأجور التي تشكل 89% من ميزانية المؤسسة.
وتوقف النائب البرلماني عند تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2020 حول تسيير مؤسسة التعاون الوطني خلال فترة المراقبة ما بين 2012 وسنة 2018، الذي كشف أن نظام حكامة التعاون الوطني يعاني من مجموعة من الاختلالات، منها عدم تعديل النظام الأساسي المؤطر لاختصاصات المجلس الإداري والذي يعود لسنة 1973، وغياب تنظيم داخلي من شأنه تحديد شروط وظروف انعقاده، ناهيك من انعقاد غير منتظم لدوارته.
وعبر النائب البرلماني عن ثقته الكاملة في إرادة وعزيمة هذه الحكومة على الإصلاح والتقويم، ومضيفا بالقول: “متأكدون من حسن اختياراتها لتصحيح وتجاوز النقائص والملاحظات التي رصدها تقرير المجلس الأعلى للحسابات فيما يخص وضعية وتسيير مؤسسة التعاون الوطني والتجاوب العملي وتفعيل وتنزيل توصيات المجلس”.
وفي ذات المناسبة، ثمن واعمرو عاليا الإجراءات والتدابير التي تعتزم الحكومة القيام بها لتحسين حكامة التعاون الوطني، من خلال اعتمادها عقد برنامج مع الإدارة المركزية والمنسقات الجهوية لتعزيز الالتقائية والشراكة مع جميع المتدخلين في الشأن الاجتماعي، خاصة وكالة التنمية الاجتماعية، كما أشاد بإعدادها وتحيينها لمشروع عقد البرنامج للمؤسسة للفترة 2021/2026 والذي تمت إحالته للجهات المختصة للمصادقة.
وفي ذات السياق، استحسن النائب البرلماني إصدار الحكومة لمذكرة تنظيمية تحدد المبادئ التوجيهية لعقد الشراكات مع المجتمع المدني، وإحداث لجنة مركزية مختلطة لدراسة مشاريع اتفاقيات الشراكة، واعتماد نظام معلوماتي لتوزيع المساعدات من أجل تقليص نفقات اللوجستيك.
ونوه واعمرو بالجهود المبذولة للتوسيع الجغرافي لمراكز التربية والتكوين التابعة للتعاون الوطني، وذلك من خلال إعدادها لخارطة اجتماعية رقمية تهدف إلى تحسين العدالة المجالية وتجويد تدخل التعاون الوطني ونجاعته.
وفيما يتعلق بتنمية وعقلنة تدبير موارد التعاون الوطني، نوه النائب البرلماني بالاعتماد على خطة تطوير الموارد الذاتية للتعاون الوطني واعتماد منصة رقمية لجمع الإيرادات، ما مكن من تعبئة حوالي 140 مليون درهم في سنة 2022 في إطار شراكات لدعم التمكين الاقتصادي للنساء، وإطلاق برنامج لرقمنة القطب الاجتماعي في سنة 2022.
وخلص النائب واعمرو إلى التأكيد أن إرساء أسس الدولة الاجتماعية هو خيار يعبر عن إرادة سياسية راسخة لدى الدولة والأغلبية الحكومية بطبيعة الحال، وهي ترجمة للتوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وتنزيل المحاور الكبرى للنموذج التنموي الجديد وخياراته الاستراتيجية واقتراحاته التدبيرية، من خلال تقديم خيارات وبرامج اجتماعية واقعية وذات مصداقية تعالج الأولويات الحقيقية وتستجيب لانتظارات المواطنين.
وشدد واعمرو على ضرورة تنمية وإصلاح وتسيير هذه المؤسسة الوطنية، حتى تبقى فاعلا أساسيا في مجال الرعاية والمساعدة الاجتماعية، وفاعلا عموميا رائدا في إدارة مراكز الإدماج والتمكين الاقتصادي، ودعم القدرات وشريكا أساسيا للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية في تنفيذ مشاريعها.