د.البشير: أقصى ما يتمناه أعداء الدين: إدخال نسبية الخلاف إلى عقر دار قطعيات الدين!

هوية بريس – متابعة

كتب الدكتور البشير عصام المراكشي “أعجبني في المقطع الصوتي للدكتور أحمد الريسوني عن تعديل مدونة الأسرة أنه بدأه بالتنبيه على خطر التوجه العام لهذه التعديلات، وأن الكلام في ذلك أهم من الكلام في التفاصيل”، مردفا “وهذا ملحظ مهم، كنت دائما أنبه عليه في كل نقاش مجتمعي، وأرى الاعتناء بمناقشة المرجعيات الفكرية التي تنطلق منها مثل هذه السجالات، والمآلات التي يسعى إليها مَن يثيرها”.

وأضاف مدير مركز إرشاد للدراسات والتكوين في منشور له على فيسبوك “وكنت دائما أكره الخوض في النقاش الفقهي التفصيلي على مواقع التواصل، لأن الذي يبقى في أذهان عامة الناس منه بعد انحسار غبار المعركة: “في المسألة خلاف“. وهذا أقصى ما يتمناه أعداء الدين: إدخال نسبية الخلاف إلى عقر دار قطعيات الدين!”.

إن المشكلة الكبرى في التعديلات المقترحة، حسب د.البشير “أنها خطوة سبقتها خطوات، وستتلوها خطوات. والغاية الكبرى: الانسلاخ التام من المرجعية الشرعية في مجال الأسرة، كما انسلخت بلادنا عنها قبل عقود في جميع المجالات الأخرى كالسياسة والاقتصاد والعقوبات وغير ذلك”.

كما أكد أن هذا الحصن الأخير -أعني الأسرة-، يراد له “أن نلتحق فيه بالتصور الحداثي العلماني لنكون أقرب إلى الغرب المتحكم من أجل تحصيل بعض المصالح المادية المؤقتة أو الموهومة”.

ثم في سبيل تحقيق هذه الغاية، يضيف مؤلف كتاب “العلمنة من الداخل” “لا يهم تفشي المشكلات المجتمعية والأسرية، فهي من قبيل “الأضرار الجانبية Collateral damage” التي لا يهتم بها أرباب السوق؛ ولا تهم المخالفة الصريحة للشرع، فسيوجد دائما من العلماء من يسوغ ذلك ويؤصل له، كما سوغ أسلافهم تغييب الشريعة عن الحكم في جميع مناحي الحياة”.

كما أوضح د.البشير، أن “الفقهاء الذين لا يتفطنون لهذه التحديات الفكرية العميقة، تجدهم عند الطلب -أي عند كل نقاش مجتمعي يريد لآلية الفتوى الشرعية أن تخدم فيه الغايات الحداثية المسطرة سلفا- جاهزين لتشريح التفاصيل الفقهية، مسلحين بمدونتهم التراثية التي لا يعرفون غيرها أصلا، ثم يشرعون في البحث الفقهي المجرد عن الواقع كما لو كانوا يعيشون في أزمنة تحكيم الشريعة الأولى”، مردفا “وهذا من أعظم الاختلالات التي أنجبها تدريس العلوم الشرعية بطريقة تقليدية جامدة، بعيدا عن الفهم الأدنى للمناهج الفكرية والسياسية، التي لم يعد بإمكان الفقيه التنصل من آثارها”.