د.الريسوني يكتب: جيوش المسلمين: متى ستلزم مواقعها ومهامها؟

12 مايو 2025 08:35
الريسوني يهاجم الإمارات: تنشر الأحقاد والمؤامرات حول العالم

هوية بريس – د.أحمد الريسوني

هذا الموضوع سبق لي أن تطرقت إليه في عدة مناسبات..

والمناسبة هذه المرة هي الأداء الجيد والناجح للجيش الباكستاني في ردعه للهجمات العدوانية الأخيرة للهند ضد باكستان، وتكبيدِه الجيشَ المعتدي خسائر فادحة لم يكن يتوقعها..

ولكن هذا الجيش نفسه، ومنذ تأسيس الدولة الباكستانية، يعتبر مشكلة داخلية كبرى، تعوق تقدم البلاد وتحررها وازدهارها، وذلك بسبب تدخلاته السافرة في الشؤون السياسية والمدنية. فهو يفرض تحكمه وسلطانه وضغوطه على الأحزاب، وعلى الحكومة، وعلى الانتخابات.. وقد قام بعدة انقلابات عسكرية، أطاح فيها بحكومات وبرلمانات منتخبة لم تعجبه، ليتولى الحكم المباشر والتسيير الكامل للدولة الباكستانية. وبلغ به الأمر إلى حد تنحية رئيس الوزراء المنتخب وإيداعه السجن؛ وأعني به السيد عمران خان، الموجود رهن الاعتقال منذ عامين، لا لشيء سوى أنه كان يسعى لجعل قراراته وقرارات حكومته مستقلة وخادمة للشعب، ولا تخضع لإرادة قادة الجيش ومزاجهم العسكري.

فالحكم في (جمهورية باكستان الإسلامية)، في عمقه، حكم عسكري، ولو أنه يتدثر ويتستر بديموقراطية زائفة مرقعه، تغيب تارة وتحضر تارة، ولكنها في جميع الحالات لا تستطيع إخفاء التسلط والتحكم العسكري.

وهذا الوضع شبيه بما كانت عليه تركيا، حيث ظل جيشها – منذ انقلاب مصطفي كمال أتاتورك في عشرينيات القرن الماضي – هو الحاكم الفعلي والسلطة العليا في البلاد، إلى أن تمكن حزب العدالة والتنمية، بزعامة رجب طيب أردوغان، من تنحيته وإعادته إلى ثكناته وجبهاته ومهامه.. وبذلك انفتحت أمام تركيا أبواب التحرر والتقدم والديموقراطية والرفعة. وقد أصبحت الفوارق واضحة للعيان، بين تركيا العسكر، وتركيا العدالة والتنمية..

وهذا هو ما نرجوه لأشقائنا في دولة باكستان.. نرجو لهم انسحاب الجيش من الحياة السياسية المدنية، ومن الانشغال بشؤون الدولة والحكومة، وأن يتخلى عن التدخل في شؤون الأحزاب والانتخابات، وأن يتخلص من عقيدة: أن الدولة في ملكية الجيش وتحت تصرفه ووصايته.

نرجو لهذا الجيش الضخم، الذي يعد سادسَ أكبر جيش في العالم، أن يلزم حدوده ومواقعه، وأن يكون تحت تصرف القيادة السياسية المنتخبة، لا أن يجعلها هي تحت تصرفه وتحكمه..

وهذا ما نرجوه كذلك لعدد من الدول العربية والإسلامية، التي ما زالت جيوشها تجوب عواصمها وحواضرها، وترابط في وزاراتها ومؤسساتها، وتستنزف ثرواتها وماليتها، وتقمع شعوبها وتحاكم مفكريها، وتعطل طاقاتها، وتعيق تحررها وتقدمها ونهضتها.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
19°
24°
أحد
25°
الإثنين
22°
الثلاثاء

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M