د. عادل رفوش: اغتيال العلماء (من عائض إلى بنحمزة)..

02 مارس 2016 15:38

هوية بريس – د. عادل رفوش

الأربعاء 02 مارس 2016

منذ ساعات عشنا حدثاً مروعاً يَظهر حقيقةً أهونَ ما صرنا نراه من كثرة ما يعرض لأمتنا من صور الظلم والاعتداء..

ولكن الناظر في عمقه يدرك أن الواقعة الواحدة من مثله تعد بركاناً إذا نُظر لغيره بميزان الرصاص؛

سمعنا أن الشيخ العالم الفاضل عائض القرني الداعية السعودي الشهير قد تعرض لمحاولة اغتيال نجاه الله منها؛

وفي العُدوة الأخرى من الغرب الإسلامي في بلدنا الحبيب المملكة المغربية بلد السنة ومأرز الأولياء؛ نرى الشيخ العلامة المتفنن مصطفى بنحمزة المصلح المغربي البارز؛ يتعرض طيلة مدة ليست بالقصيرة لإرهاب علماني شديد ولحملة تكفيرية منهم منقطعة النظير؛ في سابقةٍ من نوعها يتبنى فيها التيار العلماني الذي يتزعمه “عصيد الياكوشي” نَفَساً تكفيريا تجاوز الإقصاء والاستئصال والادعاء المعهود من منهجيتهم إلى نهج التكفير الصراح الذي يرمون به غيرهم ويجعلونه شماعة لمصادرة آراء مخالفيهم في الوقت الذي يعطون لأنفسهم الحرية الكاملة في قول ما يشاؤون بل وإصدار الأحكام على الناس كما يشتهون؛ متجاوزين في ذلك كل القيود حتى قيود الأهلية والاختصاص والرقابة القانونية!

تحريضاً لمحاربة الإسلاميين وترحيباً بمعاقرة خمور الإسبانيين جهاراً نهاراً سائقين…

إذا فنحن أمام ظاهرة فريدة من نوعها أخرجت الديناصور من مخبئه وأظهرت الوجه القبيح بغير تجميل ولا “مكياجٍ”؛ أمام جماعة تريد اختطاف الوطن نحو المجهول، وتسعى لتعريض مكتسباته للضياع؛ وتحرص على استهداف الدين وحملته وإمارة المؤمنين في قائمة أهدافها المقدسة لمحاربة “الجهل المقدس” كما يتخيلونه؛ بدعاوى “الوعي المدنس” الذي يحملونه ويبشرون به…

إن العلامة بنحمزة أكبر من أن يشهد له مثلي في رسوخ علمه وصدق كلمته وشموخ وطنيته ورجاحة عقليته؛ واتخاذه من الحكمة والرفق والحوار منهج حياةٍ لتوعية الأمة ولتبليغ الرسالة؛ في ثبات العالم الذي نحسبه والله حسيبه..

ليس ممن يميل لهوى جمهورٍ ولا لرغبةِ دولةٍ وإنما ينقاد لتقديم الله ورسوله ولا يقدم ولا يتقدم على داعي الوحيين…

وهذه المكانة السامقة التي جعلته من أعلام السنة في بلاد الغرب الإسلامي؛ عتيقا يعلم العلم الموروث عن أسلافه، وخَلَفاً صالحاً يسعى لتبقى كلمة الله هي العليا بالحجة والسماحة؛ فلم يجد الطعَّانون اللعَّانون ما ينفذون إليه منه؛ وهو الذي يدعوهم للدين الشامل بلا تشنج ولا تغنج ولا “تخمج”!

وقد أحيا به الله سنة الإفتاء التي هي تجسيد لحضور الدين في حياة الأمة؛ وأنه ارتباط روحي وعملي أن يتجه الناس للعلماء ليجيبوا عن حيارى أسئلتهم التي يريد صفاؤهم الوجداني أن تكون مرصولةً بالله وبرسوله وبالسلف الصالح؛ وأن بوابتها هي “فاسئلوا أهل الذكر”…

فهذا الاختراق من الشيخ بنحمزة للقناة الثانية 2m التي يعتقدون وراثتها دون العالمين واحتكارها غصباً عن رغبات جمهور المواطنين؛ ومع انتهاك الشيخ لحدودهم في اعتقادهم المتهافت بأن لا وصية للدين على الناس؛ فليعملوا ما شاءوا وليفتوا أنفسهم بمفتي قلوبهم -زعموا-؛ كل ذلك يعتبره العلمانيون المستغربون انتهاكاً لسدتهم العالية بياكوش؛ فكان لزاماً أن يتربصوا بهذا العَلَمِ المصلح ثبتنا الله وإياه؛ فها هم يفتعلون الأحجيات ويبعثون الغرابيب وينفثون في العُقَد؛ قصد الوهن للعالم والطعن في الخلال وإرهاباً للكلمة الحرة بحق؛ وهذا دأبهم مع الصالحين في هذا البلد وأشدهم عليهم رجلان “العلامة الريسوني” و”العلامة بنحمزة” حفظهما الله…

تارة بالتسفيه الظلامي وتارة بتسخير “المبدِّعة الرضوانية” باسم الدين لإضعاف رمزيتهم؛ فالعلمانية الجديدة التي لم يدركها الأستاذ الكبير عبد الوهاب المسيري هي “العلمانية الملتحية” التي لم تعد تخترق العقول باسم شبهات كتمييعات محمد حبش؛ بل باسم المنهج السلفي إسقاطاً لرموز الإصلاح وتفتيتا لما بقي من فتات الأمة باسم المسلك الأثري والربانية المختزلة في الانعزال!

وهذا عين ما تقوم به العلمانية غير أنها تفعله باسم الحرية تشبها بأوربا فولتير المدنية لا باسم السلفية..

ولذلك لن تجد -إلا نادراً- أحداً منهم يدفع البغي عن أمثال الريسوني وبنحمزة؛ بل إنهم يلوذون بالصمت بدعوى ليس في “القنافذ أملس” كما في أدبيات بعضهم؛ ويشهد لذلك بالمقابل أنهم قلما يتابعون منكرات فظائع العلمانيين إلا لذر الرماد في العيون أو إذا وُجهت لهم منهم سهام حينما تحين ساعتهم كما فُعِل بالبرهامي في أرض الكنانة؛ في لعبة مكشوفة دأب عليها صناع العفاريت!

فإذا وضعت الحرب أوزارها انصرفوا بدعوى الجرح والتعديل للتخذيل في الصف مرة أخرى؛ لأنهم أصدق ظاهراً عند عموم الناس من العلمانيين في الرد على أصحاب اللحى من أهل صنعتهم فيكتفون بتسخير تشويشهم إلى حينٍ…

والذي نقوله “للفريقين” وإن كنّا ننزه “سلفية المحجة البيضاء” و”أهلها أهل الاتباع والنجاء”

-وهم كثر ولله الحمد حملةَ علم وقرآن وهدي-

عن هذه المسالك الشاذة التي تجمع “العلمانية المعتدية والعلمانية الملتحية”؛ نقول لهم:

هذا المكر الكُبار لن يضر الكِبار؛ وسواء روجتم الأباطيل أو أثرتم الشبهات أو نفثتم بالنعرات؛ فإن الإسلام دِينٌ شامل كامل؛ والاجتهاد فيه به مفتوح لأهله منه؛ وإن أصول المواريث قطعيةٌ؛ وإن المساواة المطلقة خرافةٌ؛ وإن التغريب تخريبٌ وإن التمزيغ نعرة للتدريج وكلاهما وهدةٌ لمزيدٍ من القهقهرى إلى الوراء في عصر يُتنافس فيه على الصفوف الأولى في التقدم وفي الاتحاد..

وإن المقررات الدينية تحتاج تطويراً بالزيادة من نصوص الدين التي غيبت عن شبابنا فوجد الإرهاب طريقه إليهم عن طريق هوليود لا من سُنَن أبي داوود..

فإن الحق أبلج والباطل لجلج ولن يسقط لواء السنة ولن يتوانى فريق الإصلاح؛ وسيبقى الشيخ بنحمزة شامة في تاريخ علماء المغرب الحديث؛ ذاباً عن دين الله بالحجة البالغة وبالحكمة وبالموعظة الحسنة…

ومصير المُرْهِبين من حفدةِ قتلةِ النبيين الذين يقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس؛ من علماء الكلمة السواء أمرا بالمعروف ونهياً عن المنكر أن يُبَشروا بالعذاب الأليم فلا وزنَ في الدنيا والخزي التام يوم القيامة؛ جراءَ ما عانى منهم العلماء عبر التاريخ من تقتيل حسي وتقتيلٍ معنوي؛ وسيبقى ذكر العلماء الشرفاء خالداً بالثناء كما خلدوه بالعطاء…

والله ولي التوفيق…

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M