رحمك الله أبا عبد الله.. كلمات في حق أخينا الشيخ حماد القباج

هوية بريس – د.حميد العقرة
الحمد لله على حلو القضاء ومره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة صابر على مصابه، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي جعل مماته تسلية لكل محزون، وخاطبه ربه بقوله (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ).
أما بعد، فقد فجعنا يوم الاحد 08 رمضان 1446 الموافق لـ09 مارس 2025 بوفاة اخينا الشيخ العالم الداعية الواعية النفاعة حماد بن احمد القباج المراكشي عن سن 48 سنة وكان في صراع مع امراض بسبب حادث كان سبب شلله سنة 1993 وهو في سن 16 سنة، ولم تمنعه إعاقته من طلب العلم والنبوغ فيه، فتوجه إلى دور القرآن الكريم بمراكش وانخرط في حلقات تحفيظ القرآن وطلب العلم، ونهل من علم مشايخ مراكش الحمراء بداية ،ثم شد الرحل الى علماء البلد في مختلف المدن، وكانت لي معه رحلتان الى الشيخين الجليلين العلامة محمد.بوخبزة التطواني والعلامة محمد الجردي الطنجي، احبه الشيخان لجلده في طلب العلم ولقاء الاعلام رغم إعاقته، وخاصة الشيخ محمد الجردي تأثر تأثرا بالغا عندما حملنا الشيخ حماد الى الطابق الثاني إلى مجلس الشيخ ومكتبته، جلسنا معه من بعد العصر الى المغرب ثم ودعناه، فجاءني شيخنا الجردي وكانت لي به صلة قبل، فادخل في جيبي مبلغا من المال قال: والله لا ترده علي ، استعينوا به على مصاريف البنزين، الله أكبر، إنها أخلاق الأكابر.
كانت بيني وبين الشيخ حماد صداقة ومودة من سنة 2004 ، تجمعنا الاخوة وتذاكر العلم والتعاون الدعوي، جمعتنا ندوات ولقاءات علمية في سلا والقنيطرة وتطوان والدار البيضاء ومراكش، لم ار منه الا سماحة الخلق مع البذل والسخاء مع طيب النفس وسلامة الصدر ولين الجانب وحسن التعامل مع الموافق والمخالف، مع التواضع الجم والابتسامة التي لا تفلرق محياه، رحمه.
لقد كانت له همة عالية وجلد عجيب في طلب العلم ونشره، والمشاركات في اللقاءات التي تخدم دين الله تعالى، واشتغال بالتأليف والكتابة، وخاصة ما يهم واقع الامة وما تعانيه من فتن ونكبات، كتب عشرات المقالات في المجلات الورقية الإلكترونية، والف فوق العشرين مؤلفا رغم الإعاقة والاسقام التي كان يعاني منها، وإليكم بعض ما دبجته يراعة هذا الانموذج الفريد:
– بذل القدرة في بيان خصال الفطرة
– إيضاح الدلالة من أحكام سجود التلاوة
– المغني عن الأسفار في معرفة أحكام وآداب الأسفار
– جمال التواضع وجلال التخشع
– إيضاح الدلالة من أحكام سجود التلاو
– ياسين والخلافة المزعومة أو جماعة العدل والإحسان والتوظيف المنحرف لأدلة الرؤى والفراسة
– الأدلة القطعية على تحريم التفجيرات التخريبية التي تمارس باسم الجهاد وإنكار المخالفات الشرعية
– الاستبصار والتؤدة في عرض المستجدات والنوازل على قواعد المصلحة والمفسدة
– كفاح وطني من أجل لغة التعليم: تاريخ _المعركة بين التعريب والفرنسة في المغرب من 1920 إلى 2019
– حياة شيخ الإسلام محمد بن العربي العلوي.. العالم المفكر والمصلح المناضل.
– غرناطة في مواجهة الإلحاد : اليقين في شرح _النور المبين لابن جزي الغرناطي، 693-741هـ
– السلفية في المغرب ودورها في محاربة الإرهاب.
32 سنة قضاها بين طلب العلم ونشره مع اعتلال بدني، وصعوبة الحركة والتنقل، رحم الله أبا عبد اللـه وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله ومحبيه وطلبته الصبر والسلوان.
لابد لنا معشر طلاب العلم أخذ العبر والعظات من وفاة أهل العلم والفضل، فمما يستفاد من سيرة أخينا الشيخ حماد رحمه الله:
– رغم الإعاقة البدنية كانت له همة وجلد عجيب في طلب العلم ونشره، فهو حجة على كل صاحب صحة من طلاب العلم
– كان يشتغل على المتاح ثم بعد ذلك يفتح عليك الفتاح سبحانه وتعالى
– أهمية ربط العلاقات والانفتاح على شرائح المجتمع في تعزيز سيرك الدعوي وفق ضوابط الشرع
– أهمية الارتباط بأهل العلم الأكابر سلامة من الانحراف العقدي والمنهجي والسلوكي
– نشر العلم إلقاء وتأليفا هو ولدك المخلد، فالشيخ حماد لم يرزق الذرية، لكن ترك آثارا حميدة في ميزان حسناته
– أهمية الزوجة الصالحة على سير وعطاء الداعية إلى الله، فقد هيأ الله له امرأة قل نظيرها في هذا الزمن، تزوجته رغم العلل وأشدها عدم الحركة، فلله درها ، وبالمناسبة أوجه نداء إلى إخواننا وأخواتنا : هذه السيدة أختكم، إكرامها قيام بحق أخيكم الشيخ حماد الذي كان بالله ثم بالفضلاء منكم.
– من البر بالدعاة إلى الله الذين رحلوا عنا إلى دار البقاء، إحياء آثارهم وتفريغ دروسهم ونشرها، وقد حاز قصب السبق في هذا إخواننا بالسعودية مع علمائهم ودعاتهم.
– على الدعاة إلى الله العمل على تأسيس المراكز البحثية لنشر تراث علماء قطرنا، وهي التفاتة جميلة في حياة الشيخ حماد حيث أسس مركز بلعربي العلوي للدراسات التاريخية، وهذا لا يتم إلا بمال وإدارة وتقنية
اللهم اجعل ما قدمه الشيخ لدينك وامتك في ميزان حسناته وسببا للفردوس يا أرحم الراحمين.
محبكم حميد العقرة.