سليمان الريسوني يكتب: تفكيك البام..

23 ديسمبر 2017 22:01
"الأصالة والمعاصرة" بعد إلياس العماري.. عودة للمشهد أم مواصلة السقوط؟

هوية بريس – سليمان الريسوني

لأي شيء عاد يصلح الأصالة والمعاصرة؟ فالحزب، بتعبير أول أمين عام له، أصبح منبوذا؟ ليس فقط، وسط المواطنين البسطاء، الذين وقفوا على أن وجوه الحزب المحلية وسلوكاتهم الانتخابية لا علاقة لها بأصالة المغاربة ولا بمعاصرتهم ولا حتى بمعاصرة بديلة، بل أصبح الحزب منبوذا حتى من الجهات التي أسسته ورعته وراهنت عليه، فتبين لها بأن الرهان كان على فرس خُلاسي جميل، لكنه هجين.

فلا “أصلاء” الحزب من الأعيان تعصرنوا وأصبحوا ديمقراطيين، ولا “معاصروه” اليساريون تمخزنوا وصمتوا مثلما يجدر بأي منتمين إلى حزب إداري، بل نقلوا ما يسميه “لينين” بمرض اليسارية الطفولي إلى الحزب، ولننظر كيف أصبحوا ينشرون غسيلهم النتن، ويكشفون حسابات بعضهم ممن كانت تسكنهم أفكار كبيرة وأحلام جميلة، فأصبحوا يسكنون قصورا فخمة ويركبون سيارات فارهة، دون أن يتوقفوا طبعا عن الحديث عن تجربة الحُلم والغبار، مثلما يتحدث الراعي الذي تزوج ابنة الأمير- في قصص عطية الأبراشي- عن سابق عهده بالغنم والمروج.

البام، الآن، وهو ثاني أكبر حزب في المغرب، مفكك وشارد أكثر من أي وقت مضى، فالحزب ليس أكثر من فريق برلماني متضخم بأزيد من مائة نائب، لكنه بدون بوصلة تحدد له اتجاه الريح السياسي، وهذا يظهر في اصطفافاته داخل البرلمان؛ فخلال اختيار رئيس مجلس النواب صوّت الفريق لصالح الحبيب المالكي، أي اصطف مع جزء من الأغلبية ضد جزء من الأغلبية (البيجيدي). وخلال نقاشات استقلالية النيابة العامة – مثلا- وقف في صف واحد مع نواب العدالة والتنمية، مصطفا، أيضا، مع جزء من الأغلبية ضد جزء من الأغلبية (الأحرار).

أما من الناحية التنظيمية، فالحزب أعلن فشل الأجهزة التي انتخبها المؤتمر الأخير، وأسس لجنة بصلاحيات واسعة، منها الإعداد لمجلس وطني سيعيد انتخاب مكتب سياسي جديد ورئاسة للمجلس الوطني غير تلك التي ترأسها فاطمة الزهراء المنصوري، والتي هددها إلياس العماري، الأمين العام المعلق للحزب، بتشتيت عُشها.

لقد تأسس البام في 2008 على فكرتين أساسيتين: الأولى هي أن النسق الحزبي ببلادنا أصبح يشكو من التشتت وضعف الانسجام، ومن العجز عن مسايرة ديناميات التحول التي تعرفها بلادنا في جميع المجالات، وأن البام هو البديل الحزبي الذي من شأنه أن يساير السرعة التنموية التي يتحرك بها الملك الجديد.

والثانية، هي مواجهة الإسلاميين وحزب العدالة والتنمية، بالأساس، بمبرر مسؤوليته عن “دعاوى الكراهية والتوظيف السياسي للدين الإسلامي”. فهل نجح الحزب في أن يكون بديلا متماسكا ومنسجما لحزب الاستقلال والات

حاد الاشتراكي… أم إنه استطاع دحر الإسلاميين من الشارع، وفي المنافسات الانتخابية؟
على العكس من كل ما خطط له، تسبب البام في إضعاف الأحزاب التي أبدت مواقف مترددة منه، خاصة حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، وبالمقابل- وهذا باعتراف عدد من قيادييه- ساهم البام في تقوية حزب العدالة والتنمية الذي انتعش بالمظلومية أكثر من الإنجازات الحكومية.

والحالة هاته، ما مستقبل البام؟

لقد أظهرت كل المؤتمرات الحزبية الأخيرة على أن المغرب بصدد الانتقال من حزب الدولة إلى أحزاب الدولة؛ فكل الأحزاب يتم إلحاقها، بالتساوي، بالقرار المركزي.

لذلك فالأصالة والمعاصرة إما أن يتم تجريده من هوية حزب تطبيق المشروع الملكي، ومواجهة الإسلاميين الذين تكلفت بهم الدولة دون وسيط، وساعدها على ذلك مناخ التراجعات الإقليمية والدولية، وإما أن يتم توزيع برلمانييه، في الانتخابات المقبلة، على باقي الأحزاب، مع إعطاء التجمع الوطني للأحرار حصة أكبر، وتحويله (أي البام) إلى حزب صغير.

في كلتي الحالتين هذا تفكيك له.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M