“سيرٌ لا يُرَى آخره”

04 مايو 2025 00:25

هوية بريس – إبراهيم سهيل

ليست الحياة كما تصورها الأوهام الحديثة معادلات مضبوطة نتائج محسومة وحتميات رياضية تفضي إلى ما يراد متى شغل العقل وقرئ الواقع هذه خديعة حضارية كبرى ألبس فيها الإنسان ثوب الآلة ونزعت منه فطرته وجعل يقيس ذاته ومعناه بمقاييس الحديد والنحاس.

إنك لا تدخل الحياة كما يدخل الجندي معركة يعلم عدد خطواتها ومواقع أعدائه بل أنت تقذف فيها كما يقذف السابح في بحر لا يرى قعره وليست الهداية دائما في اتضاح الطريق بل كثيرا ما تكون في الغبش في الحيرة التي تفضي إلى لجوء وفي الجهالة التي تثمر طلبا واستعانة.

لقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم مهاجرا لا يحمل معه خريطة بل قلبا ممتلئا يقينا وسار موسى ولم يكن يعلم أن في انقطاع الحوت آية ولا أن فتى صالحا ينتظره ليعلمه مما علمه الله وفتية الكهف حين فروا بدينهم لم يحملوا زادا ولا خطة ولكنهم حملوا دعاء وهيئ لنا من أمرنا رشدا.

هكذا الإنسان لا يعرف مصيره لكنه يعرف ربه ولا يملك مفاتيح الغيب لكنه يملك أن يستودع نفسه لمن بيده الغيب فليس ما يقدمك هو الذي ينبغي أن يدهشك ولا ما يخذلك هو الذي ينبغي أن يقعدك إنما هي تقلبات حكمة وسنن ربانية لا تدركها الحسابات الباردة.

دع عنك وهم السيطرة ووهم التخطيط المحكم الذي لا مكان فيه للقدر فما كان الإنسان يوما رقما في آلة بل هو روح تفتش عن المعنى وقلب يضطرب بين الرجاء والخوف وعقل يتقلب بين الظن واليقين.

امض في الطريق كما سار من قبلك بخوف وطمأنينة بحذر ويقين بثقة في وعد الله لا في هندسة المسير فإن أوصلك بفضله وإن أوقفك فلتتعلم.

والله يتولى الصادقين إذا صدقوا.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
9°
19°
الثلاثاء
19°
الأربعاء
19°
الخميس
20°
الجمعة

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M