صورة من صور الغبن الفاحش!

هوية بريس – د.عبد الحميد بنعلي
أقارن هنا بين (الكُتّاب – حلقات القرآن – المسيد) وبين (روض الأطفال).
الأجيال القديمة: بداية من جيلي أنا ومن قبلي، لم نعرف شيئا اسمه روض الأطفال، كان روضنا هو (المسيد) حيث الشيخ المعمم محفظ القران بهيبته وأناقته وحزمه وصرامته، يعلمك مبادئ الاسلام، وقواعده، ويمرنك على خط الحروف، وأبجديات الحساب، وبين الحين والحين يتحفك بقصة تربي فيك الخصال الحميدة.
لا تلبث إلا يسيرا حتى تكون قد تعلمت الكتابة ورسم الحروف، وحفظت شيئا غير قليل من سور القران لكريم. (لقد حفظت على يد معلمي – حفظه الله- نصف القران الكريم (من الناس إلى سورة الانبياء) وأنا لم أتجاوز السابعة).
هذه السور تكسبك المهارات الأولية للغة العربية الفصيحة، وتعلمك الكثير من المبادئ والقيم التي تنطوي عليها.
يتفاجأ الأهالي بطفلهم أو طفلتهم وقد تعلموا الأدب الجم، يلقون التحية عند الدخول والخروج، ويقبلون رؤوس والديهم، ولا يفترون عن مراجعة السور خوفا من سوط الشيخ.
والأهالي أنفسهم معظم النهار هم في راحة من شغب هؤلاء الأطفال، يرسلونهم في الصباح ويستقبلونهم في المساء حيث لا يمكثون إلا يسيرا حتى يؤويهم الفراش!
ومع كل هذه الفوائد التي يجنيها الاطفال وأهاليهم، فإن أجرة هذا الشيخ لا تساوي ربع ما يتقاضاه معلم او معلمة روض الاطفال.
وهذه صورة من صور ظلم المجتمع.
إذا نظرنا إلى (روض الأطفال) نجد الشكل دون المضمون، الزخرفة دون المتانة، البهرجة دون تحصيل، لقد جلس ابني عبد الملك حولين كاملين في هذا الروض، ولكن ما تعلم إلا على يد أمه!! لم يستفد شيئا على الاطلاق من ذلك الروض.
وهذه (المحلات التجارية) التي تسمى رياضا مهلكة للأطفال برامجها مليئة بما لا فائدة فيه، يعلمون الطفل ما تكفل الزمان بتعليمه إياه، (هذا بابا، هذه ماما، هذا باب هذه نافذة) فبالله عليكم هل رأيتم أميا جاهلا لا يعلم أن هذا أبوه وهذه أمه، وهذا باب وهذه نافذة؟!!
خلاصة الأمر: يجب على الناس أن يكافحوا من أجل عودة (المسيد – الحلقات) هي والله الضمانة الأكيدة للتعليم الجيد والمستقبل المشرق، ومن دونها لن تتجاوز معارف طفلك أنك أبوه وأن زوجتك أمه.