عبد الرحيم بوعبيد في “كلام في السياسة”

16 يناير 2025 19:47

هوية بريس – سعيد الغماز

قبل الخوض في رسائل الحلقة الرابعة من “كلام في السياسة” نورد ملاحظة منهجية حول الصحافة. عندما يقوم الصحفي بعمل متميز يلقى إقبال الجمهور، نقول عنه إنه قلم متميز، أو صاحب قلم متمكن. لكن مع “كلام في السياسة”، تحول القلم إلى كلام، فهل بلاغة الكلام، يمكنها أن تتغلب على تعبير القلم؟ ننتظر لنرى. لكننا مع “كلام في السياسة” سنبدع مصطلحا جديدا، يعوض مصطلح صاحب القلم، فنستعمل توصيف “القلم الناطق”، ما دمنا نتحدث عن قلم في عالم الصورة والكلمة.

ارتأى بوعشرين في هذه الحلقة الرابعة من قلمه الناطق، أن يُحرج أسرة اليسار من ناحيتين: الناحية الأولى متعلقة باستحضاره لذكرى وفاة عبد الرحيم بوعبيد رحمه الله، التي تصادف 8 يناير. وهي الذكرى التي تجاهلتها أسرة اليسار، أو استحضرتها بشكل محتشم لا يرقى لمكانة الراحل. والثانية بتذكير مشايخ اليسار بمواقف الراحل، وأين هي الآن؟ وخاصة قَسَم المرحوم عبد الرحمان اليوسفي في جنازة بوعبيد والذي قال فيه ” قسما يا أخي عبد الرحيم، إننا لجهادك لمواصلون، وبما ضحيت من أجله لمتشبثون، ولتراثك النضالي لحافظون”.

لم يكتف صاحب القلم الناطق بهذا القسم، بل أراد المزيد من الإحراج، لأسرة اليسار، فذَكَّر بمقولات الراحل “المقاعد لا تهمنا” ثم أضاف مقولته “يريدون للعبة الديمقراطية أن تبقى لعبةً للإلهاء، أما نحن سنجعلها لعبة جدية … جدية تماما”. فهل يفهم شيوخ اليسار ما قاله القلم الناطق، أم أن بوعشرين وجب عليه أن يرجع إلى القلم المكتوب.

لم يكتف القلم الناطق بهذه المقولات للزعيم اليساري، بل استحضر كذلك مقولات أخرى للراحل، وكأنه يريد الإمعان في إحراج القيادة الحالية للحزب الذي أسسه بوعبيد، فجعل لهذه الحلقة من “كلام في السياسة” عنوانا لمقولة عبد الرجيم بوعبيد حين تمسك بموقفه من قضية وطنية، وقال في محاكمته “السجن أحب إلي مما يدعونني إليه…”. لكن القلم الناطق، توقف عند هذا الحد. وربما لو كان القلم المكتوب هو المتحدث، لأكمل الكتابة وقال إن مقولة بوعبيد في محاكمته، أصبحت مع القيادة الحالية لحزبه تقول “القرب من السلطة أحب إلي مما تدعوني إليه الجماهير”…من يدري؟ والجملة تعبير جديد للقلم الناطق.

لكن نبرة القلم المكتوب، انتقلت إلى القلم الناطق لبوعشرين حين نطق وقال “ما هو مآل حزبه بعده، تلك حكاية أخرى، ملخصها أن القسم الذي حلف به اليوسفي فوق قبر بوعبيد، في مقبرة الشهداء، لم يذهب مع الأسف، مع جل نخب الحزب إلى فيلاتهم وبيوتهم ومكاتب دراساتهم ومقرات حزبهم وأحلامهم”. إنها نبرة القلم المكتوب تنتقل بصيغة جديدة للقلم الناطق.

قبل حديثه عن سيرة الزعيم اليساري، وجه القلم الناطق، أسرع رسالة لا يمكن للقلم المكتوب أن يكون أكثر سرعة في التعبير. هي رسالة كانت أسرع من البرق حين قال في مستهل هذه الحلقة الرابعة “لنعبر إلى موضوعنا الأول، ونترك القافلة تمشي…” لم يضف توفيق بوعشرين، بقلمه الناطق، ولو كلمة واحدة، لكن الرسالة وصلت “والفاهم يفهم”. الرسالة ليست منشورة في جريدة، وإنما هي في مواقع التواصل الاجتماعي، التي نشرت فيديوهات مسيئة. وكأن حال الرجل يريد أن يقول، كل إساءة يكون الرد عليها بمثلها، المقال بالمقال، والفيديو بالفيديو.

ارتآى القلم الناطق في هذه الحلقة من “كلام في السياسة” أن يَعْبُر الحدود ويقطع البحار، ويحط الرحال في الولايات المتحدة الأمريكية. فتحدث عن ترامب في السلطة وتحالف السلطة بالمال بين ترامب وإيلون ماسك. هذا الأخير وصف الرئيس الأمريكي بأكبر محتال سنة 2016، وأصبح مرحبا به في قصور ترامب في الوقت الحالي، بل أصبح له لقب جديد “العم إيلون”. لكن القلم الناطق يعتبر أن زواج المال بالسلطة سيكون فيه “المستقبل يحمل المزيد من الأصفار على اليمين لإيلون ماسك”. هكذا يفهم صاحب “كلام في السياسة” مستقبل العالم مع رئاسة ترامب لأمريكا.

هذا الكلام يفتح شهية الحديث عن تأثير حكم ترامب على بلادنا، وحكاية زواج المال بالسلطة. رجل السلطة الأقوى يتحالف مع رجل المال الأذكى، والرجلان معا يشكلان تحالف المال والسلطة في الولايات المتحدة الأمريكية. لكن هذا التحالف تطور في بلادنا وبلغ درجة الزواج وليس التحالف فقط. إنه زواج المال بالسلطة الذي وصل إلى بلادنا قبل أمريكا. لكن أمريكا تجسد فيها هذا التحالف بين المال والسلطة في “العم إيلون”. فمن هو “العم” في المملكة المغربية.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M