عري الشواطئ يحرم أسرا مغربية من حقها في الشواطئ والاصطياف

هوية بريس – متابعات
مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، تزداد مظاهر التخفف من اللباس بشكل لافت في الشوارع والأسواق والمصايف، حتى صار العري شبه معلن في عدد من الشواطئ والمنتجعات المغربية، وتحوّلت بعض الفضاءات العمومية إلى عروض مفتوحة لموضات غربية لا تمتّ بصلة لقيم المجتمع المغربي وثقافته الإسلامية.
فالمحلات التجارية الكبرى والعلامات العالمية المستقرة في المغرب تُسارع مع بداية الصيف إلى عرض تشكيلات من الألبسة “العصرية” الكاشفة للعورات، في مشهد يعكس غياب أي وازع أخلاقي أو ضوابط رقابية، إذ لا تحكم هذا السوق إلا قاعدة الربح التجاري الخالص. أما عن النساء والفتيات، فقد انساقت شريحة منهن وراء هذا الخطّ دونما وعي أو اعتبار لحدود الشرع والحياء، متذرعات بحرارة الجو، وكأن كشف العورات هو الحل الوحيد لمواجهة حرّ الصيف!
والواقع أن هذه الموجة من التعرّي والتبرّج المفرط ليست مجرد خيارات فردية بريئة، بل هي نتيجة حملة متواصلة من التغريب الثقافي والتأثير الإعلامي، تقودها قنوات تلفزية ومنابر إعلامية ومواقع إلكترونية تسوّق لنموذج المرأة الغربية المتحللة، وتقدّم المغنيات والممثلات العاريات كنماذج يُحتذى بهن.
في هذا السياق، تجد الأسرة المغربية المحافظة نفسها محرومة من حقها في الاستمتاع بالعطلة الصيفية، إذ لا تكاد تجد شاطئا خاليا من مظاهر التبرج الفاحش والاختلاط المريب. الشواطئ الآمنة أصبحت نادرة، والبحث عن فضاء بحري يحترم الخصوصية الشرعية والعفة بات جهدا صعبا، وربما محفوفا بالمخاطر، خصوصا مع انعدام الأمن في بعض المناطق المهجورة.
وما يزيد المشهد سوء، أن العري في الشواطئ والمصطافات لا يقتصر على الملابس الفاضحة فقط، بل يواكبه أحيانا استهلاك مكشوف للخمر، وتعاطي القرقوبي والمخدرات، ووقوع حالات تحرش وسباب وعنف جسدي ولفظي في صفوف بعض المصطافين، مما يُحوّل هذه الفضاءات من أماكن للراحة والاستجمام إلى مناطق ملوثة أخلاقيا.
قديماً، لم يكن هذا حال شواطئ المغرب. ففي ستينات القرن الماضي، كانت المصايف تُقسَّم بحسب الجنس: شواطئ للنساء وأخرى للرجال، ضمن احترام تام للقيم الدينية والاجتماعية. أما اليوم، فقد ذاب الفاصل، وتراجع الشعور بالحياء، حتى أصبح “الاحتشام” حالة شاذة تستدعي التهكم أو الاستغراب.
إن التحوّل الأخلاقي الخطير الذي أصاب المجتمع المغربي، خاصة في المجال المتعلق بالستر والعفاف، هو تحوّل ممنهج، له روافده في التعليم، والإعلام، والسياسات الثقافية والفنية، ويهدف – بشكل واضح – إلى إعادة صياغة منظومة القيم المجتمعية وفق مقاييس مستوردة، لا علاقة لها بهوية الأمة.
بل الأخطر من ذلك أن الدعوة للستر والحشمة باتت تُتهم بالتشدد والانغلاق، وأصبح كل صوت يرفض هذه المظاهر الشاذة يُصوَّر كعدو للحرية الفردية ومهدّد للنموذج الحداثي المزعوم. في المقابل، تتوارى المؤسسات التربوية والدينية عن المشهد، وتغيب الحملات التوعوية الرسمية، بل ويتم التضييق على المبادرات الهادفة لاسترجاع فضاءات عامة تحترم هوية البلد.
إن العري ليس حرية، بل عبودية جديدة، تُسلب فيها المرأة من كرامتها وتُختزل في جسدها، بينما يُصوَّر لها ذلك على أنه تحرر! والحقيقة أن المرأة الحرة لا تُمتهن، ولا تُعرض للعيون، بل تُصان، وتُحترم، وتُكرَّم بالستر، لا بالكشف والتعري.