في إطار “خطة تسديد التبليغ”.. وزراء يحاضرون بالمجلس العلمي الأعلى

09 فبراير 2025 17:43

هوية بريس – متابعات

عقد المجلس العلمي الأعلى، اليوم الأحد 9 فبراير 2025، لقاء تواصليا في العاصمة الرباط، حول مشروع “خطة تسديد التبليغ”.

وقد حضر اللقاء عدة شخصيات، ضمنهم وزير التربية الوطنية سعد برادة، وفوزي لقجع الوزير المنتدب المسؤول عن الميزانية، وزينب العدوي رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، ومحمد عبد النباوي، الوكيل العام للملك ورئيس النيابة العامة، وفيصل العرايشي المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة. كما حضر أيضا رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني، وادريس الضحاك الأمين العام للحكومة السابق.

من جهته، ألقى محمد عبد النباوي، كلمة حول دور القضاء في التنمية ودور المجتمع في إقامة العدل.

وشدد عبد النبوي خلال كلمته على أن الأمن والاستقرار داخل المجتمع مرتبط بما يحققه نظام العدالة من ظروف الأمن وحماية الأشخاص والممتلكات ورعي المصالح الاجتماعية. وقد يتأتى تهديد هذه المصالح من طرف الأفراد، أو من طرف المجموعات الاجتماعية، بل وقد يتجلى في بعض تصرفات السلطات العمومية نفسها، إذا كانت مخالفة للقانون.

ووجه ذات المتحدث إلى أن الله تعالى يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن وأن ضياع الأخلاق من سلوكيات المجتمع له تأثير قوي على تصرفات الأفراد، وعدم استحضار العقيدة بمناسبة تصرفات الفرد داخل المجتمع له أكبر تأثير على السلوك المجتمعي.

كما عرج عبد النبوي على دور الوعاظ والدعاة في إحقاق العدل وذلك حين يخاطبون القضاة بما أَمَرَ بِهِ الله ورسوله، حتى يستنهضوا فيهم قيم العدل وخصال الإنصاف. وينهون عن الظلم والرشوة. ويذكرون بقول الله سبحانه وتعالى: “يا أيها الذين آمنوا كونوا قوَّامِينَ لله، شهداءَ بالقِسط”.

ولا يجرمنَّكُم شنآنُ قومٍ على ألاَّ تعدلوا. اَعدِلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبيرٌ بما تعملون” (الآية 8 من سورة المائدة)؛

وبقوله تعالى في سورة البقرة (الآية 188) : “ولا تأْكلوا أموالكُم بينكم بالباطِل وتُدلُوا بها إلى الحكامِ لتأكُلوا فريقاً من أموالِ الناس بالإثم وأنتم تعلمون“.

وبقوله سبحانه في سورة النساء (الآية 58)، : “إن الله يأمركُم أن تؤدُّوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكُمُوا بالعدلإن الله نِعمَّا يعظُكم به، إن الله كان سمعياً بصيراً“.

ويمكنهم كذلك مخاطبة الخبراء والشهود ومحرري المحاضر وتذكيرهم بقوله تعالى في سورة الأنعام (الآية 152) : “وإذا قلتم فاعدلوا، ولو كان ذا قربى“.

وبقوله جل جلاله في سورة الطلاق (الآية 2) : “وأقيموا الشهادة لله“.

وفي الآية 135 من سورة النساء : “يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامينَ بالقِسط شهداءَ للهِ ولو على أنفسكُم أو الوالدينِ والأقربينَ“.

كما يمكنهم حتَّ الناس على عدم كتمان الشهادة مصداقاً لقوله تعالى في الآية 283 من سورة البقرة :
ولا تكتموا الشهادة. ومن يكتُمها فإنَّهُ آثمٌ قلبُه“.

ويُوصون الناس بإقامة حججهم حتى إذا وقع نزاع استدلوا بها أمام المحاكم، تنفيذاً لقوله تعالى : “وأشهدوا إذا تبايعتم. ولا يُضَارَّ كاتبٌ ولا شهيد” (البقرة 282).

ولعل بعض الناس قد ينسَاقُلتذكير العلماء والواعظين له، بقوله تعالى : “يا أيها الذين آمنوا، أوفوا بالعقود” (المائدة 1).

ولقوله سبحانه : “فإن أَمِنَ بعضكُم بعضاً فليؤدِّ الذي أؤتَمن أمانَتَهُ، وليتق الله ربه“(البقرة 283).

ففي مثل هذه الآيات، وما يماثلها من الذكر الحكيم وما يقابلها من السنة النبوية الشريفة ومن أثر العلماء وفقهاء الأمة من السلف الصالح، وكذلك ما ترسخ لدى المجتمعات الإسلامية من أخلاق إسلامية تتعلق بالمعاملات والعلاقات المجتمعية، تذكير للمسلمين بما يفرضه عليهم دينهم من قيم ومبادئ تحكم علاقتهم ومعاملاتهم. ولذلك فإن التذكير بها من قبل العلماء والفقهاء والوعاظ والمرشدين والدعاة قد يُقَوِّم سلوك بعض الناس، فينعكس ذلك على موقفهم أمام القضاء إذا تقاضوا أو إذا دعوا للشهادة، يضيف عبد النبوي.

من جهته انصب تدخل فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، على مناقشة موضوع التنمية والغش.

وقال لقجع: “في ما يتصل بموضوع الندوة، أريد أن أشير إلى أن هدف الاشتغال على حقوق التنمية يتمثل ببساطة في الارتقاء بالمعيش اليومي للمواطنين، من حال إلى حال أفضل، تتحقق فيه كرامة الإنسان أولًا، ويتعزز فيه وضع بلدنا بما يتماشى مع مسار التطور العالمي ومراكز تقدمه، على اعتبار أن تحقيق مكانة آمنة ومحترمة أمر ضروري”.

وأوضح لقجع أن التنمية البشرية يجب أن تكون إحدى الأولويات، إن لم تكن الأولوية المطلقة، ما يستوجب النظر إليها كمشروع وطني تتضافر فيه جهود جميع مكونات الدولة والمجتمع، كلٌّ من موقعه ووفق تخصصه. وأضاف أن المجتمع، سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات، يتأثر بنوازع روحية متباينة، ما يجعل التعامل مع تحدياته اليومية يتطلب حضورًا قويًا.

وأفاد أن التنمية البشرية وموقعها ضمن التنمية بشكل عام يظلان موضوعًا إشكاليًا من حيث المبنى والمعنى، باعتبارها مفهومًا واسعًا وشاملًا لا يختزل في أبعاد محددة أو مواصفات واضحة. فما قد يُعتبر تنمية في سياق معين، قد يُنظر إليه بعكس ذلك في سياق آخر. وبنفس درجة الاختلاف، التي قد تصل إلى حد التناقض، تتباين زوايا النظر بين الدول والبلدان بشأن هذا الموضوع، ليس لمجرد الجدل، بل لضرورة مقاربة التنمية البشرية كنقطة انطلاق نحو فهم أعمق للذات الفردية والجماعية.

وأضاف أن التنمية هي مسألة نماذج، حيث يمتلك كل نموذج مرجعية ومنطلقات ونتائج وانعكاسات خاصة به. فالمنظومة الاقتصادية والاجتماعية تشكل إطارًا يوجه مسار التنمية بشكل عام، بما في ذلك التنمية البشرية. ومع ذلك، من الخطأ الاعتقاد بأن هذه المنظومة وحدها هي المحدد الرئيسي لطبيعة التنمية ومستواها، إذ يوجد عامل حاسم آخر يتمثل في ثقافة المجتمع، أو بالأحرى ثقافاته المتعددة، التي تتجلى في سلوكيات فردية أو جماعية، سواء كانت شائعة أو محدودة الانتشار، والتي تمتلك تأثيرًا قويًا على مسار التنمية، سواء بشكل إيجابي أو سلبي، وفقًا للظروف والسياقات المختلفة.

وأشار إلى أن هذا الجانب يُعد بالغ الأهمية، إذ يمكن أن يشكل، في بعض الحالات، قوة دافعة تعزز المجهود التنموي للدولة، بينما قد يتحول، في حالات أخرى، إلى عامل كبح يعرقل هذا المجهود. وأوضح أن مصطلح “الوازع” في اللغة العربية يحمل معنيين متقابلين، فهو يدل على الدفع، من جهة، وعلى الكبح، من جهة أخرى.

وتابع قائلًا إننا أمام سلوك قد يكون ظرفيًا مرتبطًا باللحظة، وبالتالي عابرًا، أو قد يكون سلوكًا ناتجًا عن ردود أفعال، أو حتى سلوكًا متجذرًا يرتبط بمنظومة قيمية راسخة. وهذا يعني أننا إزاء واقع معقد يستوجب أدوات تحليلية تساعد في فك شفرات ما يجري، وتمكننا من حسن اختيار الأساليب وأشكال التدخل المناسبة بمختلف تجلياتها.

كما أشار لقجع إلى أن الأهمية القصوى للتدخل العلمي تظهر في ضرورة تجسيد وازع القرآن في إطار التدبير، بهدف تأطير الفهم، من جهة، وتوسيع مجال مضامين قيمة العدل من جهة أخرى. فحتى لا يبقى النظر للعدل مقتصرًا على المظلومية كما قد يرى المواطن البسيط، يجب تقديمه كمنظومة واسعة قد يشكل فيها ذلك المواطن البسيط عنصرًا من عناصر تقويم العدل الذي يدخل في خانة الغش والجشع، كحالة من حالات السطو على حقوق الآخرين. وعلى هذا المنوال، يمكن اعتبار العديد من الأمور في حاجة لتدخل العلماء لتأصيل السلوك المضاد، استنادًا إلى مضامين القرآن الكريم.

واختتم حديثه قائلًا: “هذا، علمًا أن البعد التربوي لوازع القرآن في التنمية وتقويم السلوك لا يوازي وازع السلطان من حيث الفعالية، ذلك لأنه مهما كانت قوة المؤسسات والقوانين، يبقى دائمًا في حاجة إلى مرتكزات قيمية وروحية. وهذا ما جعل البلدان الأكثر تقدمًا والأكثر امتلاكًا لآليات دقيقة وفعالة للضبط، تستحضر الأبعاد الروحية والدينية في الحياة السياسية، بغض النظر عما إذا كان للدولة دين رسمي أم لا”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
13°
15°
الإثنين
15°
الثلاثاء
17°
الأربعاء
19°
الخميس

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M