لهنا يكتب: قلوب بلا رحمة…

هوية بريس – د.زهير لهنا
يمكن للإنسان أن يخوض حرب، أن يكره عدوه، أن يطلب الانتقام فكل هذه المشاعر جزء من الطبيعة البشرية، وقد تؤدي إلى سلوكيات عنيفة بدرجات متفاوتة من الانضباط.
لكن أن تتجسد الكراهية بهذا الشكل لدى شباب مدججين بالسلاح، فهذا يعد من سمات الاعتلال النفسي الجماعي.
في بيئة زرعت فيهم عقدة التعالي والاحتقار، تقع صدمة كبرى: هجوم في 7 اكتوبر يخلف مئات القتلى والأسرى. تلي ذلك موجة من الأنباء التي تبين لاحقًا أنها كاذبة، نُشرت لتصنع من الكراهية ذروتها، وتوقظ رغبة هائلة في الانتقام، وتدفع جماعات بأكملها إلى التطرف. كقطع رؤوس أربعين رضيعًا أو حدوث اعتداءات جنسية اتّضح أنها ملفقة لكن الأذى قد تم: لقد تحقق الهدف المبتغى: إثارة موجة من التعاطف والتضامن الدولي، وشيطنة الآخر.
اطلقوا مصطلحات: «إرهابيون» يجب التخلص منهم، وشعب يستحق العذاب، لا مكان للرحمة ولا للشفقة.
وقد تردد هذا الخطاب على ألسنة عدد من المسؤولين السياسيين والدينيين دون أدنى تردد.
واليوم، بعد تحرير جميع الرهائن الإسرائيليين ونحو 1700 رهينة فلسطينية ظلّوا محتجَزين لنحو عامين دون محاكمة، سمعنا شهادات صادرة فور الإفراج عن بعضهم، ورأينا أحوالهم الجسدية المتدهورة، ناهيك عن الصدمات النفسيةالعميقة التي يعانونها.
كما أن اكتشاف عشرات الجثث التي قتلت تحت التعذيب يُشعر بالغضب وكأن الانسانية تلفظ آخر انفاسها.
يُطرح هنا سؤال إنساني: كيف يمكن لشباب كامل مُجند تحت لواء أيديولوجيا تروّج للانتصار أن يخوض مسارا انتحاريًا بهذا الحجم؟
وكيف يقبل شعب مثقل بتاريخ مؤلم بارتكاب مثل هذه الفظائع؟
ستترك هذه الجرائم ندوبًا لا تُمحى، وتبعد العالم أكثر فأكثر عن السلام تلك الكلمة التي فقدت معناها على أيدي قادة تبلدت ضمائرهم ومشاعرهم.



