ما هو السبب الرئيسي وراء “رقمنة النقود”؟

هوية بريس – د.محمد طلال لحلو

في أوروبا صار من سابع المستحيلات في بعض الدول أن تمضي يوما عاديا واحدا بدون أن تجبر على استعمال النقود الإلكترونية بالهاتف أو البطاقة.

السبب الرئيسي وراء رقمنة النقود هو سبب ضريبي. فمع الرقمنة، تصبح كل معاملات الفرد متبوعة وكل ما يدخل أو يخرج من محفظته تحت المجهر ورحمة السلطة الضريبية، علمه من علمه، وجهله من جهله. وهذا يمكن من زيادة الضرائب التي تدخل خزينة الدولة. ويصير الحساب البنكي تحت مراقبة آنية للذكاء الاصطناعي الذي يتبع كل التحويلات التي تدخل في معايير معينة. ويصير الحساب تحت قبضة السلطة المالية حيث تستطيع تجميده بشكل آني وهذا ما عانى منه ملايين الأوروبيين مما دفعهم للبحث عن بنوك أو حسابات بديلة، في أبناك تكون أصغر عموماً. وفي بعض الأحيان بعد تجميد الرصيد يعطى لصاحبه الحق في شراء طعامه اليومي فقط مع العلم أن ذلك المال ماله. لكنه مجمد.

أما في الصين التي تعتبر أقل حرية من أوروبا، فالسلطة تشدد الرقابة حتى على بعض الفئات التي لا تتفق مع توجهات النظام مثل بعض الصحفيين الذين تمنع حساباتهم من شراء تذاكر قطار أو طائرة حتى لا يسافر، وفئات أخرى يعتبرون من المواطنين السيئين. وفي أروبا يقع هذا كثيرا مع المسلمين وجمعياتهم وشركاتهم ومؤسساتهم. وهذا من تداعيات الدولة الحديثة التي تحب أن تعلم كل تفاصيل حياة مواطنيها.

هذا التوجه نحو الرقمنة التامة يطرح تساؤلات منظمات سياسية كثيرة وسياسيين بأروبا وأمريكا وترتفع ضده أصوات كثيرة.
أما من الناحية العملية فيثير تحفظات من جهات عديدة.

أولها الأعطاب التقنية التي لا تخلو منها منظومة، علماً أن المؤسسات المالية عادة ما تتعهد بأقل من 0.2% من الأعطاب. هذا يعني عطب لكل 500 مستخدم كمعدل. لكن قد تقع 0.2% على شخص في وضع حرج مثل احتياج عملية حراحية أو شراء دواء مستعجل أو دفع دين مستعجل أو أي عملية مصيرية مستعجلة، التي إن لم يكن لديعهفيها النقد غير الإلكتروني، ووقعت الجمعة مساء مثلا، فسيضطر لانتظار ساعات أو أيام. وهذا ما وقع للملايين لما تعطلت أنظة بنوكهم. بل وقع لمطارات وطائرات وأبناك لما توقفت أنظمة ماكرسوفت وخدماتها السحابية.

عموماً هذه الرقمنة تطرح كذلك تساؤل الأمن المالي والمعلوماتي في ظل تزايد اختراقات المواقع الإلكترونية والاختلاسات الرقمية والنصب الذي انتشر عبر الإنترنت. ناهيك عن تغلغل الشروط الربوية بشكل أكبر في عقود اشتر الآن وادفع لاحقا والقرض المجاني المزيف الربوي اللذان انفجر الإقبال عليهما مع رقمنة النقود.

ما هي التساؤلات والمخاطر المتعلقة برقمنة النقد في رأيك؟