مع الشيخ عبد الله كنون -رحمه الله- والقضية الفلسطينية

10 مايو 2025 14:48

هوية بريس – محمد عوام

اصطحبت معي كتاب (جمهرة مقالات العلامة عبد الله كنون) إلى باديتنا في شمال المغرب جبالة رضي الله عنهم، وهي تسعون مقالة حول فلسطين والمسجد الأقصى، جمعها الأستاذ أحمد عطوف جزاه الله خيرا.

هذه المقالات تعبر بصدق عن اهتمام علماء المغرب بالقضية الفلسطينية، أيام كانت كلمتهم مسموعة، ومواقفهم مقدرة، وغيرتهم على أمتهم حاضرة، فلم يلينوا، ويستكنوا، ويركنوا ويخنعوا. فكانت تصدر عنهم البيانات والمقالات والمؤلفات نصرة للقضية الفلسطينية والمسجد الأقصى، وحث “القادة” على تحريرهما من قبضة الصهاينة المعتدين.

لكن خلف من بعدهم خلوف أضاعوا الأمانة، واستسلموا للدعة والإهانة، ورضوا لأنفسهم بأن يكونوا مع الخوالف، فلا تكاد تسمع لهم همسا، ولا لحركتهم ركزا. فها هي غززة تباد وتحرق، وتطوق وتجوع، وهم في صمت مطبق. فحتى خطبتهم الموحدة “المسددة” حسب زعمهم، بخلت عليهم بالدعاء، فضلا أن تسهب في الحديث عن معاناتهم ومأساتهم.

أما آخرون منهم، فقد تفننوا في شرح المتون، ولو بإعادة المكرور، وترديد المقول، ولكن لا تجد للقضية الفلسطينية والوطنية في كلامهم سبيلا، فيفرون منها فرار الطريدة من الصياد، والصحيح من المجذوم.

هذا هو حال العلماء اليوم، لا مواقف مشرفة من التطبيع المشؤوم، ولا نصرة لفلسطين ومقاوميها، ولا حتى الدفاع عن الوطن من التمدد الصهيووني. يتفرجون على عربدة العملاء والخونة حمير الصهيوونية، يفسدون الوطن، وكأنهم في جزيرة معزولة.

وأنقل إليكم أيها الأفاضل مقتطفا من مقالة ماتعة وقوية للشيخ عبد الله كنون رحمه الله، وجهها إلى قادة العالم العربي والإسلامي، بعنوان (أيها القادة لا تتورطوا)، جاء فيها: “بما أن الشعوب الإسلامية والعربية في جميع أنحاء المعمور، سواء كانت متحررة أو خاضعة لسلطة أخرى، لا تسلم في شبر واحد من أرض فلسطين،… فاحذروا أيها القادة من التورط في أي اتفاق أو مفاوضة، فردية أو جماعية، مهما كان الضغط الخارجي، أو الباعث التلقائي، ولتعلموا أن كل تعلل أو تبرير لوضع حل من الحلول الاستسلامية، أو قبوله من أي جهة، إنما يعتبر عند عموم العرب والمسلمين ضعفا منكم وتخليا عن الواجب الذي يعرفه الجميع، ولا يستسيغ التنازل عنه بحال من الأحوال…

فإن إخواننا برغم ما يعانون صابرون وثابتون وللعهد حافظون، والإخوان في منظمة التحرير إن أظهروا بعض اللين من جراء السأم وطول الأمد (يتحدث عن منظمة التحرير أيام كانت مقاومة قبل أن تصير متخاذلة وإن مما تعرفون) فحقكم أن تشجعوهم وتقووهم وتمدوا إليهم يد المعونة بأكثر مما تفعلون، وتشدوا عضدهم بالمال والسلاح والمتطوعة من رجال الحرب والقتال وشباب التضحية والفداء، كما تفعل بعض الدول الغربية بمناصرة اليهود..”.

واذكروا سماحة المفتي وعبد القادر الحسيني وعز الدين القسام وأحمد الشقيري، وعشرات الرفقاء الذين ماتوا أو استشهدوا أو صفوا جسديا في سبيل القضية المقدسة. “والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون“.

هكذا كان علماؤنا الأبرار، وهذا مسلكهم حيث ساروا على مهيع الأخيار، فما غيروا ولا بدلوا، فهل سيقتفي أثرهم، وينهض بمهمتهم خلوف اليوم أم سيخذلونهم، ويتنكروا لآمانتهم وعهدهم، حتى تغرق السفينة من جراء التطبيع والصهينة، التي تحدث بها كل يوم ثقبا تلو آخر.

إنكم يا علماء المغرب، وعلماء الأمة مسؤولون دينيا وأخلاقيا وتاريخيا، فأعدوا الجواب، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

والله المستعان.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
19°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M