مغالطة تسميم البئر!

27 نوفمبر 2020 21:18
التعاطي المفرط مع الأخبار الإجتماعية عبر السوشيال ميديا يهدد السلامة النفسية للمواطنين

هوية بريس – مصطفى بوحسين

من المغالطات التي ستصادفها كثيرا عند استماعك لنقاشٍ معرفي حول الإسلام أو بعض الشبه حوله، أو استماعك إلى عرضٍ سياسي ما في سياق الصراع بين الخصوم؛ مغالطةُ تسميم البئر، فما المراد بها؟ وكيف يمكنك الانتباه لها وعدم الوقوع ضحية بين مخالبها؟

مغالطة تسميم البئر هي أن يبدأ المتحدث كلامه حول موضوع معين بتشويه مصدره وإعطاء صورة سلبية قاتمة السواد حوله بشكل غير مباشر قبل الدخول في ذكر فكرة المصدر وعرضها، بحيث أنه إذا تمّ تشويه المصدر في البداية قبل ذكر الموضوع سيتشكل لدى المستمع في ذهنه أن ما سيأتي إيراده في الموضوع ليس صحيحا، ،وأن الصواب ما يقوله المتحدث الآن ويتبناه!.

وغالبا ما يبدأ صاحب هذه المغالطة كلامه بعبارات متشابهة في كل الأحول التي يعتمد فيها على هذه المغالطة، مثل : “إن الأحمق هو الذي يرى كذا” أو “من العنصرية أن تقول كذا” أو “من الغباء أن تكون مؤيدا لمن يقول كذا” أو “إنه لمن الغريب والمؤسف حقا أن يكون نمط تفكيرك موافقا لمن يقول كذا” أو “من الأفكار من المتطرفة أن تقول كذا”… الخ.

فأنت تلاحظ الآن كيف أن هذا المخادع قبل أن يدخل في الموضوع يقدم بين يديه عبارة سامة تزعزع ثقة المتلقي فيما يقول أو يتبنى، وبهذا قد يجد المستمع نفسه في حالة من الحرج أو الخجل من التصريح بتبني ذلك الموقف أو الرأي الذي تم تسميم مصدره قبل طرحه من الطرف الآخر.

ومع الأسف الشديد تستعمل هذه المغالطة كثيرا في نقاش المسائل الخلافية المشتبكة حول الإسلام، دون أن يُنتبه لسلبيتها على النقاش وتأثيرها غير المباشر في بناء نتائجه ومخرجاته، فتجد من يناقشك في موضوع “عمل المرأة في الإسلام” -مثلا- يصدر كلامه بقوله “إنه لمن المؤسف حقا أن نكون في القرن 21 ونجد من لا زال يقول بتحريم عمل المرأة..”!.

وأفضل طريقة للتعامل مع هذا اللون من المغالطات هو فضحها أولا وكشفها لصاحبها قبل مناقشة الموضوع الذي أُلصقت به، لأن تركها والانتقال إلى الموضوع فيه نوع من الإقرار والتطبيع غير المباشر مع التهمة، كما أنه يكسب الخصم (طرف النقاش) نقاطا إضافية وتقدما في النتائج على حسابك!

فاحذر إذن سم هذه المغالطة وأبق الوعي حيا.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M