هل تعرفون حقيقة من قتل شيرين أبو عاقلة؟

15 مايو 2022 11:46

هوية بريس – إبراهيم الطالب

أبرز الأحداث التي زلزلت العالم هذه الأيام اغتيال الكيان المشؤوم للصحفية العربية النصرانية المناضلة البريئة شرين أنطون أبو عاقلة.

فموتها ظلما فاضح لجرائم الصهاينة ولو استُغل من طرف المسلمين والنصارى لكان له الأثر البالغ وبقوة في قضية القدس وفلسطين، لكن المتصهينين والمنافقين من المسلمين والنصارى يحمون الكيان الغاصب في كل مرة، فهل ينجحون هذه المرة أيضا؟؟

هذا ما ينبغي أن يشغل العاملين اليوم، لذا أردت في هذا المقال أن أغوص في نفسية هؤلاء القتلة حتى أبين للأجيال الفتية حقيقة هؤلاء القتلة، فهذه الأجيال الصاعدة تُستهدف بطمس الحقائق من خلال بث دعاوى التعايش القاتل والتسامح الداعر بين صفوفها لتقبل بالتطبيع فيسقط حق المسلمين في القدس وفلسطين.

لقد ارتكب الأعداء جرائم كثيرة ودائما يتم التحقيق وتطمس الحقيقة، فكيف يتم ذلك؟؟

سنحاول أن نرجع لملفات سابقة في تاريخهم سجَّلها الحكيم العليم بهم وبمكرهم، لنستبين منهجيتهم في طمس الجرائم والالتفاف على الحق والطعن في الأبرياء.

ففي زمن سابق قتل بنو إسرائيل نفسا بريئة، كما قتلوا اليوم شيرين وتواطؤوا على كتمان الحق، وصرف الناس عن الحقيقة، لكن الله العادل أراد أن يبين لهم آياته ويظهر فسادهم وظلمهم وينصر المظلومين، فأمر نبيه موسى عليه السلام أن يقول لهم اذبحوا بقرة، بقرة واحدة، أي بقرة كانت تكفي، ولو أنهم ذبحوا أي بقرة لكانوا ممتثلين لأمر الله، لكنهم اعتادوا أن يسفكوا الدماء ويقتلوا النبيئين بغير الحق إمعانا في الظلم والكفر، ثم يغرقوا الناس في الخداع والتلاعب، فلم يمتثلوا على الفور بل واجهوا الأمر الرباني الصريح: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً﴾ بسؤال آخر يريدون به أن يقلبوا مسار القضية، فـ: ﴿قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً﴾؟؟

فأجاب كليم الله موسى عليه السلام، ﴿قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾، فالسخرية والاستهزاء بالناس من أعمال الجاهلين وأخلاق الجاهلية، فلينظر من استهزؤوا بالدين في فيلم “الإخوان” وانتهكوا شعائر الرحمن هل يدخلوا في الجاهلين أم لا؟

ثم لما رأوا الأمر جدا ولا بد من الامتثال أو الكفر، -فالامتثال هنا يعني الفضيحة والامتناع يعني العصيان لأمر الله والكفر به-؛ أرادوا أن يكسبوا بعض الوقت لعل القضية تنسى، أو يحدث ما يصرف عنها الاهتمام، فعادوا للتساؤل والمماطلة: ﴿قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لّنَا مَا هِيَ﴾؟؟

فجاء البيان الذي يكفي للهداية والامتثال لمن هو صادق: ﴿قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ﴾.

ولو كانوا يريدون حقا أن يمتثلوا لِأمر الله لكفتهم تلك الأوصاف، لكن غرضهم المزيد من التلاعب والخداع حتى لا تظهر الحقيقة وينكشف أمر من قام بالاغتيال في حق البريء ﴿قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا﴾؟

فسأل نبيهم موسى عليه السلام ربه، فزاد الله تشديدا عليهم لتعنتهم وظلمهم ومكابرتهم، حيث لم تكفهم الصفات ولم يكفهم اللون، فأمعنوا في المخادعة والمخاتلة، فزاد الله سبحانه في التضييق عليهم، فجاءهم الرسول بالجواب و: ﴿قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ﴾.

لكنهم تمادوا في طغيانهم بلغوا قمة التلاعب وقمة الخداع مع رسول الله، هذا مع أنهم يعلمون أن الله الذي فرق البحر وأهلك فرعون عليمٌ قدير عادل سبحانه، لكن سلوك الشر والخبث خاصية في القوم توارثوها عبر الأجيال، وعندما أحسوا بأن مكرهم على وشك أن يستحقوا به العذاب؛ زادوا على السؤال فـ: ﴿قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ﴾.

متظاهرين في خبث كبير كما هو واضح بأن أسئلتهم المتكررة إنما هي من أجل بحثهم عن الهداية.

فرجع موسى -وما أصبره!!- إلى ربه ليسأله، ثم عاد عليه السلام إلى محاورتهم فـ: ﴿قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا﴾.

هنا انقطع حبل الخداع فما استطاعوا الزيادة في المماطلة، وأرادوا مثل جميع الخبثاء أن يوهموا نبي الله عليه السلام أن كلامه كان غامضا وأنهم طلاب للحق، ويريدون إظهار العدالة منذ البداية إلا أنهم كانوا فقط يريدون أن يعرفوا بالتحديد والتفصيل ماذا أراد الله منهم فـ﴿قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ﴾. وهل جاءكم قبل بالباطل يا أعداء الله.

لكن المهم هو وصول التحقيق إلى هدفه وهو بيان الحقيقة وفضح المجرمين ﴿فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ﴾. فأمر الله سبحانه بالتالي: ﴿فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا﴾. أي اضربوا جثة الضحية المقتول ببعض لحم البقرة المذبوحة، حتى تظهر الحقيقة أمام الجميع، ﴿كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾.

وأنى لهم أن يعقلوا، فقد كان يكفيهم أن يخبرهم رسول الله موسى عليه السلام باسم القاتل وكيف قتل الضحية، لكنهم سينكرون ويعالجون، فاحتاج إلى معجزة لفضحهم وبيان الحقيقة.

ونظرا لتماديهم عبر العصور في الخبث نالهم العذاب، وهذا العذاب من شر أنواع العذابات وهو قسوة القلب، ثم وصف الله سبحانه هذه القسوة ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾.

فاستمرت هذه القسوة إلى يومنا هذا، فهل ننتظر من هؤلاء عدلا وإنصافا وهم قتلة الأنبياء مروجو الأكاذيب صانعو الزور آكلو الربا والسحت.

لكن معذرة يا رب نحن الغافلين نحن المطبعين نحن من لم نتعظ بكتابك ولا ببيان نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، رغم أنك قلت لنا منذ 15 قرنا: “﴿أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.

أي مع سبق القصد والإرادة.

نعم هذا حال هؤلاء كما بينه رب العزة، لكننا نحن اليوم، لسنا نطلب منهم أن يومنوا بل نريد إقرارهم على باطلهم وجرائمهم مقابل أرض لا يملكونها أو علم لم يختصروا به دون العالمين أو تجارة معهم بغية الربح، بل منا من يبتغي عندهم العزة والقوة، فاللهم رحماك رحماك.

إن منهج المخادعة وقول الكذب وافتراء الزور وقلب الحقائق لم يعد انحرافا سلوكيا عند القوم، بل هو منهج حياة اتخذوه عقيدة واستراتيجيا لحماية مالهم وتفوقهم التيكنولوجي ووسيلة لتدمير كل من يقف أمام مشروعهم نحو حكم العالم.

لم ينج منهم الأنبياء ولا الصالحون؛ دائما يحتاج معهم أهل الحق في البيان السلمي والحجاج العقلي من أجل إحقاق الحق ودفع شرهم إلى أن تنزل معجزة، ففي قضية جريج الراهب الذي اتهموه بالزنا زورا وظلما حتى يصرفوه عن عبادته ودينه، احتاج هذا الراهب إلى معجزة تمثلت في تكلم الصبي حديث الولادة، والذي حملت به المرأة الزانية من الراعي واتهمت جريجا به، فتكلم لبيان الحق وأظهر براءة جريج العابد الطاهر، تكلم الصبي وهو حديث الولادة حيث سأله جريج: “من أبوك؟؟”.

فقال: “أبي الراعي”.

وكذلك في قضية اتهامهم لمريم الطاهرة العابدة الزكية بالزنا لما قضى الله عليها أن تحمل من دون زواج ولا جماع، حمل معجزة، من كرامات العابدة الناسكة، ﴿فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ﴾ بعد ولادته، -عليه وعلى أمه السلام-.

لقد كان من المعقول أن يستقبلوا أطهر نسائهم وأعبدهم لله وأتقاهم له بالفرح والسرور، وأن يكفلوا نبي الله ويصلحوا معه مجتمعهم الفاسد، لكن كما هو شأن الطغاة الفاسدين الظالمين، تظاهرون بحماية الشرف ومنظومة العفة فـ: ﴿قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا﴾.

﴿يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا﴾.

ما شاء الله قمة الطهرانية والدفاع عن العدالة والحق والعفة!!!

اتهموها وهي أشرفهم وأتقاهم.

فاضطرت المسكينة المتهمة زورا رغم أن الكل يعرف طهرها وعفتها وأن لها كرامات وخالها نبي الله زكرياء عليه السلام، اضطروها إلى حدوث معجزة لتظهر خبثهم وزورهم لعنهم الله وغضب عليه، ﴿فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ﴾ ليسألوه كي تظهر الحقيقة؛ لكنهم كعادتهم تمادوا في المخادعة متترسين بعقلانيتهم الكاذبة متسائلين: ﴿قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا﴾؟؟

فأنطقه الله ليس لتبرئة أمه الطاهرة من ظلمهم، واتهامهم لها بالزنا فقط، بل لبيان صفته ونبوته وأنه أرسل إليهم فقال عليه السلام: ﴿إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا﴾.

فكيف أيها الظالمون تكون أم عابدة من سلالة الأنبياء وتلد لكم نبيا رسولا، ثم تكون زانية.

ورغم هذه المعجزة الباهرة، سيؤذون نبي الله ويحاولون تعذيبه وصلبه في نهاية قصته معهم، لكن الله الحق القدير لم يمكنهم منه بل رفعه إليه وجعل نزوله مرة أخرى إلى الأرض علامة على قرب قيام الساعة، فيكسر الصليب ويقاتل اليهود في بيت المقدس ويطهر الأرض من أعدائه وأعداء الله.

ثم لم ينقطع شرهم رغم مرور القرون وتوالي الدهور فلما جاءهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حاربوه وحاولوا قتله مرارا ووقفوا مع المشركين في معاركهم ضده وضد صحابته رضوان الله عليهم، لكن الله هو من أدار معركتهم مع حفدة قتلة الأنبياء ليجلوهم عن جزيرة العرب بالمرة.

لكن اليوم للأسف الشديد ها هم يرجعون إليها بعد أن سقط حكم الإسلام وتحكمت علمانينهم في بلاد المسلمين وشعوبهم، فصاروا يتحكمون في بلاد المسلمين، فرأينا  دولة الإمارات تعطي 3000 منهم جنسيتها دفعة واحدة، وتمكنهم من مقاليد القرار السيادي، وفي أهم بلدان المسلمين صاروا يتسلقون رويدا رويدا نحو مركز السيادة.

فهؤلاء هم من قتل الصحفية المظلومة النصرانية شيرين أنطون أبو عاقلة، والتي لم تسلم منهم في جنازتها ومسيرها إلى القبر.

فهل هؤلاء يطبع معهم الإنسان علاقاته ويتخذهم أولياء، ويطمئن إليهم؟؟

أهؤلاء يمكن التعايش معهم دون الاحتياط منهم، ومراقبة تحركاتهم؟؟

هل هؤلاء سيبنون لك التنمية في بلادك ويعطونك حقك دون أن يستخدموه وسيلة لاحتلالك واستعباد أبنائك.

أن مَن عرفهم لا يتعامل معهم إلا إذا كان يتحكم في حركتهم، فقد تبين منذ ما قبل التاريخ أنهم لا تصلحهم إلا القوة والشدة.

وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M