هل حقا دخل الخطاب الديني ببلدنا مرحلة التيه!!؟؟

هوية بريس – ذ.ادريس ادريسي
مما لا يختلف فيه اثنان اليوم أن الخطاب الديني في بلدنا الحبيب بات فاقدا للبوصلة يخبط خبط عشواء ويسير في طريق الدعوة سير الجاهل الفاقد للمرشد والدليل إلى أن وصل مرحلة التيه التي تعاقب بها كل أمة زاغت عن أمر ربها وتنكبت عن الحق الذي بين يديها!!
الشيء الذي يؤكد ما ذكرناه أننا في هذه الأيام كنا أمام محطتين دعويتين بارزتين! خطبة الجمعة وخطبة عيد الأضحى، الأولى مناسبة أسبوعية والثانية مناسبة سنوية وكل من له دراية بأبجديات الخطاب الدعوي ينتظر أن يعرج الخطيب على المحاور الآتية:
التذكير بآداب العيد وسننه ومقاصده في خطبة الجمعة أو في جزء منها باعتبارها اليوم الذي يسبق خطبة العيد، لكن هذا كله لم يحصل إلا ما كان من ذلك من الحث على الإنفاق وهو أمر حسن لكن حصر الخطاب فيه وإغفال التذكير بما لا تتم شعيرة العيد إلا به أمر معيب ينم عن تخبط كبير وخطير في باب الدعوة؛
التذكير في خطبة عيد الأضحى بأهمية الشريعة الإسلامية ودورها في بناء مجتمع متماسك تسوده قيم الرحمة والتسامح والمحبة،والتحذير من رموز الفتنة الذين كانوا يستهدفون ثوابت الأمة بشبهاتهم الخطيرة والمستفزة طيلة عام كامل، مع التذكير بمركزية إمارة المؤمنين ودورها الفعال في تثبيت الأمن والاستقرار منذ قرون متتابعة، وغياب هذا الخطاب عن المنابر بالكلية قد يكون صادما لولا أن بعضهم بشر في واضحة النهار بمشروع العلمنة، أما وقد ظهر السبب فقد بطل العجب؛
التفاعل الجاد والإيجابي مع نداء الحكمة من أمير المؤمنين نصره الله الذي أهاب بشعبه ترك سنة الأضحية مراعاة لمصلحة أكبر ودفعا لمفسدة أعظم، وكان من المفترض أن تتداعى مؤسسة العلماء إلى توجيه الناس وترشيد سلوكهم خاصة بعد انتشار مظاهر الجشع والأنانية و الإقبال على الذبيحة سرا وشراء اللحوم وادخارها في لهفة غير مسبوقة، إلى حد ضاعت معه سنة الأضحية كما ضاعت معه مقاصد منعها، لكن الغريب أن شيئا من هذا لم يحدث رغم أن ان النازلة كبيرة والمصيبة عظيمة وكان أمام مؤسسة العلماء متسعا من الوقت لتربية الناس وتنمية الحس الوطني فيهم لكنها وآسفاه لم تفعل!!
نازلة القرن ومذبحة غزة؛ ففي الوقت الذي يغامر النشطاء والأحرار من غير المسلمين بحياتهم لكسر الحصار على شعب أعزل والإنحياز للقيم الكونية المشتركة، كان أقل الواجب أن تكون قضية غزة حاضرة في خطبة العيد ولو على شكل دعاء يتذيل الورقة يرفع الحرج عن العلماء ويقوي موقف أمير المؤمنين ورئيس لجنة القدس وجهوده الرامية إلى دعم السلام ومحاربة الإرهاب أيا كان نوعه ومصدره، إذ المنابر ليست للوعظ فحسب بل للتعريف بالنوازل أيضا كما أجمع على ذلك أهل الشأن، إلا أن غياب القضية بالكلية في جميع الخطب منذ بداية مذبحة الكيان الإرهابي في حق شعب أعزل وإلى آخر خطبة عيد أفقد الناس الثقة في الخطاب الديني إلى الحد الذي يتساءل فيه معظم رواد المساجد هل بات الحقل الديني مخترقا في دوائره العليا من جهات مشبوهة ومعادية كما ينبه على ذلك أهل الاختصاص في الميدان!!؟؟
وإذا أضفنا إلى هذا كله ما سبق من تخبط في اختيار عناوين بعض الخطب والإخلال بشرط المناسبة فيها كالحديث عن الصيام في رجب والحج في شعبان، فإنه يحق لنا أن نتساءل هل حقا دخل الخطاب الديني في بلدنا الحبيب مرحلة التيه!!؟؟
وما هو المخرج من هذه الفتنة الدينية العمياء والغير مسبوقة!!؟؟
وعيدكم مبارك سعيد أعاده الله علينا وعلى أهل غزة وعموم الأمة الإسلامية بالنصر والتمكين والفتح المبين.
وصلّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.