همسة تحرير من الوهم أو حَرفٌ عارِضٌ من خَفِيِّ القول

هوية بريس – ميمون نكاز
يستفاد من الوحي الشريف أن للإعراب عن أفعال الإنسان مستويات ثلاثة: “الإعلان” و”الإسرار” و”الإخفاء”، وكل ذلك منكشف معلوم لله تعالى، والآيات في تقرير ذلك ظاهرة معروفة، ذلك في الشأن الإلهي، أما في الشأن الإنساني فالأمر مختلف…
في الشأن الإنساني يبدو أن “العلن” يغلب “السر” أحيانا فيمحوه أو ينسخه، والأصل أنه “لا محو بعد الإثبات” و”لا نسخ بعد موت صاحب الرسالة”، ولكن يبدو أن “أمر الحي” يغلب “أمر الميت”، وأن “أمنية الحي” تنسخ “أمنية الميت”، أما “الأخفى” فذلك غيب ستبديه “كاشفات الأيام”، ولا ريب أن “الكشف” عند -السادة الصوفية- ترتفع به “الحجب” وتنزاح عن صاحب “المقام”، كما لا ريب عند “البصراء العارفين” منهم عندهم أن “ما انحجبَ عن العامة قابل للانكشاف بالمجاهدة للخاصة”، كذلك يقولون…
وأنا أذكر هذا عنهم تذكرت قول حَذام بنت الريان بن خسر بن تميم: “لَوْ تُرِكَ القَطا لَيْلاً لَنَامَا”، فَوَجدتُنِي آخذا بقول زوجها لُجَيْم بنِ صعب بن علي بن بكر بن وائل: (إذا قالت حَذام فصدقوها، فإن القول ما قالت حَذام)، ومما أَذكَرَني به قولُ حَذام أيضا أني قد أشرت من قبلُ في مناسبات عدة أن ” مشروع التطبيع” عبارة عن “متوالية امتدادية” يسعى بها مهندسوه إلى الاكتساح العام للمجتمعات العربية والإسلامية، ويبقى “التطبيع الديني” غاية الغايات ومنتهى الأحلام، والسبيل إليه بذر حباته، ومن حباته “الإدراج في مشروع الديانة الإبراهيمية”…
لماذا أذكر هذا في سياق حديثنا عن “العلن” و”السر” و”الأخفى”؟
لعل ذلك من خَفيِّ ما يُنتظَر، وإني لمن المصدقين بقول طرفة بن العبد:
ستُبْدي لكَ الأيّامُ ما كنتَ جاهلاً
ويأتِيكَ بالأخبارِ مَن لم تُزَوِّدِ
ويَأتِيكَ بالأخبارِ مَنْ لم تَبِعْ له
بَتاتًا، ولم تَضْرِبْ له وقتَ مَوعِدِ.
أختم قائلا: {لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون}[الأنعام67]، ومن لم يشأ تصديقا بالذي ذكرناه فلا تثريب عليه أن لا يشاء…



