هناك لعبة جديدة تجري في فلسطين

هوية بريس – إدريس الكنبوري
هناك لعبة جديدة تجري في فلسطين بدأت تغير الترتيبات الموجودة. في قلب هذه اللعبة توجد حركة حماس. فبعد قرارات القمة العربية الأخيرة التي حاولت طمس انتصار الحركة في الحرب والدفع بالسلطة الوطنية الفلسطينية إلى الواجهة بعد أن نامت عاما ونصفا، نفذت السلطة جزءا من توصيات القمة باتهام الحركة بالتخابر مع جهات أجنبية، بهدف القضاء على شعبيتها.
وظهر اليوم أن حديث القمة العربية عن إعادة إعمار غز-ة مرتبط بالقضاء على الحركة، وأن الدول العربية لا تريد أن تقدم خدمة للحركة بإعادة الإعمار، وتريد أن يستمر الخراب حتى يصبح ذلك ضد الحركة، فالعرب الذين تركوا الفلسطينيين يموتون عاما ونصف العام يسهل عليهم أن يتركوهم في الخراب عشرة أعوام، فقد سكتوا عن قتل الآلاف بهدف القضاء على الحركة، ومن لم يهتم بالقتل كيف يهتم بالبناء؟
سياسة الدول العربية تجاه الفلسطينيين هي نفس السياسة تجاه شعوبهم، عندما تريد القضاء على المعارضة لا يهمها أن تقضي على الشعوب، وعندما تريد تزوير الانتخابات لا تهمها مصالح الناس، وعندما تريد القضاء على الإسلام السياسي لا تهمها مصلحة المسلمين، وعندما تريد تفويت أرض إلى أجنبي لا يهمها تشريد مليون مواطن.
الاتصالات بين حماس والادارة الأمريكية خلخلت الأوضاع في المنطقة، وبعد أن غضبت إصرائيل من هذه الاتصالات دون التنسيق معها هاجمت السلطة الوطنية الفلسطينية حركة حماس لأن الاتصالات تمت دون التنسيق معها، فالتقت مصلحة إصرائيل والسلطة. وبطبيعة الحال زعزعت هذه الاتصالات الدول العربية، لأنها تخشى أن يكون الاتصال بين الحركة والإدارة الأمريكية بداية للاتصال بين الإدارة الأمريكية والإسلاميين في المنطقة، فقد ظلت الدول العربية توظف ورقة الإرهاب ضد الحركة معتقدة أن ذلك سيقربها من أمريكا، لكن أمريكا فتحت قنوات الاتصال مع “الإرهاب” خلف ظهور العرب.
وهذه هي الجائزة الأمريكية للدول العربية، فالعرب يثقون في أمريكا لكن أمريكا لا تثق بهم، لأنها تعرف أن فاقد الشيء لا يعطيه، وهي تعرف أن الأنظمة العربية لا شرعية لها وسط الشعوب بحيث تفرض شيئا بدون استخدام القوة، لكن أمريكا هي رمز القوة في العالم، وتعرف أن القوة لا تنتج وضعا مستقرا، فقد جربت القوة في العراق وأفغانستان وغيرهما دون نتيجة، مع أنها قوة عظمى، فكيف تنجح الدول العربية في استخدام القوة وتعطي نتيجة؟ لذلك ترى اليوم أن التقارب مع حماس قد يكون مفيدا لها في الشرق الأوسط، ومعنى ذلك أن ترامب يعرف أن الحركة بمفردها قادرة على ما لا تقدر عليه جميع الدول العربية، وأن الشعبية التي حصلت عليها في العالم العربي لو توزعت على جميع الدول العربية لكفتها وبقي منها شيء للادخار.