هناوي: “صفقة القرن” لا تخص فلسطين وحدها.. والهدف هو إعادة بناء المنطقة على قواعد الفوضى الخلاقة

04 فبراير 2020 21:47

هوية بريس – حاوره: نبيل غزال

 1- ما تعليقك على بنود صفقة القرن التي أعلن عنها “ترامب”؟

المقترح الذي ورد في الصفقة مجرد دعوة للشعب الفلسطيني وكل الشعوب الأخرى للتوقيع على التنازل على القدس، فليس الموضوع تفاوض سياسي حتى من داخل سقف ما يسمى “عملية السلام”، فهي صفقة إذعان من طرف واحد وهو الطرف الصهيو أمريكي الذي أصبح اليوم طرفا واحدا، في غياب لأي وجود لنظام سياسي عربي، كما دأبت عملية التسوية منذ عقود، منذ كامب ديفد 1979 مع أنور السادات إلى اتفاق غزة أريحة مع عرفات إلى واد عربة مع الأردن، كان على الأقل يتم إحضار الطرف العربي، على ضعفه وهزاله وتواطئه وتخاذله، أما اليوم فحتى الحضور البروتوكولي تم الاستغناء عنه وسميت صفقة.

هذا إجراء أحادي الجانب من طرف الكيان الصهيوني الذي أصبح الآن يشكل مع أمريكا كيانا واحدا، فشطب القدس حتى من معادلة التسوية الساقطة هو عملية إعدام لكل حل يمكن أن يأتي من “السلام”، وأكبر نقطة لإفشال هذه الصفقة هي هذه النقطة بالذات، أي نقطة القدس، ومنها بدأ ترامب قبل سنتين بإعلانه القدس عاصمة للكيان اليهودي ونقل السفارة إلى القدس.

وبالتالي فانطلاق الصفقة بالإعلان على القدس عاصمة هو إعدام لهذه الصفقة، وهي لم تترك للنظام السياسي العربي هامش للمناورة أو هامش للتدليس على الشعوب، وبالتالي فالنظام السياسي العربي الآن في محطة الأداء وفي محطة الحقيقة التي لطالما خبأها منذ أكثر من أربعين سنة، فيما يسمى بمسلسل التسوية عبر كامب ديفد وغزة أريحة وقمة إفران 1986 ووادي عربة ووريفر ودايتن واتفاقية الخليل.. وبالتالي فموضوع القدس إذا كان ترامب يريد أن يسجل به نفسه في التاريخ فقد أعمى الله بصيرته وأخطأ المكان وبدأ من النقطة التي ستفسد كل المسار.

2- هل ترى أن الصفقة سيتم تمريرها في ظل الواقع العربي المتأزم؟

الذي شجع ترامب ومن معه والمنظومة الصهيوإنجيلية الحاكمة في أمريكا على هذه الصفقة بهذه الرعونة وبهذه البلطجة بهذه الإهانة للنظام السياسي العربي هو أن النظام السياسي العربي يعاني من هذا الواقع، وبالتالي فهذه البلطجة في العرض السياسي هو الواقع المتأزم، لكن هذا الواقع نفسه فيه عناصر إفشال الصفقة، ومن أول تلك العناصر انهيار منظومة الاعتدال في المنطقة العربية، فسقوط مبارك وابن علي، وارتباك النظام السياسي السعودي والإماراتي في اليمن وليبيا، وفشل الثورات المضادة، خاصة بعد إعدام خاشقجي، وفشل الحرب على اليمن وتعتر اللواء حفتر لإجهاض الثورة وحراك السودان وغيره، هذه المؤشرات تحيل على انهيار أو ارتباك محور الاعتدال.

بالمقابل صعود القوة التركية والإيرانية وإن اختلفنا معها في الموضوع السوري، فبقاء محور سوريا إيران لبنان وحماس في غزة واستمرار المحور وعدم انهياره يؤشر على أن هذه الصفقة لن تمر خاصة وأن السلطة الفلسطينية الرسمية ترفضها، وبالتالي رفض السلطة يضع النظام السياسي العربي وما تبقى من محور الاعتدال المرتبك أصلا، يضعه في موقع الخيانة المباشرة المعلنة، حتى للسلطة الفلسطينية.

3- كيف ترى تأثير الصفقة على المنطقة؟

الصفقة لا تتعلق فقط بفلسطين وإن كان العرض الذي قدمه ترامب ونتنياهو خاص فقط بفلسطين والقدس والمستوطنات،  لكن الصفقة الحقيقية هي إعادة بناء المنطقة على قواعد الفوضى الخلاقة، نحن في غداة مئوية جديدة، بالتأريخ لمأوية بلفور 1917، نحن في 2020 وبعد ثلاث سنوات من 2017 الذي كان هو تاريخ الإعلان عن القدس عاصمة أبدية للدولة اليهودية، ففي1917 تم الإعلان عن وعد بلفور، وفي 2017 عن وعد ترامب بجعل القدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني، فهي باختصار مدخل لإعادة إنتاج ساكس بيكو جديدة بعنوان ترامب نتنياهو.

فإذا كانت المئوية الماضية عنوانها سايكس بيكو فعنوان المئوية القادمة ترامب نتنياهو، لكنه حلم وتلك أمانيهم، فبالنسبة لترامب ونتياهو كصهيوإنجيليين يعِدون أنفسهم أن المئوية القادمة للحسم في موضوع فلسطين وتفكيك المفكك وتقسيم المنطقة على أساس عرقي وطائفي وإدخال الأمة في طاحونة طاحنة لكل مكونات الأمة.

لكن المشهد الذي يبدو في الأفق رغم كل عناصر الدمار التي تبدو في المنطقة فالأفق المقبل إن شاء الله هو أفق وحدة الأمة كشعوب ومعالجتها لأخطائها سواء ما بين مكونات الشعوب أو ما بين طوائفها وقياداتها السياسية، من أجل استعادة زمام المبادرة، خاصة وأن الكيان الصهيوني يعيش حالة من التشظي الداخلي غير مسبوقة بعد عمية غزة وقتل العقيد في وحدة المخابرات وانسحاب أفيكدور ليبرمان من الحكومة، وسقوط حكومة نتنياهو، وإجراء ثلاث انتخابات إلى الآن، لم تفض إلى تشكيل حكومة.

إضافة إلى الواقع السياسي في أمريكا، وحالة التشظي في الاتحاد الأوروبي وخروج بريطانيا “البريكست”، وحالة إعادة تشكيل المحاور في المنطقة العربية تركيا وقطر.. فهذا التحول سيجعل من الصفقة مجرد دعاية وإعلان إعلامي لخلق طاقة جديدة للصهيو إنجيليين كي يوهموا أنهم قد يحسمون المعركة في المنطقة..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* عزيز هناوي: الكاتب العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M