وهل كان يظن ظان أن يكون للبهلوان المزرقط اللباس أتباع ومريدون؟!
هوية بريس – محمد بوقنطار
عبادة العجل لم تنقطع أنفاسها الخبيثة من الأرض، وإنما الذي تغيّر هو شخص “السامري” وقد انقلب قوله “لا مساس” إلى صياح وهتاف بضمير الغائب “هو هو”يصاحبه تمايل وشطح وردح وهز وخفض، وقد بقيت شخصية العجل في طورها ودورها تتحوّل من هيئة إلى أخرى، لتمارس سطوتها على من اختارغرنيقها ربا من دون الله، ولقد تهيّأ أو بالأحرى سوّلت لي نفسي في مطلع إطلالة البهلوان الدجال واستهلاله المارق الأول أن بضاعته البوار مردودة ممجوجة بالطبع والفطرة والعرف والصبغة، فحتى لو عرضناها على مجانين في باحة مستشفاهم لرفضوها ولعنوا صاحبها وأحرقوا ومزقوا لباسها الفلكلوري تمزيقا، ولكنني عدت لأخضع لطائلة أن لكل فولة كيّال وأن الناس مقبلون على شراء الحشف ولو من بائع يسيئ الكيلة، وأن ثمة خلق تمنينا صادقين أن لو كانت العقول تباع لاشترينا لهم عقولا، فإنها والله لعقول ذبابية اصطادتها عناكب الخرافة، واستسذجتها دجاجلة الابتداع، وأطاحت بها شراك عبادة المشعوذين، وإن حيرتك وعجبك واستغرابك وأسفك ليزداد رصيده في جوفك ودواخلك وأنت تسمع أن للبهلوان مريدين من الخارج بل وأطر علمية من الداخل تحمل شواهد معرفية لها وزنها واعتبارها في سلم العلوم المادية، فيا للعجب كيف انساق هؤلاء الأخيار من النخبة وراء هذا الذي قد لا ينساق لركزه بغل أو حمار، ولعلك قد تموت كمدا وأنت ترى الرجل قد فتحت أمامه القارات الخمس وبلغ به كيد الإظهار وتدليس الوجاهة أن حاضر في كبريات الجامعات الأمريكية، بل وقف ناسكنا وقطبنا بلباسه المزركش ليخاطب ويحاضر في أبناء العم سام وطلبة جامعة شيكاغو حول موضوع الذكاء الاصطناعي…
وقد لا يكون استغرابي هاهنا كبيرا فتلك سياسة الغرب وخطته الدنيئة في طمس معالم إسلام الوحي وشرع العقل ونقل الحكمة، واستبدال خيريته ونقاوته ومحجته البيضاء بدناءة هذا العته والدرن الفاقع السواد المنتن الريح.
وإننا لننزه إسلامنا العظيم من هذا العبث تنزيها يشاكل ما قالت به ملائكة الرحمن وهي تجيب خالقها وقد سألها وهو أعلم بحالها جلّ جلاله، إذ قال سبحانه في محكم كتابه ناقلا صورة هذا الظلم والاعتساف زمن الحشر والمؤاخذة: “وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ“.
