آثار المساواة بين الرجل والمرأة
هوية بريس – رضوان العابدي
يقال: أن الأسرة هي النواة الأولى للمجتمع، كيف لا وهي ركيزة أساسية لبناء المجتمع، بل هي أصله وأساسه، إنها الجذر الذي يؤسس للمجتمع ويبنيه، لذلك فصلاح المجتمع من صلاح الأسرة وفساده من فسادها.
إن تأسيس الأسرة وبناءها لا يتحقق إلا بأمرين أساسيين، وهما، الرجل والمرأة بحيث تجمع بينهما رابطة أسرية متينة، غير أنه يثار تساؤل هنا حول طبيعة هذه الرابطة، هل هي رابطة تكامل أم تساوي؟
من المعلوم أن الرجل مختلف عن المرأة اختلافا فسيولوجيا وسيكولوجيا مما يترتب عنه تباين أدوار كل منهما، فدور الرجل مختلف عن دور المرأة استنادا لطبيعة كل منهما.
وعليه فالزوج هو الذي ينفق على الأسرة ويعتني بها ويحميها، أما الزوجة فلها دور تربوي يتمثل في تربية الأبناء، والسهر على تنشئتهم تنشئة مبنية على القيم المغربية الأصيلة المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله الكريم.
وهكذا فالعلاقة بين الزوجة والزوج أساسها كتاب الله وسنة رسوله، ففي كتاب الله وسنة رسوله تحديد لحقوق كل منهما ووجباته دون طغيان … وقوامة الرجل على البيت ضمان لبقاء السفينة تحت قيادة قائد، لأن التعدد في القيادة من شأنه إحداث الفوضى، فهي ليست قوامة استعلاء وتجبر، وإنما هي قوامة مسؤولية وواجب.
وللمرأة مهمتها التي تفوق مهمة الرجل داخل البيت، بينما للرجل مهمته الأساسية خارج البيت، والمهمتان تتكاملان حتى تسير السفينة آمنة محققة رسالتها في الحياة، وقادرة على التعاون في تحقيق أفضل المناخات لإنتاج جيل صالح قادر على العطاء[1].
إن أدوار كل من الرجل والمرأة داخل الأسرة تتكامل فيما بينها، لذلك فالرابطة التي تجمعهما هي رابطة تكامل لا مساواة، غير أنه لنفرض جدلا أن الرابطة التي تجمع بين الزوجين داخل الأسرة هي رابطة مساواة ما الذي يترتب عن ذلك؟
إن الآثار المترتبة عن اعتبار العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة رابطة مساواة لا تكامل خطيرة يمكن حصرها فيما يلي:
1 – نشوء الصراع بين الزوجين
إن أي اجتماع لا بد له من قائد يقوده حفاظا عليه، لذلك جعلت القيادة للرجل داخل الأسرة باعتباره قائم على شؤون البيت ومسؤول عنه، أما جعل القيادة في يد كل من الزوج والزوجة بناء على المساواة، فمعناه دخول العلاقة الزوجية في ندية وصراع تكون نهايته كثرة الطلاق وتفكك الأسر المغربية وتشريد الأطفال، فيكثر العزوف عن الزواج خوفا من الدخول في علاقة نهايتها الفراق.
2 – استفحال العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج
شرع الله عز وجل الزواج لتكثير النسل ودوام الجنس البشري، وحفاظا على أنساب الناس، غير أن ترسيخ مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة داخل المجتمع، سيعكس الأمر، ويقلب المجتمع رأسا على عقب، فيهدم مؤسسة الأسرة، ويصبح البديل هو العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، هروبا من مؤسسة شرعها الله عز وجل، وجعل قائدها الزوج بحكم قوامته ومسؤوليته على الأسرة حماية وإنفاقا، الأمر الذي سينتج عنه ظهور ظواهر أخرى، كأطفال الشوارع، الأمهات العازبات، والأزمات الاجتماعية الناتجة عنهما.
3 – ظهور المثلية الجنسية وانتشارها
من الآثار المترتبة على التسليم بالمساواة بين الرجل والمرأة انتشار المثلية الجنسية بين الذكور من جهة وبين الإناث من جهة أخرى، كيف ذلك؟
إن القول بالمساواة بين الرجل والمرأة -ويقع بينهما التزاوج- معناه القبول ضمنيا بزواج الرجل بالرجل، وزواج المرأة بالمرأة، لأن المساواة واقعة أصلا بين جنس الرجال، كما أنها واقعة أصلا بين جنس النساء بحكم المثل أي أن الرجل مثل الرجل والمرأة مثل المرأة.
وهكذا فقبول المساواة بين الرجل والمرأة يستدعي التسليم بالمثلية الجنسية، وجعلها واقعا يفرض التعامل معه استنادا للاتفاقيات الدولية والقيم الكونية وغير ذلك مما يتم الترويج له لتغيير نمط مجتمع معين.
4 – فك الارتباط عن المذهب المالكي كمصدر أساس في تشريع أحكام الأسرة
كان المذهب المالكي على مر التاريخ المصدر الأساس الذي يرجع إليه المغاربة لاستمداد أحكامهم الشرعية في جميع مناحي الحياة عامة وفي مجال الأسرة خاصة، وقد سار الفقهاء المغاربة على هذا النهج إلى زمننا المعاصر، فأصبح الاستمداد من مذاهب فقهية أخرى غير المذهب المالكي في قضايا أسرية معينة لتحقيق مفهوم المساواة ومواكبة الاتفاقيات الدولية والقيم الكونية، ليبقى السؤال مطروحا هل المغاربة سائرون في اتجاه فك الارتباط عن المذهب المالكي كمصدر أساسي من مصدر التشريع؟
خلاصة القول فهذه نظرة استشرافية مستقبلية لما ستؤول إليه الأوضاع نتيجة زيادة تكريس مفهوم المساواة في المدونات القانونية خصوصا مدونة الأسرة، مما يترتب عنه زيادة تغيير نمط المجتمع المغربي وقيمه الأصيلة تأثرا بالقيم الغربية العلمانية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] منهاج الإسلام في بناء الأسرة عبد الله بن عبد المحسن التركي ص: 40