أبو الحسن علي بن هارون المطغري (تـ 951هـ)
هوية بريس – أحمد السالمي
هو أبو الحسن علي بن موسى بن علي ابن هارون المطغري نسبة إلى مطغرة تلمسان، انتقل منها جده كما يقول المنجور في فهرسه عام 818هـ، حيث حصر العدو سبتة وتضييقه عليها، فجاء المسلمون من كل أوب لإغاثتها، ومن جملتهم: جد هذا الشيخ، فلحقوها قد أخذت، وسلطان الوقت إذ ذاك أبو سعيد عثمان بن أحمد بن أبي سالم المريني مشتغل بلهوه، وراحه، غافل عن كل ذلك، فأقام بفاس، وبها ولد شيخنا أبو الحسن، وأبوه موسى، فاشتغل أبو الحسن بالطلب.
فلما هاجر ابن غازي إلى فاس، لازمه ابن هارون عدة أعوام، وكان قارئه في كثير من دروسه من المدونة، والموطأ، والعمدة، والتفسير، ومختصر خليل، والعربية، والحساب، والفرائض، وغير ذلك، وجمع عليه القرآن العظيم بالقراءات السبع، وحصل عنه علما جما.
وأخذ أيضاً عن الفقيه الحيسوبي الفرضي، الناظم الناثر أبي حفص عمر بن عبدالرحمن بن يوسف الجَزْنَائي (كان حيا سنة 900هـ)، وعن الفقيه المحصل، المشارك المصنِّف أبي العباس أحمد بن يحيى بن محمد بن عبد الواحد الونشريسي الفاسي(ت914هـ)، صاحب كتاب المعيار، وكان هذا الأخير يحضر مجلس المترجَم في مختصر خليل وغيره، وأخذ عن الفقيه الإمام، العلامة النوازلي، قاضي الجماعة بفاس أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد اليفرني المكناسي الفاسي، الشهير بالقاضي المكناسي (ت917 أو918هـ).
وأدرك الفقيه المفتي بفاس، الخطيب بالقرويين أبا مهدي عيسى بن أحمد الماواسي (ت896هـ)، والأستاذ الحافظ، المحدث الصالح أبا الفرج محمد بن محمد بن موسى الأموي الفاسي، الشهير بالطَّنْجي (ت893هـ).
كان يدرس المدونة فوق كرسي بمدرسة الوادي، في حياة شيخه الإمام ابن غازي، وما قطع مع ذلك القراءة بين يديه، ولازمته حتى توفي، وكان ينقل التقييد على المدونة، نقلا جيدا يتحرى فيه حتى الواو مع الفاء، فلا يجعل هذه مكان هذه، وعجبت منه يطالع آخر الليل، ثم يخرج بعد الفجر، فيتلو عليه جماعة من الطلبة بالسبع، ثم يصلي الصبح، ثم بعد الفراغ الحزابين يصعد كرسي الرسالة يقرئ فيه مع العامة، ويخرج فيه لحكايات عامية وغيرها.. ثم ينزل منه، ويدخل المقصور، وربما دخل بعدما مصرية أو داره، وبعد ذلك يذهب لمدرسة العطارين لتدريس المدونة، فينقل التقييد كأنه طالعه حينئذ، وهذا لكثرة خدمته المدونة عند الشيخ ابن غازي في مجلس نفسه.
وكان في وقته شيخ الجماعة، يحضر مجلسه في مختصر خليل وغيره كل من: الونشريسي أبو محمد، واليسيتني، والزقاق، والعبسي، والعدي، وغيرهم، لا يستنكف عنه منهم أحد.
توفي ابن هارون رحمه الله بفاس في ذي القعدة سنة (951هـ)، وقد نيف على 80 سنة، واحتفل الناس بجنازته، وحضر لدفنه السلطان أبو العباس أحمد الوطَّاسي.