أثار موجة من الغضب وسط الجنرالات .. ماذا قال “البنك الدولي” عن الجزائر؟
هوية بريس – متابعات
لم تتخلص الجزائر من ارتهانها لعائدات المحروقات، بل إن هامش المناورة تراجع، رغم النوايا المعبر عنه بتوسيع مساهمة القطاع غير النفطي. بالأرقام يلاحظ البنك الدولي أن الإيرادات لا تغطي، خارج المحروقات، سوى 45 في المائة من الإنفاق العمومي، في الوقت نفسه، لا تغطي الصادرات، خارج المحروقات، سوى 10 في المائة من الواردات. هذا ما يتضح من تقرير جديد للبنك الدولي.
في تقرير المؤسسة المالية الدولية، تتبع الوضعية الاقتصادية الذي يحمل عنوان “تقويم الاقتصاد الجزائري بعد الجائحة”، الذي أثار ردود أفعال قوية في ذلك البلد ، يتجلى أن عائدات المحروقات كانت مسعفة في العام الحالي، حيث ساهمت في تقليص العجز الموازني الذي يبقي مرتفعا، غير أنه يتجلى أن الانتعاش يبقى هشا على المدى المتوسط، خاصة مع عدم توسيع حصة القطاع غير النفطي في الناتج الإجمالي المحلي.
عائدات محروقات مسعفة
لاحظ التقرير أن الجزائر تتمتع براحة مؤقتة ناجمة عن ارتفاع أسعار المحروقات إلى مستويات عالية جديدة وتراجع الضغط الناجم عن كوفيد-19.
فقد وصلت أسعار النفط والغاز إلى مستويات لم تحدث منذ سبع سنوات، حيث أفضى ذلك إلي زيادة تدريجية في حصص إنتاج النفط الخام وازدهار إنتاج الغاز الطبيعي وصادراته.
وسجل أن ارتفاع عائدات تصدير المحروقات، ساهم في تقليل احتياجات الجزائر إلى التمويل الخارجي، بشكل كبير، وتحقيق الاستقرار في احتياجات التمويل المحلية المتزايدة على المدى القصير.
وشدد على أنه بفضل الانخفاض المستمر في سعر الصرف والسياسات الداعمة للحد من الاستيراد وتحسين شروط التبادل التجاري، يتقلص عجز الحساب الجاري، وتستقر الاحتياطيات الدولية.
عجز موازني مرتفع
تقرير البنك الدولي، يلاحظ أن أن عجز الميزانية لا يزال مرتفعا، غير أن الزيادة في عائدات النفط تعوض تراجع الإيرادات الضريبية، ما يمكن من تمويل الزيادة في النفقات الجارية وانتعاش الاستثمار العمومي و تكلفة دعم الصندوق الوطني للتقاعد.
ويشير إلى أن برنامج إعادة شراء ديون الشركات العمومية الاقتصادية، الذي وضعته الخزينة العامة، بقيمة تزيد عن 15,3 مليار دولار أمريكي، بتمويل من إصدار السندات المحلية، هدف إلى تخفيف الضغوط المالية الناجمة عن الأزمة الصحية على الشركات العمومية والبنوك المملوكة للدولة، غير أن ذلك أفضى إلى ارتفاع إصدارات السندات والدين العام في التسعة أشهر الأولى من العام الجاري.
تعثر القطاع غير النفطي
وتذهب المؤسسة المالية الدولية في تقريرها إلى أن انتعاش في القطاع غير النفطي من الاقتصاد تعثر، حيث ظل غير مكتمل إلى حد كبير، مع تجسيد مخاطر التضخم.
ويرى التقرير أنه في النصف الأول من العام، ظل مستوى الناتج المحلي الإجمالي والناتج المحلي الإجمالي غير النفطي على التوالي عند 3,1 و3,9 في المائة، أقل من مستويات قبل الجائحة.
ويسجل أنه رغم السياسة النقدية الملائمة وتحسن السيولة المصرفية، ظل نمو الائتمان للقطاع الخاص متواضعا، ما يعني أن ميزانيات الشركات والبنوك بحاجة إلى التحسن أو أن البنوك تظل حذرة.
انتعاش هش على المدى المتوسط
ويعتبر البنك الدولي أنه في ظل عدم تنفيذ سريع للإصلاحات، تشير الآفاق الاقتصادية إلى انتعاش هش وتفاقم التوازنات المالية والخارجية على المدى المتوسط.
ويتوقع أن يصل نمو الاقتصاد إلي 4,1 في المائة في العام الحالي، قبل أن ينخفض إلى 2,1 في المائة في العام المقبل و1,5 في 2023، مع أخد بعين الاعتبار التنفيذ التدريجي للإصلاحات الهيكلية ولإنعاش الاستثمار والنمو في القطاع غير النفطي.
ويشدد على أن الزيادة في إنتاج المحروقات ستدعم النمو، غير أنه يؤكد على أن بالنظر إلى كثافة رأس المال المكثفة للقطاع، لن يكون له إلا تأثير قليل على التوظيف.
تضخم وتدهور القدرة الشرائية
ويترقب البنك تدهور عجز الميزانية والحساب الجاري تدريجيا مع التراجع المتوقع في عائدات النفط، في الوقت نفسه، سيظل التضخم مرتفعا، مما يزيد من تآكل القدرة الشرائية للأسر.
ولاحظ أن أن المحصول الزراعي المخيب و مجهود عقلنة الدعم وتراجع قيمة العملة الوطنية، يساهم في ارتفاع التضخم، ففي أكتوبر ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 9,1 في المائة، وهو أعلى مستوى منذ 2012.
ويشير إلى الارتفاع القوي للتضخم أثر على القدرة الشرائية للفئات الأكثر هشاشة من الساكنة، بالنظر لوزن المنتجات الغذائية في سلة الاستهلاك.
ويؤكد التقرير على أن الاعتماد الكامل على عائدات النفط والغاز، وظهور متغيرات جديدة من كوفيد ووتيرة جهود الإصلاح، تمثل المصادر الرئيسية للمخاطر التي تهدد الآفاق الاقتصادية.
فقر .. انخفاض وفجوات
يسجل التقرير انخفاضا في مؤشر الفقر متعدد الأبعاد في الجزائر بين 2013 و2019، غير أنه يعتبر أنه رغم التحسينات الملحوظة، لا تزال هناك فجوات كبيرة، حيث يختلف الفقر متعدد الأبعاد اختلافا كبيرا من منطقة إلى أخرى وبين المناطق الريفية والحضرية.
ويوضح أن المناطق الشمالية تواجه مستويات أقل من الحرمان مقارنة بأي مكان آخر، في حين أن منطقة الهضاب العليا الوسطى لديها مستويات أعلى، ومع ذلك عرفت أفقر المناطق تحسنا أسرع في تلك الفترة، مما أظهر تقاربا معتدلا مع المناطق الميسورة.